يعتبر الحب واسطة العقد والرحمة في العالم الإنساني، فهي الصفة التي ميز الله بها الإنسان
عن باقي خلقه بأن جعلهم قادرين على التناغم فيما بينهم ليكنونوا جنسا متناغما قادرا على
الوصول إلى أعلى درجات التوافق فيما بينهم.
الحب كلمة صغيرة بسيطة لا تحتوي أكثر من حرفين، ولكنه سر الوجود الإنساني وهو الصواب
المتراكم على قلوبنا فيهدينا سبيل الرشاد ويقدم لنا الحل الدائم ليتمم الحياة بكافة ألوانها، ويتميز
الحب إلى كثير من التصنيفات والدوائر، فمنها ما كان الأشد والأقوى وهي حب الله لعباده
وخلقه وحبهم له فهي الأقصى والأعلى والأسمى شرفا، فهو السر الكامن في وجود هذا الكون
العظيم، فقد خلقه الله بجزء الرحمة الأعلى وأوجده بإبداع عجز عن فهمه خلق كثير إلى
يومنا هذا، ثم يتدرج الحب فيكون حب الوالد لولده وحب الأم لولدها فكان من الحب
الثاني سموا وعلوا في هذا الكون العظيم، فهي التي تحملت ولا يكون لها أن تبغض
أو تخذل ابنها ولا والده كذلك فهو حب فطري فطر الله الناس عليه.
كذلك من الحب الذي انتشر صيته بين الناس حب الرجل لزوجه وحبها له فإنه حب
لطيف السيرة حسن البقاء يقوم على مود ورحمة بينهما تتسامى يوما بعد يوم، فهي تقدم
له قلبها وعقلها وجسدها وهو يفعل المثل بتواضع وتحمل لكل ما ظهر من السوء، ومتفاعلين
في الخير والسعادة يقدمان للدنيا أسرة متماسكة ينبني عليها مجتمع بأكمله، فإن كان الحب صوابا
صحيحا وقلوب متآلفة فهو مجتمع سليم متماسك قادر على إصلاح الكثير في المجتمع.
فعليا الحب عبارة عن شجرة يتكون جذرها الذي يغذيها من الوفاء والأمانة والراحة للمحبوب، يليه
ساق الإهتمام والرعاية والحنان، ثم أغصان المودة والرحمة التي تفيء على الأوراق وهي الثقة في
البيت، والأمان والراحة والإطمئنان والعشق وكل تعابيره في تلك الأوراق والكلمات الجميلة، فالأوراق لا تستطيع
العيش بدون تلك الأطراف من الجذر والساق والأغصان، فإن لم تتوافر العناصر السابقة فإن الورق
سيذبل ولن يكون له أي معنى طالما أن الغذاء الذي سيصله غير كاف، وهو ما
وصل إليه كثير من الناس للأسف مما أرداهم في حالة من عدم الثقة والشك الذي
يقتل تلك العلاقة الجميلة بين طرفين، ولذلك فإن على أي محب أو محبة البدء دائما
في تعزيز أواصر شجرة الحب من البداية فيبدأون بغرس جذر سليم قادر على مواجهة الصعاب
والحياة القاسية لينمو ساق سليم، يتبعه نمو متوازن للأغصان التي ستحمل كل تلك المعاني الجميلة
والمشاعر التي يستعجلون دائما الحصول عليها، ولا يخفى على الجميع تلك الثمرات التي تنتج من
الشجر السليم، فالشحر العفن لا يخرج ثمرا وهو الزواج والأبناء والعيش الطويل ومداد الحياة بين
الطرفين.
يعتبر آخر أنواع الحب هو النوع الأخطر الذي بدا في بلادنا يأخذ مناحي سيئة تجعل
من كلمة الحب مرفوضة لدى الكثيرين، لكن يبقى الحب رسالة الله في الأرض، ولا تمثل
أولئك الصيادين من الذكور أو الإناث.