مقدمة
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات
اعمالنا ، انه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له
، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ، واشهد ان محمدا
عبده ورسوله .
ياايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون .
ياايها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما
رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا
.
ياايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم
ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما .
اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد وشر الامور
محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة فى النار .اما
بعد فان اصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الامور
محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة فى النار .
بين يديك اخى فى الله كتاب قد حوى بين دفتيه كلمات موجزات فى بيان السبيل
الذى شرعه الله تعالى لحفظ الانساب وعمارة الكون (الزواج) ذلك السبيل الذى شرعه تعالى لعباده
لاشباع الغريزة الجنسية ولحفظ الانساب ، فالحمد لله تعالى ان جعل من شرعه تعالى الزواج
ليكون سبيلا لعمارة الكون ، بل ولقضاء شهوته وله فى كل هذا الاجر .
فالزواج سكن ، حرث الاسلام ، احصان للجوارح ، طريق العفة ، متاع للحياة ،
اية من ايات الله كما اخبر فى كتابه العزيز COLOR=”DarkGreen”]: (ومن اياته ان خلق
لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان فى ذلك لايات لقوم
يتفكرون) (الروم : 20) .[/COLOR] فهى كلمة اهمس بها فى اذن كل شاب وفتاة يتطلع
الى بناء الاسرة الاسلامية السعيدة ، التى تتخذ من كتاب ربها وسنة رسولها منهجا
وسبيلا ، والى كل عروسين تبدا بهما مركب الحياة فى السير نحو الاخرة ، فهو
الى الشباب بحديث الشباب .
واول خبث الماء خبث ترابه
واول خبث القوم خبث المناكح
ولقد قسمت الكتاب الى قسمين : حاولت فى القسم الاول من الكتاب ان ابين لكل
شاب قد تاهب للزواج ما هو الطريق والسبيل الذى يجب عليه ان يسلكه عند اختياره
لزوجة المستقبل ، ولكل فتاة قد تقدم لخطبتها زوج المستقبل ، ما هى المعايير التى
وضعها الاسلام فى اختيار الزوجة والزوج ، فهذه اهم خطوات الرجل والفتاة فى حياتهما ،
وهى المركب الى سيعتليها الرجل والمراة فى بحر الحياة المتلاطم الامواج ، فلينظر كل الى
صاحب المجداف الاخر .
ثم ما هى الخطوات التى وضعها الاسلام للخطبة والزواج ، وما يستتبع هذا العقد والميثاق
الغليظ كما سماه تعالى : (واخذن منكم ميثاقا غليظا) (النساء : 21)
هذا الميثاق الذى سيربط الطرفين برباط الود والحب الى يوم القيامة ، ثم تحدثت عن
ليلة الزفاف وما على الرجل والمراة فيها من اداب .
يستعرض الكتاب تلك الرحلة الشباب المباركة التى يقطعها الشاب المسلم بحثا عن الزوجة المثالية التى
تشاركه عمره فى طاعة الله ، فيستعرض الكتاب مراحل تلك الرحلة بداية من بيان المواصفات
والاسس التى وضعها الاسلام لاختيار الزوجة الصالحة ،
ثم ما هى المواصفات التى على الزوج التحلى بها من كتاب الله تعالى وسنة رسوله
.
ثم يستعرض الكتاب بعض ما يعن ويعرض للخاطب من مسائل تتعلق بالخطبة واحكامها ، والصداق
والكفاءة ، وغير ذلك من المسائل نحو : الرؤية الشرعية واحكامها .
ماذا يحل للخاطب من خطيبته .
ماذا يحل للخاطب بعد عقد النكاح .
هل للخاطب ان ينفق على مخطوبته وهى لم تزل فى بيت ابيها .
حل الذهب المحلق للنساء .
احكام الزفاف : مكان العقد ، الولى ، اركان العقد وشروطه ، الدعاء للعروسين ،
الوليمة ، الى غير ذلك .
بحث فى احكام الخلع .
بحث فى احكام الزواج العرفى .
وصايا للبيت السعيد .
حق الزوجة .
حق الزوج .
سلوكيات للزوجين .
ثم يتعرض الكتاب لاحكام الجماع ومسائله ، ومنها : احكام الجماع وكيفية بدء ليلة الزفاف
.
تحريم جماع الدبر والحيض .
علاج سرعة القذف .
الاعشاب والادوية التى تزيد فى الباه .
فوائد الجنس ومضاره .
حكم العزل .
علاج الربط ليلة الزفاف .
فالله اسال عن يكون عملى صوابا وخالصا لوجهه الكريم ، وان كان ما سطرته صوابا
فمن الله وحده ، وان كان ثم خطا فمنى والشيطان ، والله ورسوله برئ منه
.
مجدى بن منصور بن سيد الشورى
كلمة شكر
واتباعا لقوله : “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” (1) اتقدم بكلمة شكر
للاستاذ : محمود مهدى الاستانبولى ، لسبقه بالتاليف فى هذا الموضوع الطيب بكتابه القيم “تحفة
العروس” والذى جمع صنوفا من العلم لا يجحدها الا كل مكابر ، والذى يعد مرجعا
هاما لكل شاب وفتاة يقدم على الزواج .
ولقد زدت فى كتابى هذا بعض المسائل التى لم يتعرض لها او زيادة تفصيلها وبيانها
لها حفظه الله تعالى ،
كمسالة الخلع ، والزواج العرفى ، وحكم العزل ، وحل الذهب المحلق ، وقضية الربط
ليلة الزفاف ، وفوائد الجنس ومضاره ، والختان ، وغير هذا مما سيمر بك ان
شاء الله تعالى .
الا ان الكتاب يعد مرجعا هاما لكل من جاء بعده وصنف كتابا على نفس الوتيرة
وان لم يسند الامر لاهله فجزاه الله عنا كل خير وجمعنا الله واياه تحت لواء
نبينا محمد ، امين .
الترغيب فى الزواج :
قال تعالى : (وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله
من فضله والله واسع عليم) (النور : 32) وقال تعالى : (هو الذى خلقكم من
نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها) (الاعراف : 189) وقال تعالى : ياايها الناس
اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء
واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا (النساء : 1) ،
وقال تعالى : (ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم
مودة ورحمة ان فى ذلك لايات لقوم يتفكرون) (الروم : 21) ، وقال تعالى :
(والله جعل لكم من انفسكم ازواجا وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات)
(النحل : 72).
وكان وهو من كان القران خلقه يحث على الزواج ويرغب فيه ، رولا البخارى
عن عبد الرحمن بن يزيد قال : “دخلت مع علقمة والاسود على عبدالله فقال عبدالله
كنا مع النبي شبابا لا نجد شيئا ، فقال لنا رسول الله :
يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع
فعليه بالصوم فانه له وجاء ” (1) .
قوله الباءة : بالهمز وتاء تانيث ممدود وفيها لغة اخرى بغير همز ولا مد
وقد يهمز ويمد بلا هاء ويقال لها ايضا الباهة كالاول لكن بهاء بدل الهمزة وقيل
بالمد: القدرة على مؤن النكاح ، وبالقصر الوطء ، قال الخطابى : المراد بالباءة النكاح
واصله الموضع الذى يتبوؤه وياوى اليه ، وقال المازرى : اشتق العقد على المراة من
اصل الباءة لان من شان من يتزوج المراة ان يبوءها منزلا ، وقال النووى :
اختلف العلماء فى المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان الى معنى واحد اصحهما ان المراد
معناها اللغوى وهو الجماع ، فتقديره : من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه وهى
مؤن النكاح فليتزوج ، ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته
ويقطع شر منيه كما يقطع الوجاء ، وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشباب الذين
هم مظنة شهوة النساء ولا ينفكون عنها غالبا .
والقول الثانى :
ان المراد هنا بالباءة مؤن النكاح سميت باسم ما يلازمها،وتقديره : من استطاع منكم مؤن
النكاح فليتزوج ومن لم يستطع فليصم لدفع شهوته والذى حمل القائلين بهذا على ما قالوه
.
قوله : “ومن لم يستطع فعليه بالصوم” قالوا : والعاجز عن الجماع لا يحتاج
الى الصوم لدفع الشهوة فوجب تاويل الباءة على المؤن ، وانفصل القائلون بالاول عن ذلك
بالتقدير المذكور ، اه .
والتعليل المذكور للبازرى ، واجاب عنه عياض بانه لا يبعد ان تختلف الاستطاعتان فيكون المراد
بقوله : “من استطاع الباءة” اى بلغ الجماع وقدر عليه فليتزوج ويكون قوله
: “ومن لم يستطع” اى من لم يقدر على التزويج .
قوله : فليتزوج : زاد (1) فى “كتاب الصيام” من طريق ابى حمزة عن
الاعمش هنا “فانه اغض للبصر واحصن للفرج” .
وقوله : “اغض” : اى اشد غضا ، “واحصن” اى اشد احصانا له ومنعا من
الوقوع فى الفاحشة .
قوله : “فانه له وجاء اى حصن .
واستنبط القرافى من قوله : “فانه له وجاء” ان التشريك فى العبادة لا يقدح فيها
بخلاف الرياء لانه امر بالصوم الذى هو قربه وهو بهذا القصد صحيح مثاب عليه ومع
ذلك فارشد اليه لتحصيل غض البصر وكف الفرج عن الوقوع فى المحرم ، اه (1)
.
وفى الصحيحين عنه عن النبى قال : “تنكح المراة لاربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها
فاظفر بذات الدين تربت يداك ” (2) .
وعن انس : “ان نفرا من اصحاب النبي سالوا ازواج النبي عن
عمله في السر ، فقال بعضهم : لا اتزوج النساء ، وقال بعضهم : لا
اكل اللحم ، وقال بعضهم : لا انام على فراش ، فحمد الله واثنى عليه
فقال : ما بال اقوام قالوا كذا وكذا ، لكنى اصلى وانام واصوم وافطر واتزوج
النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى” (3) ، وفى سنن ابن ماجة من حديث
ابن عباس يرفعه قال : “لم نر للمتحابين مثل النكاح” (4) .
وفى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر قال : قال رسول : “الدنيا
متاع وخير متاع الدنيا المراة الصالحة” (5) .
وكان يحرض امته على نكاح الابكار الحسان وذوات الدين ففى سنن النسائى عن ابى
هريرة قال : “التي تسره اذا نظر وتطيعه اذا امر ولا تخالفه في نفسها
ومالها بما يكره” (6) .
وقال : “عليكم بالابكار فانهن اعذب افواها وانتق ارحاما وارضى باليسير” (1) ، ولما
تزوج جابر ثيبا قال له : “الا تزوجتها بكرا تلاعبك وتلاعبها وتضاحكك وتضاحكها” (2)
.وكان يحث على نكاح الولود ويكره المراة التى لا تلد كما فى سنن ابى
داود عن معقل بن يسار : “جاء رجل الى رسول الله فقال اني اصبت
امراة ذات حسب ومنصب الا انها لا تلد افاتزوجها ؟ فنهاه ، ثم اتاه الثانية
فنهاه ، ثم اتاه الثالثة فنهاه، فقال : تزوجوا الولود الودود فاني مكاثر بكم (3)”
(4) .
وقال : “تخيروا لنطفكم وانكحوا الاكفاء وانكحوا اليهم” (5) .
وقيل :
واول خبث الماء خبث ترابه واول خبث القوم خبث المناكح
الزواج من سنن المرسلين :
والزواج من سنن المرسلين كما اخبر تعالى فى كتابه العزيز : (ولقد ارسلنا رسلا من
قبلك وجعلنا لهم ازواجا وذرية ) (الرعد : 38) ، وقال : “اربع من سنن
المرسلين التعطر والنكاح والسواك والحياء” (1) .
وبشر طالب العفاف بعون الله تعالى ، فقال : “ثلاثة حق على الله عونهم
المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الاداء والناكح الذي يريد العفاف ” (2) .
وعن عبد الله بن مسعود قال : “التمسوا الغنى فى النكاح ، يقول الله
: (ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (3) .
وكان هديه فيه “اكمل هدى يحفظ به الصحة وتتم به اللذة وسرور النفس ويحصل
به مقاصده التى وضع لاجلها ، فان الجماع وضع فى الاصل لثلاثة امور هى مقاصده
الاصلية :
احدها : حفظ النسل ودوام النوع الى ان تتكامل العدة التى قدر الله بروزها الى
هذا العالم .
الثانى : اخراج الماء الذى يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن .
الثالث : قضاء الوطر ونيل اللذة والتمتع بالنعمة وهذه وحدها هى الفائدة التى فى الجنة
اذ لا تناسل هناك ولا احتقان يستفرغه الانزال .
وفضلاء الاطباء يرون ان الجماع من احد اسباب حفظ الصحة ، قال جالينوس : الغالب
على جوهر المنى النار والهواء ومزاجه حار رطب لان كونه من الدم الصافى الذى تغتذى
به الاعضاء الاصلية ، واذا ثبت فضل المنى فاعلم انه لا ينبغى اخراجه الا فى
طلب النسل او اخراج المحتقن منه فانه اذا دام احتقانه احدث امراضا رديئة منها الوسواس
والجنون والصرع وغير ذلك وقد يبرىء استعماله من هذه الامراض كثيرا فانه اذا طال احتباسه
فسد واستحال الى كيفية سمية توجب امراضا رديئة كما ذكرنا ولذلك تدفعه الطبيعة بالاحتلام اذا
كثر عندها من غير جماع .
وقال بعض السلف : ينبغى للرجل ان يتعاهد من نفسه ثلاثا : ان لا يدع
المشى فان احتاج اليه يوما قدر عليه ، وينبغى ان لا يدع الاكل فان امعاءه
تضيق ، وينبغى ان لا يدع الجماع فان البئر اذا لم تنزح ذهب ماؤها ،
وقال محمد بن زكريا : من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت قوى اعصابه وانسدت مجاريها
وتقلص ذكره ، قال : ورايت جماعة تركوه لنوع من التقشف فبردت ابدانهم وعسرت حركاتهم
ووقعت عليهم كابة بلا سبب وقلت شهواتهم وهضمهم . اه .
ومن منافعه غض البصر وكف النفس والقدرة على العفة عن الحرام وتحصيل ذلك للمراة فهو
ينفع نفسه فى دنياه واخراه وينفع المراة لذلك كان يتعاهده ويحبه ويقول : “حبب الي
من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة” (1) .
التحذير من الزنا :
والزواج حصن واقى بين العبد وبين الوقوع فى الزنا ، وهو من اعظم الكبائر ،
وقد حذر تعالى من الزنا ومفسدته ، فانه “لما كانت مفسدة الزنا من اعظم المفاسد
وهى منافية لمصلحة نظام العالم فى حفظ الانساب وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقى ما يوقع
اعظم العداوة والبغضاء بين الناس من افساد كل منهم امراة صاحبه وبنته واخته وامه ،
وفى ذلك خراب العالم كانت تلى مفسدة القتل فى الكبر ولهذا قرنها الله سبحانه بها
فى كتابه ورسوله فى سننه كما تقدم ،
قال الامام احمد : ولا اعلم بعد قتل النفس شيئا اعظم من الزناء ، وقد
اكد سبحانه حرمته بقوله : (والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس
التى حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما) (الفرقان : 68)
الاية ، فقرن الزناء بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود فى النار فى العذاب
المضاعف المهين ما لم يرفع العبد وجب ذلك بالتوبة والايمان والعمل الصالح .
وقد قال تعالى : (ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلا) (الاسراء : 32)
فاخبر عن فحشه فى نفسه وهو القبيح الذى قد تناهى قبحه حتى استقر فحشه فى
العقول حتى عند كثير من الحيوانات كما ذكر البخارى فى صحيحه عن عمرو بن ميمون
الاودى قال : “رايت فى الجاهلية قردا زنا بقردة فاجتمع القرود عليهما فرجموها حتى ماتا”
(1) ، ثم اخبر عن غايته بانه ساء سبيلا فانه سبيل هلكة وبوار وافتقار فى
الدنيا وسبيل عذاب فى الاخرة وخزى ونكال ولما كان نكاح ازواج الاباء من اقبحه خصه
بمزيد ذم فقال انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا وعلق سبحانه فلاح العبد على حفظ
فرجه منه فلا سبيل له الى الفلاح بدونه فقال : (قد افلح المؤمنون الذين هم
فى صلاتهم خاشعون) الى قوله : (فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون) (المؤمنون :
1-7) وهذا يتضمن ثلاثة امور من لم يحفظ فرجه يكن من المفلحين وانه من الملومين
ومن العادين ففاته الفلاح واستحق اسم العدوان ووقع فى اللوم فمقاساة الم الشهوة ومعاناتها ايشر
من بعض ذلك ونظير هذا انه ذم الانسان وانه خلق هلوعا لا يصبر على شر
ولا خير بل اذا مسه الخير منع وبخل واذا مسه الشر جزع الا من استثناه
بعد ذلك من الناجين من خلقه فذكر منهم : (والذين هم لفروجهم حافظون (5) الا
على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين (6) فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك
هم العادون) (المؤمنون : 5-7) وامر الله تعالى نبيه ان يامر المؤمنين بغض ابصارهم وحفظ
فروجهم وان يعلمهم انه مشاهد لاعمالهم مطلع عليها يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور ولما
كان مبدا ذلك من قبل البصر جعل الامر بغضه مقدما على حفظ الفرج فان الحوادث
مبداها من النظر كما ان معظم النار مبداها من مستصغر الشرر ثم تكون نظرة ثم
تكون خطرة ثم خطوة ثم خطيئة ، ولهذا قيل : من حفظ هذه الاربعة احرز
دينه : اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات ، فينبغى للعبد ان يكون بواب نفسه على هذه
الابواب الاربعة ويلازم الرباط على ثغورها فمنها يدخل عليه العدو فيجوس خلال الديار ويتبر ما
علوا تتبيرا (1) .
فالزواج هو الدرع والوجاء بين العبد وبين الوقوع فى الزنا والعياذ بالله تعالى ، والزواج
احد السبل التى تعين على شرع الله تعالى كما قال تعالى : (هو الذى خلقكم
من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها) (الاعراف : 189) ، وقال : (ومن
اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان فى
ذلك لايات لقوم يتفكرون) (الروم : 21) .
محبة الزوجة تعين على طاعة الله تعالى :
فاما محبة الزوجة وما ملكت يمين الرجل فانها معينة على ما شرع الله سبحانه له
من النكاح وملك اليمين من اعفاف الرجل نفسه واهله فلا تطمح نفسه الى سواها من
الحرام ويعفها فلا تطمح نفسها الى غيره وكلما كانت المحبة بين الزوجين اتم واقوى كان
هذا المقصود اتم واكمل قال تعالى : (هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها
زوجها ليسكن اليها) (الاعراف : 189) ، وقال : (ومن اياته ان خلق لكم من
انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان فى ذلك لايات لقوم يتفكرون) (
الروم : 21) وفى الصحيح عنه : “انه سئل من احب الناس اليك فقال
: عائشة” (1) ، ولهذا كان مسروق رحمه الله يقول : اذا حدث عنها :
حدثتنى الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله المبراة من فوق سبع سموات .
وصح عنه انه قال : “حبب الي من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عيني
في الصلاة” (2) .
فلا عيب على الرجل فى محبته لاهله وعشقه لها ، الا اذا شغله ذلك عن
محبة ما هو انفع له من محبة الله ورسوله ، وزاحم حبه وحب رسوله فان
كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله بحيث تضعفها وتنقصها فهى مذمومة ، وان اعانت على
محبة الله ورسوله وكانت من اسباب قوتها فهى محمودة ، ولذلك كان رسول الله يحب
الشراب البارد الحلو ويحب الحلواء والعسل ويحب الخيل ، وكان احب الثياب اليه القميص ،
وكان يحب الدباء فهذه المحبة لا تزاحم محبة الله بل قد تجمع الهم والقلب على
التفرغ لمحبة الله ، فهذه محبة طبيعية تتبع نية صاحبها وقصده بفعل ما يحبه .
فان نوى به القوة على امر الله تعالى وطاعته كانت قربة ، وان فعل ذلك
بحكم الطبع والميل المجرد لم يثب ولم يعاقب ، وان فاته درجة من فعله متقربا
به الى الله (3) .
ويجدر بنا هنا ذكر ازواج النبى : اولاهن : خديجة بنت خويلد القرشية الاسدية تزوجها
قبل النبوة ولها اربعون سنة ولم يتزوج عليها حتى ماتت واولاده كلهم منها الا ابراهيم
، وهى التى ازرته على النبوة وجاهدت معه وواسته بنفسها ومالها وارسل الله اليها السلام
مع جبريل وهذه خاصة لا تعرف لامراة سواها وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين .
ثم تزوج بعد موتها بايام سودة بنت زمعة القرشية وهى التى وهبت يومها لعائشة .
ثم تزوج بعدها ام عبدالله عائشة الصديقة بنت الصديق المبراة من فوق سبع سماوات حبيبة
رسول الله عائشة بنت ابى بكر الصديق وعرضها عليه الملك قبل نكاحها فى سرقة
من حرير وقال : “هذه زوجتك” (1) تزوج بها فى شوال وعمرها ست سنين وبنى
بها فى شوال فى السنة الاولى من الهجرة وعمرها تسع سنين (2) ولم يتزوج بكرا
غيرها وما نزل عليه الوحى فى لحاف امراة غيرها ، وكانت احب الخلق اليه ،
ونزل عذرها من السماء ، واتفقت الامة على كفر قاذفها ، وهى افقه نسائه واعلمهن
بل افقه نساء الامة واعلمهن على الاطلاق ، وكان الاكابر من اصحاب النبى يرجعون الى
قولها ويستفتونها وقيل انها اسقطت من النبى سقطا ولم يثبت .
ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب وذكر ابو داود انه طلقها ثم راجعها .
ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث القيسية من بنى هلال بن عامر وتوفيت عنده
بعد ضمه لها بشهرين .
ثم تزوج ام سلمة هند بنت ابى امية القرشية المخزومية واسم ابى امية حذيفة بن
المغيرة وهى اخر نسائه موتا وقيل اخرهن موتا صفية .
ثم تزوج زينب بنت جحش من بنى اسد بن خزيمة وهى ابنة عمته اميمة وفيها
نزل قوله تعالى : (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) (الاحزاب : 37) .
ومن خواصها ان الله سبحانه وتعالى كان هو وليها الذى زوجها لرسوله من فوق سماواته
وتوفيت فى اول خلافة عمر بن الخطاب وكانت اولا عند زيد بن حارثة وكان رسول
الله تبناه فلما طلقها زيد زوجه الله تعالى اياها لتتاسى به امته فى نكاح
ازواج من تبنوه .
وتزوج جويرية بنت الحارث بن ابى ضرار المصطلقية وكانت من سبايا بنى المصطلق فجاءته
تستعين به على كتابتها فادى عنها كتابتها وتزوجها .
ثم تزوج ام حبيبة واسمها رملة بنت ابى سفيان صخر بن حرب القرشية الاموية وقيل
اسمها هند تزوجها وهى ببلاد الحبشة مهاجرة واصدقها عنه النجاشى اربعمائة دينار وسيقت اليه من
هناك وماتت فى ايام اخيها معاوية هذا هو المعروف المتواتر عند اهل السير والتواريخ وهو
عندهم بمنزلة نكاحه لخديجة بمكة ولحفصة بالمدينة ولصفية بعد خيبر .
وتزوج صفية بنت حيى بن اخطب سيد بنى النضير من ولد هارون ابن عمران
اخى موسى فهى ابنة نبى وزوجة نبى وكانت من اجمل نساء العالمين وكانت قد صارت
له من الصفى امة فاعتقها وجعل عتقها صداقها فصار ذلك سنة للامة الى يوم القيامة
ان يعتق الرجل امته ويجعل عتقها صداقها فتصير زوجته بذلك فاذا قال اعتقت امتى وجعلت
عتقها صداقها او قال جعلت عتق امتى صداقها صح العتق والنكاح وصارت زوجته من غير
احتياج الى تحديد عقد ولا ولى وهو ظاهر مذهب احمد وكثير من اهل الحديث .
وقالت طائفة هذا خاص بالنبى وهو مما خصه الله به فى النكاح دون الامة
وهذا قول الائمة الثلاثة ومن وافقهم والصحيح القول الاول لان الاصل عدم الاختصاص حتى يقوم
عليه دليل والله سبحانه لما خصه بنكاح الموهوبة له قال فيها : (خالصة لك من
دون المؤمنين) (الاحزاب : 50) ، ولم يقل هذا فى المعتقة ولا قاله رسول الله
ليقطع تاسى الامة به فى ذلك فالله سبحانه اباح له نكاح امراة من تبناه
لئلا يكون على الامة حرج فى نكاح ازواج من تبنوه فدل على انه اذا نكح
نكاحا فلامته التاسى به فيه ما لم يات عن الله ورسوله نص بالاختصاص وقطع لتاسى
وهذا ظاهر .
ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية وهى اخر من تزوج بها تزوجها بمكة فى عمرة
القضاء بعد ان حل منها على الصحيح وقيل قبل احلاله هذا قول ابن عباس ووهم
فان السفير بينهما بالنكاح اعلم الخلق بالقصة وهو ابو رافع وقد اخبر انه تزوجها حلالا
وقال كنت انا السفير بينهما وابن عباس اذ ذاك له نحو العشر سنين او فوقها
وكان غائبا عن القصة لم يحضرها وابو رافع رجل بالغ وعلى يده دارت القصة وهو
اعلم بها ولا يخفى ان مثل هذا الترجيح موجب للتقديم وماتت فى ايام معاوية وقبرها
ب “سرف” .
قيل ومن ازواجه ريحانة بنت زيد النضرية وقيل القرظية سبيت يوم بنى قريظة فكانت صفى
رسول الله فاعتقها وتزوجها ثم طلقها تطليقة ثم راجعها .
وقالت طائفة بل كانت امته وكان يطؤها بملك اليمين حتى توفى عنها فهى معدودة فى
السرارى لا فى الزوجات والقول الاول اختيار الواقدى ووافقه عليه شرف الدين الدمياطى ، وقال
: هو الاثبت عند اهل العلم وفيما قاله نظر فان المعروف انها من سراريه وامائه
، والله اعلم .
فهؤلاء نساؤه المعروفات اللاتى دخل بهن واما من خطبها ولم يتزوجها ومن وهبت نفسها له
ولم يتزوجها فنحو اربع او خمس ، وقال بعضهم هن ثلاثون امراة واهل العلم بسيرته
واحواله لا يعرفون هذا بل ينكرونه ، والمعروف عندهم انه بعث الى الجونية ليتزوجها
فدخل عليها ليخطبها فاستعاذت منه فاعاذها ولم يتزوجها وكذلك الكلبية وكذلك التى راى بكشحها بياضا
فلم يدخل بها والتى وهبت نفسها له فزوجها غيره على سور من القران هذا هو
المحفوظ ، والله اعلم .
ولا خلاف انه توفى عن تسع وكان يقسم منهن لثمان عائشة وحفصة وزينب بنت
جحش وام سلمة وصفية وام حبيبة وميمونة وسودة وجويرية .
واول نسائه لحوقا به بعد وفاته زينب بنت جحش سنة عشرين واخرهن موتا ام
سلمة سنة اثنتين وستين فى خلافة يزيد ، والله اعلم .
اما سراريه :
فقال ابو عبيدة : كان له اربع : مارية وهى ام ولده ابراهيم وريحانة وجارية
اخرى جميلة اصابها فى بعض السبى وجارية وهبتها له زينب بنت جحش (1) .
الزواج فى الجاهلية :وكان الزواج فى الجاهلية على اربعة اوجه :
فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل الى الرجل وليته او ابنته فيصدقها ثم ينكحها
.
ونكاح اخر : كان الرجل يقول لامراته اذا طهرت من طمثها ارسلى الى فلان فاستبضعى
(2) منه ، ويعتزلها زوجها ولا يمسها ابدا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذى
تستبضع منه فاذا تبين حملها اصابها زوجها اذا احب وانما يفعل ذلك رغبة فى نجابة
الولد فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع .
ونكاح اخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المراة كلهم يصيبها فاذا حملت ووضعت
ومر عليها ليال بعد ان تضع حملها ارسلت اليهم فلم يستطع رجل منهم ان يمتنع
حتى يجتمعوا عندها تقول لهم قد عرفتم الذى كان من امركم وقد ولدت فهو ابنك
يا فلان تسمى من احبت باسمه فيلحق به ولدها لا يستطيع ان يمتنع منه الرجل
.
والنكاح الرابع : يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المراة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا
كن ينصبن على ابوابهن رايات تكون علما فمن ارادهن دخل عليهن فاذا حملت احداهن ووضعت
حملها جمعوا لها ودعوا لهم القافة ثم الحقوا ولدها بالذى يرون فالتاط به ودعى ابنه
لا يمتنع من ذلك ، فلما بعث محمد بالحق هدم نكاح الجاهلية كله الا نكاح
الناس اليوم (1) .
اسس اختيار الزوجة :قال تعالى : (ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم) (البقرة :
221) ، وقال تعالى : (عسى ربه ان طلقكن ان يبدله ازواجا خيرا منكن مسلمات
مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وابكارا) (التحريم : 5) ، وقال تعالى : (ان
المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين
والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما) (الاحزاب
: 35) .
روى البخارى عن ابى هريرة عن النبى قال : “تنكح المراة لاربع لمالها ولحسبها
وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ” (2) .
قوله : تنكح المراة لاربع : اى لاجل اربع .
قوله : لمالها ولحسبها : الحسب فى الاصل الشرف بالاباء وبالاقارب ماخوذ من الحساب لانهم
كانوا اذا تفاخروا عدوا مناقبهم وماثر ابائهم وقومهم وحسبوها ، وقيل المراد بالحسب هنا الفعال
الحسنة .
ويؤخذ منه ان الشريف النسيب يستحب له ان يتزوج نسيبه الا ان تعارض نسيبه غير
دينة وغير نسيبة دينة فتقدم ذات الدين وهكذا فى كل الصفات ، واما قول بعض
الشافعية : “يستحب ان لا تكون المراة ذات قرابة قريبة” فان كان مستندا الى الخبر
فلا اصل له او الى التجربة وهو ان الغالب ان الولد بين القريبين يكون احمق
فهو متجه (1) .
قوله : وجمالها : يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة الا ان تعارض الجميلة الغير دينة
والغير جميلة الدينة نعم لو تساوتا فى الدين فالجميلة اولى ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات
ومن ذلك ان تكون خفيفة الصداق .
قوله : فاظفر بذات الدين ، فى حديث جابر : “فعليك بذات الدين” والمعنى ان
اللائق بذى الدين والمروءة ان يكون الدين مطمح نظره فى كل شئ لا سيما فيما
تطول صحبته فامره النبى بتحصيل صاحبة الدين الذى هو غاية البغية .
قوله : تربت يداك : اى لصقتا بالتراب ، وهى كناية عن الفقر وهو خبر
بمعنى الدعاء لكن لا يراد به حقيقته وبهذا جزم صاحب العمدة زاد غيره ان صدور
ذلك من النبى فى حق مسلم لا يستجاب لشرطه ذلك على ربه ، وحكى
بن العربى ان معناه استغنت ورد بان المعروف اترب اذا استغنى وترب اذا افتقر ووجه
بان الغنى الناشئ عن المال تراب لان جميع ما فى الدنيا تراب ولا يخفى بعده
وقيل معناه ضعف عقلك وقيل افتقرت من العلم وقيل فيه تقدير شرط اى وقع لك
ذلك ان لم تفعل ورجحه بن العربى وقيل معنى افتقرت خابت (2) .
فاول الشروط واهمها التى يجب ان تتوفر فى الزوجة : الدين ،كما قال تعالى :
(ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ) (البقرة : 221) ولقوله تعالى : (والطيبات
للطيبين والطيبون للطيبات ( (النور : 26) ، وقوله تعالى : (قانتات حافظات للغيب بما
حفظ الله) (النساء: 35) ، فانها ان كانت على دين رجوت منها الخير ، واول
مظاهر تدين المراة “الصلاة” ، وهى الصلة بين العبد وربه ، فان كانت على صلة
طيبة بينها وبين ربها رجوت منها ان تكون على صلة طيبة بينك وبينها ولله المثل
الاعلى فمن فرطت فى امر ربها وحقه لا عيب عليها ان فرطت فى امر وحق
زوجها !! ، ومن رضى ان تكون زوجته مفرطة فى امر ربها وفرضه فلا يلومن
الا نفسه ان هى فرطت فى حقه ولم تحافظ على بيته .
واذا كانت الزوجة ذات دين فهى على خلق ، وهذا بديهى ، فالدين الاسلامى وهو
دين الوسطية من يعتنقه يكون بين الافراط والتفريط ، فلا هى مفرطة فى تدينها ولا
هى مفرطة فى دينها ، وتراها وقد تخلقت بخلق القران الكريم ، من حجاب ومعاملات
وحديث وغير هذا مما فرضه القران الكريم على المراة .
واذا انضم الى الدين الجمال فبها ونعمت ، وقد رغب النبى فى الجمال فقال :
“ان الله جميل يحب الجمال” (1) ، وقوله وقد سئل : “اى النساء خير ؟
قال : “التي تسره اذا نظر وتطيعه اذا امر ولا تخالفه في نفسها ومالها بما
يكره” (2) ، والمراة المتدينة الجميلة نور على نور ، وان كانت ذات مال وحسب
فقد جمعت من صفات الخير الكثير .
ومن الصفات المطلوبة فى الزوجة ان تكون ودودا ولودا ، كما قال : ” تزوجوا
الولود الودود فاني مكاثر بكم” (3) .
ومنها ايضا : ان تكون ذات عطف وحنان لقوله : “خير نساء ركبن الابل احناه
على طفل وارعاه على زوج في ذات يده” (1) .
ان تكون بكرا : لقوله لجابر : “الا تزوجتها بكرا تلاعبك وتلاعبها وتضاحكك وتضاحكها”
(2) .
وصح عن ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها وعن ابيها انها قالت يوما لرسول الله
وهى تشير الى زواجه منها ، وهى البكر التى لم يتزوج رسول الله غيرها
بكرا : “ارايت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد اكل منها ووجدت شجرا لم يؤكل
منها في ايها كنت ترتع بعيرك قال في الذي لم يرتع منها تعني ان رسول
الله لم يتزوج بكرا غيرها” (3) .
فان كانت هناك قرينة تدعو الى نكاح الثيب فبها ونعمت .
ومن طريف ما روى فى الفرق بين الثيب والبكر ان جارية عرضت على الخليفة المتوكل
فقال لها : ابكر انت ام ايش ؟ قال : ايش يا امير المؤمنين !
.
واشترى احدهم جارية فسالها : ما احسبك الا بكرا ! فقالت له : لقد كثرت
الفتوح فى زمان الواثق ! .
وقال احدهم لجارية : ابكر انت ؟ قالت : نعوذ بالله من الكساد (تعنى الثيوبة)
! .
وعرضت على احدهم جاريتان بكر وثيب فمال الى البكر ، فقالت الثيب : اما رغبت
فيها وما بينى وبينها الا يوم تعنى انها ليلة بين البكر وكونها تكون ثيب فقال
لها : (وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون) (الحج : 47) .
ان تكون ممن تربى على مائدة القران والسنة ، لا ممن تربى على مائدة الشرق
والغرب ، التى تجرى وتلهث خلف كل ما هو جديد فى عالم الموضة والازياء والمناكير
، ودنيا “الكاسيت” والمطربين وتاخذ سنتها وقدوتها من المطربين والمطربات والراقصين والراقصات والممثلين والممثلات ،
فالحذر اخى من الاقتران بفتاة لم تختمر بخمار ربها ، وقدمت عليه خمار اهل الفن
والدعارة والمجون فعراها ولم يسترها ، وجعلها سلعة معروضة لكل ذى عينين لينظرها ، وشفتين
ليحدثها ويمازحها ويهاتفها ، ويدين فى الطريق والمواصلات يتحسسها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك
(1) .
ومن مواصفات الزوجة الصالحة ايضا من :
التى تحسن الاستماع الى زوجها وتعينه على طاعة الله ، الرقيقة الطيبة الحانية الزاهدة الستيرة
الراضية الرزينة الطاهرة العفيفة خفية الصوت الودودة الحليمة الرفيقة من ليست بالحنانة (1) او المنانة
(2) او الانانة (3) او النقارة او البراقة او الخداعة او الكذابة او الحداقة (4)
او الشداقة (5) او اللعوب او المتفاكهة او المتواكلة او الكسولة او المتهتكة او العاهرة
او العصبية او الخيالية او العنيدة او الساذجة ، ولا متمرضة ، ولا متشدقة ،
ولا تفرط فى زينتها ، ولا مهملة لنفسها وجمالها .
هذا ولا حرج فى عرض الرجل ابنته او اخته على من يرى فيه الصلاح ،
فقد عرض شعيب ابنته على موسى عليهما السلام كما اخبر تعالى عنه قوله : (قال
اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين) (القصص : 27) الاية .
وقد عرض الفاروق عمر ابنته حفصة للزواج بعدما مات زوجها ، كما روى البخارى
وغيره عن عمر بن الخطاب وقد تايمت ابنته يقول : “فلقيت عثمان بن عفان
فعرضت عليه حفصة فقلت ان شئت انكحتك حفصة بنت عمر ، قال سانظر في امري
، فلبثت ليالي ، فقال : قد بدا لي ان لا اتزوج يومي هذا ،
قال عمر : فلقيت ابا بكر فقلت : ان شئت انكحتك حفصة بنت عمر ،
فصمت ابو بكر فلم يرجع الي شيئا(6) ، فكنت عليه اوجد(7) مني على عثمان ،
فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله فانكحتها اياه ، فلقيني ابو بكر فقال :
لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم ارجع اليك ، قلت : نعم ،
قال : فانه لم يمنعني ان ارجع اليك فيما عرضت الا اني قد علمت ان
رسول الله قد ذكرها فلم اكن لافشي سر رسول الله ولو تركها لقبلتها”
(1) . ولم يزل هذا الامر منذ رسول الله ثم صحابته الكرام رضوان الله عليهم
اجمعين من بعده ، حتى سلمه الصحابة الى التابعين وتابعى التابعين ، فقد ذكرت كتب
السير عن عبد الله بن وداعة قال : كنت اجالس سعيد بن المسيب فتفقدنى اياما
(2) ، فلما اتيته قال : اين كنت ؟ قلت : توفيت زوجتى فاشتغلت بها
، قال : هلا اخبرتنا فشهدناها ؟ قال : ثم اردت ان اقوم ، فقال
: هل استحدثت امراة ؟ فقلت : يرحمك الله تعالى ، ومن يزوجنى وما املك
الا درهمين او ثلاثا ، فقال : انا (3) ، فقلت : وتفعل ؟ !
قال : نعم ، فحمد الله تعالى وصلى على النبى وزوجنى على درهمين او قال
: ثلاثة قال : فقمت وما ادرى ما اصنع من الفرح ، فعدت الى منزلى
وجعلت افكر ممن اخذ ، ممن استدين ، فصليت المغرب وانصرفت الى منزلى ، فاسرجت
، وكنت صائما ، فقدمت عشائى لافطر ، وكان خبزا وزيتا ، واذا بالباب يقرع
، فقلت : من هذا ؟ ، قال : سعيد ، قال : ففكرت فى
كل انسان اسمه سعيد ، الا سعيد بن المسيب ، وذلك انه لم يمر اربعين
سنة الا بين داره والمسجد ، فخرجت اليه ، فاذا به سعيد بن المسيب ،
فظننت انه بدا له اى رجع عن رايه فقلت : يا ابا محمد : لو
ارسلت الى ! لاتيتك ، فقال : لا ، انت احق ان تؤتى ، فقلت
: ماذا تامر ؟ فقال ، انك رجلا عزبا فتزوجت ، فكرهت ان تبيت الليلة
وحدك ، وهذه امراتك ، واذا هى قائمة خلفه فى طوله ، فدفعها فى الباب
ورده .
قال : ثم دخلت بها ، فاذا هى من اجمل النساء واحفظ الناس لكتاب الله
تعالى واعلمهم لسنة رسول الله ، واعرفهم بحق الزوج .
ولا حرج ايضا فى عرض المراة نفسها على من ترى فيه الزوج الصالح لها ،اذا
امنت الفتنة ، وكان الرجل صالحا ورعا ، كما كان من ام المؤمنين خديجة رضى
الله عنها وعرضها نفسها على النبى .
وهنا ننبه الى التانى فى اختيار زوجة المستقبل ، فلاتستحب العجلة دون انتقاء زوجة المستقبل
، فما هى المعايير والاسس الموضوعة عند اختيار زوج وزوجة المستقبل .
اسس اختيار الزوج :
اما الاسس التى يجب على كل فتاة ان تضعها نصب عينيها عند قبول من يتقدم
لخطبتها ، فاول هذه الشروط والاسس والمعايير : الدين ، فان صاحب الدين اذا احب
المراة اكرمها ، واذا كرهها لم يظلمها .
قال تعالى : (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم) (البقرة : 221) ، وقوله
تعالى : (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) (النور : 26) ، وقال : “اذا
خطب اليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد عريض”(1).
وقال النبى لبنى بياضة : “انكحوا ابا هند وانكحوا اليه ، وكان حجاما” (2)
. وعن ابن ابى حازم عن ابيه عن سهل قال : “مر رجل على رسول
الله فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : حري ان خطب ان
ينكح وان شفع ان يشفع وان قال ان يستمع ، قال : ثم سكت ،
فمر رجل من فقراء المسلمين فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : حري
ان خطب ان لا ينكح وان شفع ان لا يشفع وان قال ان لا يستمع
، فقال : رسول الله هذا خير من ملء الارض مثل هذا” (1) .
فالدين اختاه هو “الترمومتر” الذى تستطيعين به الحكم على الرجال ، وليس ما يملك من
مال او شهادات ، ولكن ان انضم الى الدين المال او المؤهل فبها ونعمت ،
ولا يقدم ابدا على صاحب الدين صاحب احدث صيحة فى قص الشعر ! او احدث
صيحة فى عالم الملابس ! ومن يحفظ الاغانى ولا يعى صدره اية من كتاب الله
تعالى ، او حديثا من احاديث النبى ولا المتخنثين الذين عج بهم الطريق فلا تستطيع
ان تفرق بين الفتى والفتاة من الملبس او الشعر ! ولا صاحب الكلام المعسول ،
“الدبور” الذى يتنقل بين الازهار ليرتشف الرائحة من هذه وتلك ، ولا من يقف على
باب مدرستك ينتظر خروجك لتتنزها معا خلسة عن الاهل ، ولا من ذاق طعم “القبلة”
منك قبل ان تحلى له ، ولا من يضع “الاسطوانة” فى حديثك معه تليفونيا ،
الحذر الحذر اختاه من تلك الذئاب الضارية ، واعلمى انه لن يستقيم بيت نال فيه
الشاب ما اراده من فتاته قبل البناء بها ، فهو بين شقى رحى : الشك
فيها ان تكون مع غيره كما كانت له قبل البناء ، وبين اذلالها بتسليمها نفسها
له قبل ان تحل له ، فكونى على حذر اختاه ، وعليك بصاحب الدين الذى
يريد ان ياخذ بيدك الى ربك والى جنته .
فان كان من حملة كتاب الله تعالى فيقدم على غيره ، وان كان من اهل
الدعوة الى الله بالموعظة الحسنة فبها ونعمت ، فالدين هو الاساس الذى عليه تبنى الحياة
الزوجية السعيدة .
ان يكون مستطيعا لتحمل نفقات الزواج لقوله : “يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج
فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء” (1) .
وكم من شاب “احب فتاة” ، والتقت الافكار بعد العيون ، وتناغمت الانفاس تعزف اجمل
الحان الحب الذى لم يشهد العالم مثله ، وكم التقت الاحلام ، فيرى الشاب الحلم
، فيقصه على فتاته ، فتكمله هى ! كم فكر فى مكالمتها هاتفيا فيجد الهاتف
قد “رن” وكانت هى ! كم من قصص “الحب” قد نمت وترعرعت فى خيال كثير
من الفتيات ، ثم اذا جاء الحديث عن الزواج كان سرابا وذهبت الاحلام ادراج الرياح
، وتحطمت على صخرة الواقع ، واخذت معها ما اخذت من قصص المذلة وذهاب العفة
والادب والحياء ، ثم لم تعد .
اما قوله لفاطمة بنت قيس : “اما معاوية فصعلوك لا مال له ” (2)
فهذا اذا تقدم للفتاة اثنين من اهل الدين والورع ، فيقدم صاحب المال على الاخر
، ولا يرفض صاحب الدين لقلة ماله .
ويستحب فيه ايضا : ان يكون رفيقا بالنساء لقوله فى شان ابى جهم : “اما
ابو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ” (3) قالوا : اى كثير الضرب للنساء
.
ويستحب فيه ان يكون جميل المنظر حسن الهيئة : حتى تسر الفتاة عند رؤيته فلا
تنفر منه .
ان يكون شابا : فيقدم على الشيخ العجوز ليحصل التناسب العقلى والعاطفى ، ولا حرج
فى زواج الشيخ الكبير ممن تصغره ، فرب شيخ عجوز افضل من مائة شاب .
ان يكون كفؤا للفتاة : من حيث العمر ، والمستوى التعليمى والدين اولا والعقلى ،
والمادى ، والبدنى ، ونحو هذا .
الكفاءة فى النكاح :
يقول الامام ابن القيم رحمه الله تعالى : (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر
وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير) (الحجرات
13) ، وقال تعالى : (انما المؤمنون اخوة) (الحجرات : 10) وقال : (والمؤمنون والمؤمنات
بعضهم اولياء بعض) (التوبة : 71) ، وقال تعالى : (فاستجاب لهم ربهم اني لا
اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض) (ال عمران : 195)
.
وقال : “الا ان ربكم واحد وان اباكم واحد الا لا فضل لعربي على
اعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لاحمر على اسود ولا اسود على احمر الا بالتقوى”
(1) ، وفى الترمذى عنه : “اذا خطب اليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه
الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد عريض” (2) ، وقال النبى لبنى بياضة :
“انكحوا ابا هند وانكحوا اليه وكان حجاما” (3) .
وزوج النبى زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه وزوج فاطمة بنت
قيس الفهرية القرشية من اسامة ابنه ، وتزوج بلال بن رباح باخت عبدالرحمن بن عوف
، وقد قال الله تعالى : (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) (النور : 26) ،
وقد قال تعالى : (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) (النساء : 3) .
فالذى يقتضيه حكمه اعتبار الدين فى الكفاءة اصلا وكمالا فلا تزوج مسلمة بكافر ولا
عفيفة بفاجر ولم يعتبر القران والسنة فى الكفاءة امرا وراء ذلك فانه حرم على المسلمة
نكاح الزانى الخبيث ولم يعتبر نسبا ولا صناعة ولا غنى ولا حرية فجوز للعبد الفقير
نكاح الحرة النسيبة الغنية اذا كان عفيفا مسلما ، وجوز لغير القرشيين نكاح القرشيات ،
ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات وللفقراء نكاح الموسرات .
وقد تنازع الفقهاء فى اوصاف الكفاءة فقال مالك فى ظاهر مذهبه انها الدين وفى رواية
عنه انها ثلاثة الدين والحرية والسلامة من العيوب .
وقال ابو حنيفة : هى النسب والدين ، وقال احمد فى رواية عنه : هى
الدين والنسب خاصة وفى رواية اخرى هى خمسة الدين والنسب والحرية والصناعة والمال ، واذا
اعتبر فيها النسب فعنه فيه روايتان احداهما : ان العرب بعضهم لبعض اكفاء ، الثانية
: ان قريشا لا يكافئهم الا قرشى وبنو هاشم لا يكافئهم الا هاشمى ، وقال
اصحاب الشافعى يعتبر فيها الدين والنسب والحرية والصناعة والسلامة من العيوب المنفرة .
ولهم فى اليسار ثلاثة اوجه اعتباره فيها والغاؤه واعتباره فى اهل المدن دون اهل البوادى
فالعجمى ليس عندهم كفئا للعربى ولا غير القرشى للقرشية ولا غير الهاشمى للهاشمية ولا غير
المنتسبة الى العلماء والصلحاء المشهورين كفئا لمن ليس منتسبا اليهما ، ولا العبد كفئا للحرة
ولا العتيق كفئا لحرة الاصل ولا من مس الرق احد ابائه كفئا لمن لم يمسها
رق ولا احدا من ابائها ، وفى تاثير رق الامهات وجهان ، ولا من به
عيب مثبت للفسخ كفئا للسليمة منه فان لم يثبت الفسخ وكان منفرا كالعمى والقطع وتشويه
الخلقة فوجهان ، واختار الرويانى ان صاحبه ليس بكفء ولا الحجام والحائك والحارس كفئا لبنت
التاجر والخياط ونحوهما ولا المحترف لبنت العالم ولا الفاسق كفئا للعفيفة ولا المبتدع للسنية ولكن
الكفاءة عند الجمهور هى حق للمراة والاولياء .
ثم اختلفوا فقال اصحاب الشافعى : هى لمن له ولاية فى الحال ، وقال احمد
فى رواية : حق لجميع الاولياء قريبهم وبعيدهم فمن لم يرض منهم فله الفسخ ،
وقال احمد فى رواية ثالثة : انها حق الله فلا يصح رضاهم باسقاطه ، ولكن
على هذه الرواية لا تعتبر الحرية ولا اليسار ولا الصناعة ولا النسب انما يعتبر الدين
فقط فانه لم يقل احمد ولا احد من العلماء ان نكاح الفقير للموسرة باطل وان
رضيت ولا يقول هو ولا احد ان نكاح الهاشمية لغير الهاشمى والقرشية لغير القرشى باطل
وانما نبهنا على هذا لان كثيرا من اصحابنا يحكون الخلاف فى الكفاءة هل هى حق
لله او للادمى ويطلقون مع قولهم ان الكفاءة هى الخصال المذكورة وفى هذا من التساهل
وعدم التحقيق ما فيه” (1) .
فاذا اراد الرجل ان يخطب فتاة فله ان يرسل امه او بعض اهله كاخته مثلا
ليريا من الفتاة ما يدعوه الى خطبتها ، من خلق حسن وبيت طيب وحسن معاملة
.
لاخير فى حسن الفتاة وعلمها ان كان فى غير الصلاح رضاؤها
فجمالها وقف عليها انما للناس منها دينها ووفاؤها
وان تزوجت فكن حاذقا واسال عن الغصن وعن منبته
واسال عن الصهر واحواله من جيرة الحى وذى قربته
صلاة الاستخارة :فاذا وجد الرجل الفتاة التى يرى فيها انها تصلح لتكون شريكة حياته ،
وتقدم للفتاة الرجل يخطبها ، استخار الله تعالى فى هذا الامر العظيم ، فيصلى كل
منهما صلاة الاستخارة .
يقول جابر : “كان النبى يعلمنا الاستخارة فى الامور كلها كالسورة من القران
، وصفتها : يقول : اذا هم احدكم بالامر فليركع ركعتين من غير الفريضة
ثم ليقل اللهم اني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسالك من فضلك العظيم فانك تقدر ولا
اقدر وتعلم ولا اعلم وانت علام الغيوب اللهم ان كنت تعلم ان هذا الامر –
ويسمى الامر – خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال عاجل امري واجله
فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وان كنت تعلم ان هذا الامر
شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال في عاجل امري واجله فاصرفه عني
واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني قال ويسمي حاجته” (1) .
ويصلى العبد صلاة الاستخارة فى اى وقت شاء ، ركعتين ، ثم بعد التسليم يدعو
بهذا الدعاء ، وله ان يكررها ولا حرج فى هذا (2) ، فصلاة الاستخارة دعاء
، ولا حرج فى تكرار الدعاء ، ولا يلزم بعد الاستخارة ان يرى العبد رؤيا
، بل سيرى اما التيسير او عدمه ، او الراحة النفسية للامر والاقدام عليه او
عدمه.
وتصلى الفتاة صلاة الاستخارة ، فهى تستخير رب العالمين فى شان من تقدم لخطبتها ،
اذا رات فيه ما يدعوها الى قبوله ، لا ان تصلى الفتاة صلاة الاستخارة عندما
يتقدم اليها السكير مثلا او تارك الصلاة المفرط فى امر دينه ، فانها ترفض من
البداية ان تربط حياتها بمن يستهين بحقوق ربه عليه ، فكيف له ان يحافظ على
حقوقها او يعطيها اياها .
هذا ولا يجوز لمن عرف تقدم شاب الى فتاة ليخطبها ان يتقدم لخطبتها هو ايضا
: فقد نهى ان “يخطب الرجل على خطبة اخيه حتى يترك الخاطب قبله او ياذن
له الخاطب” (1) .
كما لا يجوز خطبة من توفى عنها زوجها حتى تنتهى عدتها ، ولكن يجوز للخاطب
التعريض بالخطبة لها ، قال تعالى : (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة
النساء او اكننتم فى انفسكم علم الله انكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا الا ان
تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله) (البقرة : 235) او
للمطلقة المبتوتة وهى التى طلقت ثلاث مرات لحديث الامام مسلم ان النبى قال لفاطمة بنت
قيس وكانت قد طلقت ثلاث مرات : “اعتدي عند ابن ام مكتوم فانه رجل اعمى
تضعين ثيابك فاذا حللت فاذنيني” (2) .
يقول الامام النووى رحمه الله تعالى : وفيه جواز التعريض بخطبة البائن وهو الصحيح عندنا
.
والتعريض بالخطبة : كان يقول الرجل للمراة وهى فى عدتها من وفاة زوجها : انك
على لكريمة ، وانى فيك لراغب ، وان الله لسائق اليك خيرا ورزقا ، او
يقول : انى اريد التزوج ولوددت انه يسر لى امراة صالحة ، ونحو هذا .
اباحة النظر الى وجه المخطوبة والفتاة الى مخطوبها :
فاذا تقدم لخطبتها فله ان يرى منها الوجه والكفين : روى المغيرة بن شعبة انه
خطب امراة فقال له رسول الله : “انظرت اليها ؟ قلت : لا ، قال
، فانظر اليها فانه اجدر ان يؤدم بينكما”(1) .
وعن جابر ان رسول الله قال : “اذا خطب احدكم المراة فان استطاع
ان ينظر الى ما يدعوه الى نكاحها فليفعل ، قال : فخطبت جارية فكنت اتخبا(2)
لها حتى رايت منها ما دعاني الى نكاحها وتزوجها فتزوجتها” (3) .
وعن سهل بن سعد الساعدى رضى الله عنها ان امراة جاءت الى رسول الله
فقالت : “يا رسول الله جئت اهب لك نفسي قال فنظر اليها رسول الله
فصعد النظر فيها وصوبه ثم طاطا رسول الله راسه ” (4) .
وعن ابى هريرة قال : “كنت عند النبي فاتاه رجل فاخبره انه تزوج
امراة من الانصار فقال له رسول الله انظرت اليها قال لا قال فاذهب فانظر
اليها فان في اعين الانصار شيئا” (5).
وقد ذهب جمهور اهل العلم سلفا وخلفا الى جواز نظر الرجل الى من يريد خطبتها
، الا انه وقع الخلاف بينهم فيما ينظر الى المراة ، فذهب الجمهور الى جواز
النظر رؤية الوجه والكفين ، وعن الامام احمد ثلاث روايات : النظر الى الوجه والكفين
، النظر الى ما يظهر منها غالبا كالرقبة والساقين ، النظر اليها كلها ، وذهب
ابن حزم الى النظر الى جميع بدنها .
فاذا تمت الموافقة بين الاهل ، فله ان يصلى صلاة الاستخارة مرة اخرى ان شاء
، ويترك الفتاة لتستخير ربها فيمن تقدم لخطبتها .
موافقة البكر والثيب على الزواج : وتستاذن البكر على من تقدم لخطبتها : واذنها صماتها
، اما الثيب فانها تستامر ، لقوله :”لا تنكح الايم حتى تستامر ولا تنكح
البكر حتى تستاذن قالوا يا رسول الله وكيف اذنها قال ان تسكت ” (1) ،
وفى صحيح مسلم : “البكر تستاذن في نفسها واذنها صماتها قال نعم” (2) .
وثبت عنه فى الصحيحين: “ان خنساء بنت حذام زوجها ابوها وهى كارهة وكانت ثيبا فاتت
رسول الله فرد نكاحها” (3) .
وفى السنن من حديث ابن عباس : “ان جارية بكرا اتت النبى فذكرت له ان
اباها زوجها وهى كارهة فخيرها النبى ” (4) .
وهذه غير خنساء فهما قضيتان قضى فى احداهما بتخيير الثيب وقضى فى الاخرى بتخيير البكر
.
وموجب هذا الحكم انه لا تجبر البكر البالغ على النكاح ولا تزوج الا برضاها وهذا
قول جمهور السلف ومذهب ابى حنيفة واحمد فى احدى الروايات عنه وهو القول الذى ندين
الله به ولا نعتقد سواه وهو الموافق لحكم رسول الله وامره ونهيه وقواعد شريعته ومصالح
امته .
اما موافقته لحكمه فانه حكم بتخيير البكر الكارهة وليس رواية هذا الحديث مرسلة بعلة فيه
فانه قد روى مسندا ومرسلا (1) فان قلنا قول الفقهاء ان الاتصال زيادة ومن وصله
مقدم على من ارسله فظاهر وهذا تصرفهم فى غالب الاحاديث ، فما بال هذا خرج
عن حكم امثاله وان حكمنا بالارسال كقول كثير من المحدثين فهذا مرسل قوى قد عضدته
الاثار الصحيحة الصريحة والقياس وقواعد الشرع كما سنذكره فيتعين القول به .
واما موافقة هذا القول لامره فانه قال : “والبكر تستاذن” وهذا امر مؤكد لانه ورد
بصيغة الخبر الدال على تحقق المخبر به وثبوته ولزومه والاصل فى اوامره ان تكون للوجوب
ما لم يقم اجماع على خلافه .
واما موافقته لنهيه فلقوله : “ولا تنكح البكر حتى تستاذن” فامر ونهى وحكم بالتخيير وهذا
اثبات للحكم بابلغ الطرق .
واما موافقته لقواعد شرعه : فان البكر البالغة العاقلة الرشيدة لا يتصرف ابوها فى اقل
شئ من مالها الا برضاها ولا يجبرها على اخراج اليسير منه بدون رضاها فكيف يجوز
ان يرقها ويخرج بضعها منها بغير رضاها الى من يريده هو وهى من اكره الناس
فيه وهو من ابغض شئ اليها ومع هذا فينكحها اياه قهرا” بغير رضاها الى من
يريده ويجعلها اسيرة عنده كما قال النبى : “الا واستوصوا بالنساء خيرا فانما هن
عوان عندكم” (1) اى اسرى ومعلوم ان اخراج مالها كله بغير رضاها اسهل عليها من
تزويجها بمن لا تختاره بغير رضاها ولقد ابطل من قال انها اذا عينت كفئا تحبه
وعين ابوها كفئا فالعبرة بتعيينه ولو كان بغيضا اليها قبيح الخلقة .
واما موافقته لمصالح الامة : فلا يخفى مصلحة البنت فى تزويجها بمن تختاره وترضاه وحصول
مقاصد النكاح لها به وحصول ضد ذلك بمن تبغضه وتنفر عنه فلو لم تات السنة
الصريحة بهذا القول لكان القياس الصحيح وقواعد الشريعة لا تقتضى غيره وبالله التوفيق .
فان قيل فقد حكم رسول الله بالفرق بين البكر والثيب وقال : “”لا تنكح
الايم حتى تستامر ولا تنكح البكر حتى تستاذن” (2) وقال : “الايم احق بنفسها من
وليها والبكر يستاذنها ابوها” (3) فجعل الايم احق بنفسها من وليها فعلم ان ولى البكر
احق بها من نفسها والا لم يكن لتخصيص الايم بذلك معنى ، وايضا فانه فرق
بينهما فى صفة الاذن فجعل اذن الثيب النطق واذن البكر الصمت وهذا كله يدل على
عدم اعتبار رضاها وانها لا حق لها مع ابيها .
فالجواب : انه ليس فى ذلك ما يدل على جواز تزويجها بغير رضاها مع بلوغها
وعقلها ورشدها وان يزوجها بابغض الخلق اليها اذا كان كفئا والاحاديث التى احتججتم بها صريحة
فى ابطال هذا القول وليس معكم اقوى من قوله : “الايم احق بنفسها من وليها”
هذا انما يدل بطريق المفهوم ومنازعوكم ينازعونكم فى كونه حجة ولو سلم انه حجة فلا
يجوز تقديمه على المنطوق الصريح ، وهذا ايضا انما يدل اذا قلت ان للمفهوم عموما
والصواب انه لا عموم له اذ دلالته ترجع الى ان التخصيص بالمذكور لا بد له
من فائدة وهى نفى الحكم عما عداه ومعلوم ان انقسام ما عداه الى ثابت الحكم
ومنتفيه فائدة وان اثبات حكم اخر للمسكوت عنه فائدة وان لم يكن ضد حكم المنطوق
وان تفصيله فائدة كيف وهذا مفهوم مخالف للقياس الصريح بل قياس الاولى كما تقدم ويخالف
النصوص المذكورة .
وتامل قوله : “والبكر يستاذنها ابوها” عقيب قوله : “الايم احق بنفسها من وليها”
قطعا لتوهم هذا القول وان البكر تزوج بغير رضاها ولا اذنها فلا حق لها فى
نفسها البتة فوصل احدى الجملتين بالاخرى دفعا لهذا التوهم ومن المعلوم انه لا يلزم من
كون الثيب احق بنفسها من وليها ان لا يكون للبكر فى نفسها حق البتة .
وقد اختلف الفقهاء فى مناط الاجبار على ستة اقوال :
احدها : انه يجبر بالبكارة وهو قول الشافعى ومالك واحمد فى رواية .
الثانى : انه يجبر بالصغر وهو قول ابى حنيفة واحمد فى الرواية الثانية .
الثالث : انه يجبر بهما معا وهو الرواية الثالثة عن احمد .
الرابع : انه يجبر بايهما وجد وهو الرواية الرابعة عنه .
الخامس : انه يجبر بالايلاد فتجبر الثيب البالغ حكاه القاضى اسماعيل عن الحسن البصرى قال
وهو خلاف الاجماع قال وله وجه حسن من الفقه فيا ليت شعرى ما هذا الوجه
الاسود المظلم .
السادس : انه يجبر من يكون فى عياله ولا يخفى عليك الراجح من هذه المذاهب
.
وقضى بان اذن البكر الصمات واذن الثيب الكلام فان نطقت البكر بالاذن بالكلام فهو
اكد وقال ابن حزم لا يصح ان تزوج الا بالصمات وهذا هو اللائق بظاهريته .
وقضى رسول الله ان اليتيمة تستامر فى نفسها و “لا يتم بعد احتلام” فدل
ذلك على جواز نكاح اليتيمة قبل البلوغ وهذا مذهب عائشة رضى الله عنها وعليه يدل
القران والسنة ، وبه قال احمد وابو حنيفة وغيرهما ، قال تعالى : (ويستفتونك فى
النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتي لا
تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وان تقوموا لليتامى) (النساء 127)
، قالت عائشة رضى الله عنها : هى اليتيمة تكون فى حجر وليها فيرغب فى
نكاحها ولا يسقط لها سنة صداقها فنهوا عن نكاحهن الا ان يقسطوا لهن سنة صداقهن
(1) .
وفى السنن الاربعة عنه : “اليتيمة تستامر في نفسها فان صمتت فهو اذنها وان
ابت فلا جواز عليها” (2) .
فاذا كان الرضى من المخطوبة ، بدا الاهل فى الحديث عن نفقات الزواج ومستلزماته ،
من اعداد بيت الزوجية وتجهيزه ، والمهر ونحو هذا ، وهنا يجب التنبيه على قضية
المهر او الصداق .
الصداق : خير النكاح ايسره (3) :
قال تعالى : (واتوا النساء صدقاتهن نحلة) (النساء : 4) ، وقال تعالى : (فانكحوهن
باذن اهلهن واتوهن اجورهن بالمعروف) (النساء : 26) ، وقال تعالى : (فما استمتعتم به
منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) (النساء :
24) ، وقوله تعالى : (ولا جناح عليكم ان تنكحوهن اذا اتيتموهن اجورهن) (الممتحنة :
10) .
بيان قضائه فى الصداق بما قل وكثر وقضائه بصحة النكاح على ما مع الزوج
من القران :
ثبت فى صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها : “كان صداقه لازواجه ثنتي عشرة
اوقية ونشا ، قالت : اتدري ما النش ؟ قال : قلت : لا ،
قالت : نصف اوقية فتلك خمس مائة درهم فهذا صداق رسول الله لازواجه” (1)
.
وفى صحيح البخارى كما تقدم ان النبى قال لرجل : “انظر ولو خاتما من حديد”
(2) ، وفيه :” قال ماذا معك من القران قال معي سورة كذا وسورة كذا
عددها فقال تقرؤهن عن ظهر قلبك قال نعم قال اذهب فقد ملكتكها بما معك من
القران” ، وفى النسائى : عن ثابت عن انس قال : “خطب ابو طلحة ام
سليم فقالت والله ما مثلك يا ابا طلحة يرد ولكنك رجل كافر وانا امراة مسلمة
ولا يحل لي ان اتزوجك فان تسلم فذاك مهري وما اسالك غيره فاسلم فكان ذلك
مهرها قال ثابت فما سمعت بامراة قط كانت اكرم مهرا من ام سليم الاسلام فدخل
بها فولدت له ” (3) . فتضمنت هذه الاحاديث وغيرها ان الصداق لا يتقدر اقله
، وان خاتم الحديد يصح تسميته مهرا .
وتضمنت ان المغالاة فى المهور مكروهة ، وان افضل النكاح ايسره مؤنة .
النهى عن المغالاة فى المهور :فاعلم ايها الولى ان من اهم اسباب انتشار العنوسة (1)
وانصراف الشباب عن الزواج هو ما يجدونه من تعنت بعض الاباء والمغالاة فى المهور :
وهذا العائق حق له ان يوضع على راس قائمة المعوقات التى تقف امام شباب المسلمين
وتردهم القهقرى كلما فكر احدهم ان يخطو خطوته الاولى نحو الزواج وبناء الاسرة الاسلامية ،
فتجد الشاب يسئل اول ما يسئل عما ادخره وما اعده توطئة لتكاليف ومؤنة الزواج ،
من مهر و “شبكة” تليق بعروسه واهلها ثم يتبع هذا “فستان” الخطوبة للعروس وربما لبعض
اخواتها ! ثم اين يقام “حفل” الخطوبة ، وما يستلزم هذا من تكاليف للعروسين ،
ثم هدايا العروس فى المناسبات الدينية و “القومية” ! و”الوطنية” وعيد الام وعيد الاب وعيد
الاسرة ! وعيد المعلم وعيد الفلاح وعيد الثورة وعيد تولية الملك وعيد سقوطه ! وعيد
ميلاد العروس وعيد ميلاد ام العروس واخت العروس وبنت خالة العروس وكل من يمت بصلة
الى العروس !!! .
ثم يجلس الى اهل العروس لسماع “الفرمان الحموى” وما صدر عن “المؤتمر” العائلى لكيفية اذلال
هذا المتقدم لخطبة هذا الذى تجرا وفكر ان يخطب وان يتزوج ليقيم البيت الاسلامة اتباعا
لكتاب الله تعالى ولسنة نبينا محمد ! ويسمع هذا الخاطب ما اسفر عنه الاجتماع العائلى
من توفير مسكن الزوجية دون مغالاة حجرتين وصالة هذا مع انضمام “لجنة الرافة” الى جانب
الخاطب وفرش وتجهيز حجرة النوم بالمواصفات التى امليت على اخر خاطب تقدم لخطبة فتاة فى
العائلة (1) ، والذى قد احضر لعروسه حجرة نوم كذا وصالون وصفه كذا و”انتريه” كذا
، وكان “حفل الزفاف” الفرح فى المكان كذا ، فابنتنا ليست اقل من فلانة وعلانة
بل هى تفوقهم جمالا وزينة ..
نداء : رحمة ايها الاباء والامهات بابناء المسلمين ، اين انتم من سنة نبيكم محمد
، واين هى تلك الابنة من ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها ، بل اين
هى من صاحبيات النبى ؟ اين نحن جميعا من هديه .
وهنا نقول : هل الصداق من حق المراة او من حق وليها ؟
والجواب : ان الصداق حق خالص للمراة ، قال تعالى : (واتيتم احداهن قنطارا) (النساء
: 20) ، يقول الامام ابن حزم فى المحلى (2) : “ولا يحل لاب البكر
صغيرة كانت او كبيرة او الثيب ولا لغيره من سائر القرابة او غيرهم حكم فى
شئ من صداق الابنة او القريبة ، ولا لاحد ممن ذكرنا ان يهبه ولا شيئا
منه لا للزوج طلق او امسك ولا لغيره ، فان فعلوا شيئا من ذلك فهو
مفسوخ باطل مردود ابدا ، ولها ان تهب صداقها او بعضه لمن شاءت ولا اعتراض
لاب ولا لزوج فى ذلك” اه .
والصداق يعد دينا على الرجل لزوجته عليه الوفاء به ، فله ان يعجل بقضاءه .
ويجوز للرجل ان ينكح المراة ولا يسمى لها صداق لقوله تعالى : (لا جناح عليكم
ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن او تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع) (البقرة:236) .
دبلة الخطوبة ! :ومن الامور التى انتشرت فى بلاد الاسلام ما يلبسه الخاطب او الزوج
ويسمى ب (دبلة الخطوبة) وهى عادة نصرانية ، كان العروس الزوج يضع خاتم الزواج على
راس ابهام العروس اليسرى الزوجة ويقول باسم الاب ، ثم على راس السبابة ويقول :
باسم الابن ، ثم على راس الوسطى ويقول : باسم الروح القدس ، ثم يستقر
به فى الاصبع البنصر وينتقل من اليد اليمنى وقت الخطبة الى اليد اليسرى بعد الزواج
(ليكون قريبا من القلب !!!) .
وعادة ما يكون هذا الخاتم او الدبلة من الذهب ، وقد صح النهى من النبى
عن التختم بالذهب (1) للرجال ، فروى مسلم في صحيحه عن عبد اللخ بن عباس
رضى الله عنهما قال ان رسول الله :” راى خاتما من ذهب في يد
رجل فنزعه فطرحه وقال : يعمد احدكم الى جمرة من نار فيجعلها في يده ،
فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله خذ خاتمك انتفع به ، قال :
لا والله لا اخذه ابدا وقد طرحه رسول الله “(2) .
وقال : “من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يلبس حريرا ولا ذهبا” (3)
.
وقد عمد بعض الرجال الى استبدال لبس “دبلة” من ورق فضة بدلا من الذهب حتى
لا يقع تحت النهى ، فوقع فى التشبه .
وانما صح عنه اتخاذ الخاتم من ورق اى فضة فقد :”راى على بعض
اصحابه خاتما من ذهب فاعرض عنه فالقاه واتخذ خاتما من حديد فقال هذا شر هذا
حلية اهل النار فالقاه فاتخذ خاتما من ورق فسكت عنه” (1) .
حل خاتم الذهب ونحوه على النساء : وقد ذهب العلامة الالبانى رحمه الله تعالى الى
تحريم خاتم الذهب ونحوه كالسوار والطوق على النساء (2) .
والعلامة الالبانى رحمه الله تعالى كان احد المجددين وندعوا الله ان يجزينه عنا وعن الامة
الاسلامية كل خير لما قدم لهذه الامة ، الا انه رحمه الله تعالى قد جانبه
الصواب فى هذا المسالة مع محاولته التحرى والبحث والاستقصاء ، وقد ذهب العلماء سلفا وخلفا
الى حل الذهب المحلق للمراة دون خلاف ، واستقصاء هذه المسالة له موضع اخر ،
واكتفى هنا ببعض اقوال اهل العلم ممن ذهب الى حل الذهب دون تفصيل للمراة .
يقول الامام النووى فى شرح مسلم : “اجمع المسلمون على اباحة خاتم الذهب للنساء” ،
وقال فى المجموع (3) : “يجوز للنساء لبس الحرير والتحلى بالفضة والذهب بالاجماع للاحاديث الصحيحة”
، وقال ايضا : “اجمع المسلمون على انه يجوز للنساء لبس انواع الحلى من الفضة
والذهب جميعا كالنوق والعقد والخاتم والسوار والخلخال والدمالج والقلائد والمخانق وكل ما يتخذ فى العنق
وغيره ، وكل ما يعتدن لبسه ، ولا خلاف فى شئ من هذا” (4).
وقال الحافظ فى الفتح (1) فى ثنايا تفسير نهى النبى عن خاتم الذهب : “نهى
النبى عن خاتم الذهب او التختم به مختص بالرجال دون النساء ، فقد نقل
الاجماع على اباحته للنساء” ، وقال مثله الامام المباركفورى فى التحفة (2) .
ويقول الامام ابن عبد البر فى التمهيد (3) : “النهى عن لباس الحرير وتختم الذهب
انما قصد به الى الرجال دون النساء وقد اوضحنا هذا المعنى فيما تقدم من حديث
نافع ولا نعلم خلافا بين علماء الامصار فى جواز تختم الذهب للنساء وفى ذلك ما
يدل على ان الخبر المروى من حديث ثوبان ومن حديث اخت حذيفة عن النبى فى
نهى النساء عن التختم بالذهب اما ان يكون منسوخا بالاجماع وباخبار العدول فى ذلك على
ما قدمنا ذكره فى حديث نافع او يكون غير ثابت ، فاما حديث ثوبان فانه
يرويه يحيى بن ابى كثير قال : حدثنا ابو سلام عن ابى اسماء الرحبى عن
ثوبان ولم يسمعه يحيى بن ابى سلام ولا يصح ، واما حديث اخت حذيفة فيرويه
منصور عن ربعى بن خراش عن امراته عن اخت حذيفة قالت : “قام رسول الله
فحمد الله واثنى عليه ثم قال يا معشر النساء اما لكن فى الفضة ما تحلينه
اما انكن ليس منكن امراة تحلي ذهابا تظهره الا عذبت به” ، والعلماء على دفع
هذا الخبر لان امراة ربعى مجهولة لا تعرف بعدالة وقد تاوله بعض من يرى الزكاة
فى الحلى من اجل منع الزكاة منه ان منعت ولو كان ذلك لذكر وهو تاويل
بعيد .
وقد روى محمد بن اسحاق عن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن ابيه
عن عائشة ان النجاشى اهدى الى النبى حلية فيها خاتم من ذهب فصه حبشى فاخذه
رسول الله بعود او ببعض اصابعه وانه لمعرض عنه فدعا ابنة ابنته امامة بنت
ابى العاص ، فقال : تحلي بهذا يا بنية ” (1) ، وعلى هذا القياس
للنساء خاصة والله الموفق للصواب .
ويقول الامام الجصاص فى تفسيره (2) : “الاخبار الواردة فى اباحته للنساء يعنى الذهب عن
النبى والصحابة اظهر واشهر من اخبار الحظر ، ودلالة الاية قوله تعالى : (اومن ينشا
في الحلية وهو في الخصام غير مبين) ايضا ظاهرة فى اباحته للنساء ، وقد استفاض
لبس الحلى للنساء منذ قرن النبى الى يومنا هذا من غير نكير من احد عليهن
، ومثل ذلك لا يعترض عليه باخبار الاحاد” .
وقال مثله الامام الكيا الهراسى عند تفسيره للاية السابقة .
واورد الحكيم الترمذى فى نوادر الاصول : عن عائشة رضى الله عنها قالت : “اهدى
النجاشى الى رسول الله حلية فيها خاتم من ذهب فيه فص حبشى فاخذه رسول الله
بعود او ببعض اصابعه وانه لمعرض عنه ثم دعا ابنة ابنته امامة ابنة ابى
العاص فقال : تحلى بهذا يا بنية” (3) .
قال : جعل الحلية زينة لجوارح الانسان فاذا لبسها زانه لذلك واذا زانه حلاه
فصار ذلك العضو احلى فى اعين الناظرين ولذا سمى حلية لانه تحلى تلك الجوارح فى
اعين الناظرين وفى قلوبهم قال الله تعالى وتستخرجون منه حلية تلبسونها وهى اللؤلؤ فما كان
من ذهب فللاناث ويحرم على الذكور و ما كان من فضة او جوهر فمطلق للرجال
والنساء و قد لبس خاتما اتخذه من فضة وفصه منه” (1) .
قلت : وفى الحديث السابق دليل قوى لاباحة خاتم الذهب للنساء ، فتامل (2) .
ما يباح للخاطب بعد الخطبة : ويباح للخاطب بعد الخطبة الكلام مع خطيبته فى شئون
الدين ونحو هذا حتى يستطيع ان يتلمس بعض جوانب “شخصية” زوجة المستقبل ، فيستمع الى
ارائها ومنهجها فى الحياة والقواعد والمبادئ التى تسير عليها ، وتصحيح ما يراه يحتاج تصحيحا
وفق كتاب الله وسنة رسوله على ان يكون هذا فى وجود محرم لها ، ويباح
له النظر الى وجهها هذا على اختلاف اهل العلم فى وجوب النقاب ولا يجوز له
ان يمسك بيدها او ان يلمس جسدها ، او التامل فى مفاتنها ، فهى لازالت
اجنبية عليه ، فليس له منها ما ليس له من الاجنبية ، كما ليس له
الخلوة بها الا فى وجود المحرم .
وعليه ان يتحلى بالصبر والتؤدة فى التعرف عليها وبناء الراى الصائب فى زوجة المستقبل ،
وكلما قلل الخاطب من زيارة الخطيبة كان له افضل .
اما الخروج معا والتنزه وغير ذلك مما يفعله كثير من الناس فلا يجوز ، ولم
يكن على عهد رسول الله ان يخطب الرجل المراة فيخرج معها للحديث والتنزه والخلوة
بها من اجل التعارف والتالف والتفاهم ووو الى غير ذلك مما اصبح سنة معروفة لدى
الناس ، واصبحت السنة هى البدعة عندهم ، فما لم يكن دينا على عهد رسول
الله لا يكون اليوم دينا .
ويظن البعض انه اذا تم “عقد النكاح” فله من زوجته كل شئ ، وانى لاحذر
كل فتاة من التمادى فى مثل هذا الامر ، فكم من زيجة لم يقدر لها
الله تعالى ان تكتمل ، وان تم عقد النكاح .
النفقة على الزوجة :
قال بعض اهل العلم انه ليس على الذى عقد ولم يبن نفقة لزوجته حتى تنتقل
من بيت ابيها الى بيته ، انما النفقة على ابيها وهو لم يزل الراعى ،
لقوله :” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” (1) ، وهى لم تزل فى بيتها
ابيها فهو المسئول عن نفقتها لا زوجها الذى لم يبن بها بعد ، كما انها
لم تزل فى كنف ابيها فله عليها ما كان قبل العقد .
ليلة الحنة : ومن الامور المبتدعة عند الكثير ما يسمى ب”ليلة الحنة” وفيها ما فيها
من المخالفات الشرعية كالاطلاع على عورة الفتاة ، وكشفها امام الاجنبيات ، بدعوى تهيئتها للزوج
، والرقص والغناء ونحو هذا .
العروس ليلة الزفاف : اما الرجل فيكون فى اجمل صورة ليلة زفافه من حسن المنظر
والهيئة والملبس والنظافة الجسدية ، كحلق العانة ونتف الابط ، وليحذر حلق اللحية خشية التشبه
باهل الكفر وقد :”لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء” (2)
، فلا يبدا حياته الزوجة باللعن وهو الطرد من رحمة الله تعالى والعياذ بالله ،
والباطنية والظاهرية .
اما العروس الزوجة : فتكون فى ابهى صورها من حسن الزينة والملبس والنظافة الجسدية والباطنية
والظاهرية ، ولتكن على حذر من امور عدة منها : الكوافير ، نتف الحواجب ،
المناكير ، لباس الشهرة .
حكم الذهاب الى الكوافير :اعلمى اختى المسلمة ان اعداء الاسلام يكيدون للامة الاسلامية بكل طريقة
وسبيل ، ولا يتركون سلاحا الا واستخدموه ، ومن اهم اسلحتهم “الفتاة المسلمة” فكادوا لها
بالازياء تارة ، وبالعمل تارة اخرى ، وبالرياضة اخرى ، الى غير ذلك ، من
اوجه محاربة الكفار للاسلام ، ومن اوجه المحاربة ما انتشر فى بلاد الاسلام بما يسمى
“الكوافير” تذهب اليه النساء لوضع المساحيق وازالة شعر الحاجبين بل وازالة الشعور الداخلية ، وما
يستتبع هذا “الكوافير” من مراكز “التجميل” من شد الوجه وتصغير وتكبير الثديين !! وازالة ترهلات
الارداف !! الى غير ذلك مما نسمعه ونقراءه ، وقد نهى تعالى عن التشبه باهل
الكفر فقال تعالى : (ولا تتبعوا اهواء قوم قد ضلوا من قبل واضلوا كثيرا وضلوا
عن سواء السبيل) ، وفى الترمذى عنه :”ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود
ولا بالنصارى” وفى مسند الامام احمد قال : “ومن تشبه بقوم فهو منهم ”
، فالذهاب الى الكوافير ووضع المساحيق ونتف شعر الحواجب ، وازالة الشعور الداخلية حول قبل
المراة ، فيطلع عليها دون حاجة ، مع الوقوع فى النهى ان تباشر المراة عورة
المراة دون حاجة ، وليس بالطبع هذه ضرورة تدعو لكشف عورة المراة ، وكل هذا
هو من باب التشبه باهل الكفر ، ومن تشبه بهم حشر معهم والعياذ بالله تعالى
فلا ادرى ايها “الرجل” كيف لك ان تاخذ “زوجتك” الى من يدغدغ باصابعه خصلات شعرها
، ويتامل فى وجهها ليضع لها المسحوق المناسب الذى يتناسب وبشرتها ؟! ، وكيف لك
ان تتركها “قطعة من اللحم” تنهشها عيون الاخرين وتتامل فى مفاتنها ، ام تراك ستحجب
اعين الناس عن النظر الى زوجتك ومفاتنها ! .
نتف الحواجب : وقد ورد النهى عن هذا بقوله : “لعن الله الواشمات(1) والمستوشمات(2) والمتنمصات(3)
والمتفلجات للحسن(4) المغيرات خلق الله تعالى(5)” .
المناكير :
وهو تدميم الاظفار بالالوان ، وهو ايضا من باب التشبه بالكافرين ، كما انه يمنع
من صحة الوضوء لعدم وصول الماء الى اصل الاصابع والاظفار ، فلن تستطيع المراة به
ان تصلى خلف زوجها عند دخول بيت الزوجية ، او تصلى قبل هذا المغرب مثلا
او العشاء ، او صلاة الفجر ، فلتكن على حذر .
اطالة الاظفار : وهو ايضا من باب التشبه بالكافرين ، وقد ورد عن النبى المعصوم
: “الفطرة خمس او خمس من الفطرة الختان والاستحداد(6) ونتف الابط وتقليم الاظفار وقص
الشارب” (7) .
ولا يكون لباس العروس المراة لباس شهرة ولا يكون مشابها للباس اهل الكفر ، بل
يجب ان يكون ساترا لكل الجسد ، وان يكون صفيقا لا يشف ، وان لا
يصف شيئا من مفاتنها ، ولا مطيبا ، ولا يكون لباس زينة ، او شهرة
، ولا يشبه لباس اهل الكفر او لباس الرجال .
هذا ولا حرج فى استعارة العروس فستان الزفاف للتزين به ليلة عرسها ، فقد روى
البخارى من طريق عبد الواحد بن ايمن عن ابيه قال : “دخلت على عائشة رضي
اللهم عنها وعليها درع(1) قطر ثمن خمسة دراهم فقالت ارفع بصرك الى جاريتي انظر اليها
فانها تزهى(2) ان تلبسه في البيت وقد كان لي منهن درع على عهد رسول الله
فما كانت امراة تقين(3) بالمدينة الا ارسلت الي تستعيره”(4) .
وتبقي كلمة : وهى : هل يجوز للمراة استعمال “المكياج” والتجمل لزوجها ؟ والجواب :
نعم يجوز لها هذا فى الحدود الشرعية ، وهذا من دواعى محبة الزوج لها ،
فعلى المراة ان تكون فى ابهى صورة امام زوجها وفى عينه ، وليس لها ان
يظهر هذا منها لغير زوجها .
ولكن : اذا كان كما يقال ان هذا “المكياج” او بعضه يضر ببشرة المراة فهو
فى هذا الحالة يكون اما محرما او مكروها ، والاولى سؤال الطبيبة المسلمة لبيان صحة
هذا القول من عدمه .
ولكن لا يجوز للمراة ان تلبس “الباروكة” من باب التجمل لزوجها ، بل هذا منهى
عنه ، ولكن لا باس ان كان الوصل من غير الشعر كالحرير والصوف الملون ونحوه
.
الغناء فى العرس : ولا حرج فى سماع الغناء لاعلان النكاح اذا لم يكن فيه
محرما ولم يصاحبه الطبل والزمر والكمان وغير هذا من الات اللهو ، ولا حرج فى
الضرب بالدف لقوله : “ان فصل ما بين الحلال والحرام الصوت يعني الضرب بالدف”
(1) ، فاباح “الدف” ليكون سببا فى اعلان النكاح وبيان حله وانه غير سفاح ،
اما الطبل والكمان والعود وغير هذا من الات اللهو فمنهى عنها ، بل هى حرام
لقوله تعالى : (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم
ويتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين) (لقمان :6) قال عبد بن مسعود : هو
الغناء ، وذكر بعض اهل العلم ان الغناء بالة محرم اجماعا .
وعليه فالواجب الحذر من ان يبدا العروسان حياتهما الزوجية بمعصية الله تعالى ، كما يفعل
البعض باقامة “حفل الزفاف” فى بعض النوادى والقاعات ، وجلوس العروسان فى “الكوشة” للناس ،
وعرض الرجل زوجته على الجميع يتاملونها ومفاتنها وقد بدت فى اجمل صورها ، واحضار بعض
“الفنانين” (2) لاحياء الحفل ، وانما هى اماتة ومحاولة طمس السنة النبوية فى الزفاف ،
وتقليد غريب لاخوان القردة والخنازير فى حفلات زفافهم ، ومن هم على شاكلتهم ممن يدعى
الاسلام علم هذا من علمه وجهله من جهله فالواجب البعد عن هذا لما فيه من
اختلاط الرجال والنساء ، وارتداء النساء كل ما يكشف مفاتنهن ، والرقص الجماعى للرجال مع
النساء ، والتصوير ، وقد صحت الاحاديث الكثيرة ان “اشد الناس عذابا يوم القيامة الذين
يضاهون بخلق الله” (3) الى غير ذلك مما يعرفه الناس (4) .
رش الملح : ورش الملح مرة او سبع لدفع عين الحاسد ! هو نوع تبذير
واسراف وسفه .
وعليه فليكن العروس على حذر من يبدا حياته بمعصية الله تعالى وان يتحمل اوزار كل
من يغنى ويرقص ويتمايل على اكتافه وفى ميزان سيئاته !!! .
الزغاريد يوم الفرح : قال رسول الله : “نهيت عن صوتين احمقين فاجرين صوت عند
مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان” (1) .
وليبدا حياته الزوجية فى بيت من بيوت الله تعالى وعلى سنة النبى ، وليكن سببا
فى احياء السنن لا اماتتها ، ونشر الخير لا الفجور والعرى .
وعلى من دعى الى حضور عقد النكاح ان يلبى دعوة اخيه لمشاركته فرحته والدعاء له
، على ان يحذر ان يكون مكان حضوره مكان لهو واختلاط وفسق وعرى وتصوير كما
يجرى لدى كثير من الناس ، ودعوتهم اهل الباطل من الفنانين واصحاب الخلاعة والمياعة والمنتسبين
الى الاسلام زورا وبهتانا ، حتى لا يدخل تحت قوله : “المرء مع من احب”
(2) .
ويستحب ان يكون العقد فى بيت من بيوت الله تعالى تحفه الملائكة ويحضره اهل الصلاة
والصلاح .
وهنا يقال : ما هى الفاظ التزويج ؟
واقول : ان النكاح ينعقد بلفظ النكاح ، كان يقول الولى للرجل : انكحتك او
زوجتك ، كما قال تعالى : (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) (النساء : 3)
، وقوله تعالى : (وانكحوا الايامى منكم) (النور : 32) ، وقول شعيب لموسي :
(قال اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين) (القصص : 27) ، اما لفظ الزواج
فقد ورد فى قوله تعالى : (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) (الاحزاب : 37)
.
قال ابن قدامة فى المغنى (1) : واذا قال الخاطب للولى : ازوجت ؟ فقال
: نعم ، وقال للزوج : اقبلت ؟ قال : نعم فقد انعقد النكاح اذا
حضره الشاهدان .
وقال الشافعى : لا تنعقد حتى يقول معه : زوجتك ابنتى ، ويقول الزوج :
قبلت هذا التزويج ، لان هذين ركنا العقد ولا ينعقد بدونهما .
ويقول الامام ابن تيمية : “والتحقيق : ان المتعاقدين ان عرفا المقصود ، فاى لفظ
من الالفاظ عرف به المتعاقدان مقصودهما انعقد به العقد” (2) .
ومذهب جمهور العلماء ان العقد ينعقد بكل لفظ يدل عليه ولا يختص بلفظ النكاح او
التزويج ، وركنا الزواج : ايجاب وقبول (وهى صيغة العقد) ، وشروطه اربعة : لا
نكاح الا بولي :
ويشترط لصحة العقد امورا اربعة : الصداق ، الاعلان ، الشهود ، الولى .
1 الصداق : لقوله تعالى : (واتوا النساء صدقاتهن نحلة) (النساء : 4) ، وقوله
تعالى : (او تفرضوا لهن فريضة) (البقرة :236) ، وقوله تعالى : (ان تبتغوا باموالكم
محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم
به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما) (النساء : 2 4) .
2 الاعلان : لبيان حله من حرامه اانه نكاح لا سفاح ، قال :
“اعلنوا النكاح” (1) وقوله : “اشيدوا النكاح ، اشيدوا النكاح ، هذا النكاح لا
السفاح” (2) .
وقد قال بعض اهل العلم بوجوبه ، والبعض بانه مندوب .
3 الشهود : لقوله : “لا نكاح الا بولى وشاهدى عدل” (3) .
4 الولى : “لقوله : ” لا نكاح الا بولي ” (4) .
فاذا توافرت هذه الشروط الاربعة صح العقد والزواج ، وقد تقدم الحديث عن الصداق ،
والاعلان ، وحضرت الشهود فى المسجد تشهد اعلان هذا الزواج المبارك ، وبقى الولى ،
وهنا ننبه الى قضية “الزواج العرفى” (5) ، قال : ” لا نكاح الا
بولي ” (6) ، وولى العروس : الاب ، الاخ ، العم ، الخال ،
اولى العصبة الاقرب فالاقرب .
وهنا يطرح سؤال وهو : هل يشترط ان يضع الخاطب يده فى يد الولى كما
نرى حين العقد ، وكما يصنع “الماذون” ان يضع المنديل على يد الخاطب والولى ،
وما يقوله من الفاظ نحو : على مذهب الامام ابى حنيفة…؟ .
والجواب : انه لا يشترط وضع يد الخاطب فى يد الولى ، ولا اصل لوضع
المنديل ، وكذا لا اصل فى السنة !!! لقول الماذون وتخصيص مذهب ابى حنيفة ،
انما لان هذا لمذهب كان هو الماخوذ به فى مصر ، فجاء هذا اللفظ من
الماذون ، والله اعلم .
لطيفة : الفرق بين النكاح الزواج :
لا يفرق كثير من اهل اللغة وشارحى القران بين لفظتى “النكاح” و “الزواج” فتستعمل كل
لفظة مكان الاخرى ، ولكن القران وضع كل لفظة فى مكان لتدل على معنى بعينه
، لا يدل عليه الاخر .
فلفظ “النكاح” ففى كتاب الله تعالى تاتى للدلالة على العقد الشرعى ، وما يترتب عليه
من احكام شرعية ، دون الوطء والمعاشرة الزوجية .
يوضحه الاصل اللغوى للفظ النكاح ، فالنون والكاف والحاء اصل واحد وهو البضاع ، والنكاح
يكون للعقد للعقد دون الوطء .
ومما يدل على ما سبق ويشفى العى قوله تعالى : (يا ايها الذين امنوا اذا
نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) (الاحزاب
:49) ، ففى قوله تعالى : (من قبل ان تمسوهن) خير دليل على ان المراد
بالنكاح اما هو العقد دون الوطء .
ومن الادلة انه ياتى للدلة على الاحكام الشرعية قوله تعالى : (ولا تنكحوا ما نكح
اباؤكم من النساء الا ما قد سلف) (النساء :22) ، وقوله تعالى : (وما كان
لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا) (الاحزاب :53) ،
وقوله تعالى : (ولا جناح عليكم ان تنكحوهن اذا اتيتموهن اجورهن) (الممتحنة :10) ، وقوله
تعالى : (الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها الا زان او
مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) (النور : 3) ، وقوله تعالى : (ومن لم يستطع
منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت ايمانكم) (النساء : 25) الى غير
ذلك من الايات .
ان لفظ “الزواج” فانه اعم واشمل من “النكاح” ، فهو ياتى على عدة معان منها
: الدلالة على مطلق الاقتران بين اثنين كما فى قوله تعالى : (وان اردتم استبدال
زوج مكان زوج) (النساء : 20) ، وقوله تعالى : (فان طلقها فلا تحل له
من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (البقرة : 230) ، وقوله تعالى عن شياطين الانس
من اليهود وتعلمهم السحر : (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) (البقرة :
102) ، وقوله تعالى : (لكي لا يكون على المؤمنين حرج فى ازواج ادعيائهم) (الاحزاب
: 37) ، وقوله تعالى : (والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم) (البقرة :
240) وفى الاية الاخيرة دلالة على ان “الزواج” ياتى بمعنى الاحكام الشرعية المترتبة على الزواج
، وكقوله تعالى : (يا ايها النبى انا احللنا لك ازواجك اللاتي اتيت اجورهن) (الاحزاب
: 50) ، وكقوله تعالى : (ولكم نصف ما ترك ازواجكم) (النساء : 12) .
وتاتى كلمة “الزواج” ايضا فى كتاب الله تعالى بمعنى “الجمع” كما يدل عليه اللفظ لغة
كما فى قوله تعالى : (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين) (هود : 40)
، وقوله تعالى : (ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) (الرعد : 3) ،
وقوله تعالى : (ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) (الذاريات : 49) ، وقوله
تعالى : (او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير) (الشورى :
50) .
كما تاتى ايضا بمعنى “النوع” كما فى قوله تعالى : (وانبتنا فيها من كل زوج
بهيج) (ق : 7) ، وقوله تعالى : (وانبتت من كل زوج بهيج) (الحج :
5) ، وقوله تعالى : (فانبتنا فيها من كل زوج كريم) (لقمان : 10) .
وعليه فلفظ “الزواج” اعم واشمل دلالة من لفظ “النكاح” . والله اعلى واعلم (1) .
الدعاء للعروسين : اما الدعاء للعروسين فقد صح عن النبى من حديث ابى هريرة ان
النبى :” كان اذا رفا(1) الانسان اذا تزوج قال بارك الله لك وبارك عليك
وجمع بينكما في الخير “(2) .
وعن عائشة رضى الله عنه قالت : “تزوجني النبي فاتتني امي فادخلتني الدار فاذا
نسوة من الانصار في البيت فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر” (3)
ونهى عن قول “بالرفاء والبنين” ، فقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل
قال : ” تزوج عقيل بن ابي طالب فخرج علينا فقلنا بالرفاء والبنين فقال مه
لا تقولوا ذلك فان النبي قد نهانا عن ذلك وقال قولوا بارك الله لها
فيك وبارك لك فيها” (4) .
ولا حرج فى قيام العروس على خدمة الحضور لما روى البخارى : “لما عرس ابو
اسيد الساعدي دعا النبي واصحابه فما صنع لهم طعاما ولا قربه اليهم الا امراته
ام اسيد بلت تمرات في تور من حجارة من الليل فلما فرغ النبي من
الطعام اماثته له فسقته تتحفه بذلك” (5) .
على الا تكون متبرجة سافرة تامن الفتنة .
وبعد العقد والدعاء للعروسين ينصرف العروسان الى بيت الزوجية ليبدا معا اولى ايام وليالى حياتهما
الزوجية .
ليلة الزفاف (1) : الصلاة اولا :
ويبدا العروسان ليلة زفافهما بدخول البيت بالرجل اليمنى والقاء السلام ، ثم بالصلاة ركعتين لله
تعالى ، فقد صح عن عبد الله بن مسعود انه قال لمن جاء يساله قائلا
: “انى تزوجت جارية شابة بكرا وانى اخاف ان تفركنى (2) ” فقاله له عبد
الله بن مسعود : ان الالف من الله ، والفرك من الشيطان ، يريد ان
يكره اليكم ما احل الله لكم ، فاذا اتتك فامرها ان تصلى وراءك ركعتين” وفى
رواية اخرى : “وقل : اللهم بارك لى فى اهلى ، وبارك لهم فى ،
اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير ، وفرق بيننا اذا فرقت الى خير” (3) .
وعن ابى سعيد مولى ابى اسيد قال : “تزوجت وانا مملوك ، فدعوت نفرا من
اصحاب النبى فيهم ابن مسعود وابو ذر وحذيفة ، قال: واقيمت الصلاة ، قال
: فذهب ابو ذر ليتقدم ، فقالوا : اليك ! قال : اوكذلك ؟ قالوا
: نعم ، قال : فتقدمت بهم وانا عبد مملوك ، وعلمونى فقالوا : اذا
دخل عليك اهلك فصل ركعتين ، ثم سل الله من خير ما دخل عليك ،
وتعوذ به من شره ، ثم شانك وشانك اهلك” (4) .
وضع اليد على راس الزوجة والدعاء لها :
روى ابو داود قوله : “1845اذا تزوج احدكم امراة او اشترى خادما فليقل اللهم
اني اسالك خيرها وخير ما جبلتها(1) عليه واعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها
عليه” (2) .
وبعد ان اتم العروس الدعاء اذا به يلتفت تجاه عروسه فيطبع على جبهتها قبلة حانية
رقيقة وقد وضع يديه على كتفيها او رقبتها ، كتوطئة وتهيئة نفسية للعروس .
ثم يترك العروس عروسه لتدخل حجرتها لتلتقط انفاسها بعد هذه القبلة التى طبعت على جبهتها
للمرة الاولى من رجل لم تالفه بعد ، ثم لتتزين وتتهيا نفسيا لما وراء هذه
القبلة من احداث ستجرى القتها امها او صديقاتها فى راسها .
وهنا ننبه الى كيفية بدء الرجل الليلة الاولى من ليالى حياته الزوجية ، وبيان اهمية
هذه الليلة عند كل فتاة تخطو خطوتها الاولى مع شريك العمر .
قصة من الواقع : واسوق اليك هذه القصة لرجل تزوج حديثا وكان ككثير من الشباب
يتخيل ويرتب فى راسه ما سيفعله فى ليلة الزفاف “ليلة العمر” يقول :
ما ان دخلت بيتى واغلقت الباب بعد سلامى على من اوصلونى الى البيت حتى نظرت
الى زوجتي فوجدتها قد تاهبت للصلاة ركعتين اتباعا للسنة وكافضل بداية للحياة الزوجية ولهذه الليلة
“ليلة العمر” وبعد ان انتهيت من الصلاة وزوجتى خلفى حتى نظرت اليها بحب وود ،
ثم طبعت قبلة رقيقة على جبهتها وحمدت الله تعالى ان جمعنى بها وعليها على كتاب
الله وعلى سنة رسوله ، فحمدت هى الاخرى هذا لله تعالى ، ثم تركتها
تدخل حجرتها لتتزين ولتلتقط انفاسها ،ثم جلست الى الاريكة وانا اتفكر كيف ابدا ليلتى وهى
اهم ليلة فى حياتى الزوجية وحياتها وكنت قد قرات عن بعض الحالات النفسية التى اصابت
بعض الفتيات من جراء الجهل بكيفية بدء الحياة الزوجية ليلة الزفاف ، فمنهم من تقول
: لقد دخل على زوجى حجرتى كالثور الهائج فاصابنى بالهلع مما رايت ، رايت رجلا
عاريا تماما و “كرشه” هكذا امامه ينظر الى كفريسة وقعت بين يديه وقد اكله الجوع
، وعينان تبرقان كالبرق ينفذان الى قلبى ، فلم ادر الا وجسدى كله قد اصابته
الرعشة والتشنج ، ولم افق من غيبوبتى الا وامى بجوارى ، وفى الصباح كان الطلاق
! (1) .
واخرى تروى قصتها فتقول : لقد رايت عينيه تغتصبنى قبل ان تمتد يده الى جسدى
، فتمالكت نفسى واخذت نفسا عميقا تهيئة له ، ولما “سقط” كذا على بجسده وتحسست
يديه جسدى لم اتمالك نفسى من دفعه عنى ، ولم يكن هناك شئ حتى ثلاث
ليال .
وهذا رجل تتدلل عليه زوجته فيظنه كرها ! فيربطها بعد اسبوع من العناء فى “السرير”
حتى يثبت رجولته ، واخر لم يستطع التغلب على حصون القلعة فياتى بمن يساعده بالطريقة
“البلدى” (2) !!! .
يقول : دارت فى راسى هذه الافكار وغيرها وانا ابدا اول ليلة من ليالى الحياة
الزوجية ، وانا اعلم ان لهذه الليلة الاثر كل الاثر فى الحياة الزوجية مستقبلا .
يقول : وبينما انا مع افكارى وخواطرى اذا بخشخشة تخرج من حجرة الزوجة وكانها تقول
: هيئت لك ! فطرحت افكارى جانبا ونهضت ناحية الغرفة فطرقت الباب طرقا خفيفا مازحا
: العشاء جاهز .
فخرجت فتاة احلامى فى ثوبها الرقيق الشفاف فاخذتنى “الرهبة” واحمر وجهى خجلا مما ارى فهذه
هى المرة الاولى التى ارى فيها امراة بهذه الثياب فتمالكت نفسى ثم مددت يدى الى
يدها برفق لاخذها لنجلس معا لتناول العشاء ، وما ان جلست بجانبى حتى شعرت بان
الخوف والرهبة والافكار التى كانت تملا راسى قد ذهبت وتبخرت ، وشعرت كانى اجلس فى
حمام بارد فبرد جسدى كله ، نعم ، ولم يدر براسى الا ان : هذه
زوجتك وليست فريستك ، فلما العجلة ؟ هى لك ومعك وبين يديك الان وبعد ساعة
بل غدا وبعد غد ودائما ان شاء الله تعالى ، فلما العجلة ؟! .
ومددت يدى التقط بعض الطعام اضعه فى فيها اتباعا لحديث النبى ان للرجل اجرا
حين يضع اللقمة فى فم امراته .
يقول : وناولتها الطعام مصحوبة بنظرة حانية تقول : مهلا حبيبتى لا تخافى ، ثم
خطر براسى خاطر رايته احسن ما يذهب رهبتها وخوفها ، فقمت الى مكتبى فاحضرت بعض
الاوراق و “والكراسات” التى كنت ادون فيها بعض خواطرى حال صباى ، واخذت اعرض عليها
بعض افكارى لتتلمح بعض شخصيتى ولاذهب رهبتها وخوفها ، واخذت اقرا وهى تسمع ، وتارة
تقرا هى واسمع انا ، مع تعليقى على بعض الكلمات والضحك من بعض الكلمات والافكار
والخواطر ، وكنت اتلمس الفرصة لالمس يديها او شعرها .
ولم ندر الا وقد انقضت ساعة كاملة شعرنا فيها معا بالحاجة الى القبلة واللمسة فامسكت
بيديها وقبلتهما ثم شفتيها ، وكانت قبلة طويلة حارة اخذتنا الى عالم اخر فلم نشعر
الا وقد انتقلنا من الحجرة الخارجية واذا بنا على فراش الزوجية .
يقول : فكانت هذه اول ليلة من ليالى حياتنا الزوجية .
وبعد خمس سنوات من الزواج جلسنا معا نتذكر اول ليلة ، فكان من قولها :
ان البنات فى ليلة الزفاف تمتلئ رؤوسهن بالحكايات والقصص التى تجعل اكثرهن يهبن هذا اليوم
، وانا كنت كغيرى البنات ، كنت احسب لهذه الليلة الف حساب ، ولكنك اذهبت
كل خوفى ورهبتى بما كان من قراءة تلك الاوراق التى كنت تسطرها قبل زواجنا ،
وعدم العجلة فجزاك الله عنى كل خير .
اقول : انما سقت اليك هذه القصة لما نسمع ونرى من الجهل بكيفية بدء ليلة
الزفاف الاولى فى حياة الزوجين ، وما يترتب على هذه الليلة من سعادة او شقاوة
لاى من الزوجين او كلاهما .
ما يقول الرجل حين يجامع اهله :روى البخارى عن ابن عباس يبلغ به النبى
قال : “لو ان احدكم اذا اتى اهله قال باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب
الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضره ” (1) .
قال القاضى : قيل المراد بانه لا يضره انه لا يصرعه شيطان ، وقيل :
لا يطعن فيه الشيطان عند ولادته بخلاف غيره ، قال : ولم يحمله احد على
العموم فى جميع الضرر والوسوسة والاغواء ، هذا كلام القاضى (1) .
فض غشاء البكارة : وعلى الزوج ان يكثر من المداعبة والملاعبة قبل ان يبدا فى
فض غشاء البكارة ، ويكون امره باللين حتى تلين زوجه معه ، وعليه بمداعبة باطن
الفخذين حتى يلينا فينفرجا فيسهل الامر عليه ، فاذا احس منها باللين اولج عضوه باللين
ايضا وعلى مهل ، ولا يكثر من الايلاج او الدفع بشدة ، حتى اذا انفض
الغشاء ترك زوجته قليلا لتزيل اثر الدم ، وليتركها ساعة تستريح (2) .
وافضل اشكال فض البكارة وازالتها :
ان تستلقى المراة على ظهرها ، وتطوى فخذيها وقد انفرجا حتى يلتصقا بكتفيها ، –
والزوج يقبل شفتيها حتى لا تشعر بالحرج او الخوف – فينفرج الفرج والشفران مما يسهل
الايلاج للزوج ، وهذا هو افضل الاشكال واحسنها (3) .
كيف ياتى الرجل اهله :وللرجل ان ياتى امراته كيف شاء مقبلة ومدبرة ، مجبية (1)
وعلى حرف (2) ، قائمة وجالسة وقاعدة ، على ان يحذر الدبر والحيضة .
قال تعالى : (نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم) (البقرة : 223) اى :
كيف شئتم .
ففى الصحيحين عن جابر قال : “كانت اليهود تقول اذا جامعها من ورائها جاء الولد
احول فنزلت ( نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم ) (البقرة : 223) (3)
وفى لفظ للامام مسلم :”ان شاء مجبية وان شاء غير مجبية غير ان ذلك في
صمام واحد”.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : “كان هذا الحي من الانصار وهم اهل
وثن مع هذا الحي من يهود وهم اهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في
العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من امر اهل الكتاب ان لا ياتوا النساء
الا على حرف وذلك استر ما تكون المراة فكان هذا الحي من الانصار قد اخذوا
بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون منهن مقبلات
ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امراة من الانصار فذهب يصنع بها
ذلك فانكرته عليه وقالت انما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك والا فاجتنبني حتى شري(4)
امرهما فبلغ ذلك رسول الله فانزل الله ( نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم
انى شئتم ) اي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد ” (1) .
الوليمة صبيحة العرس (2) : وتجب الوليمة بعد الدخول لقوله لما خطب على فاطمة
رضى الله عنها : “انه لابد للعروس من وليمة ، قال : فقال سعد :
على كبش ، وقال فلان : على كذا وكذا من ذرة ، وفى رواية :
وجمع له رهط من الانصار اصوعا ذرة” (3) .
وعن انس قال : “اولم رسول الله اذ بنى بزينب ، فاشبع المسلمين
خبزا ولحما ، ثم خرج الى امهات المؤمنين فلسم عليهن ، ودعا لهن ، وسلم
عليهن ودعون له ، فكان يفعل ذلك صبيحة بنائه” (4) .
وعنه قال : “بنى رسول الله بامراة فارسلنى فدعوت رجالا على الطعام”(5) .
والسنة فيها ان تكون ثلاثة ايام : لحديث انس ايضا قال : “تزوج النبى
صفية ، وجعل عتقها صداقها ، وجعل الوليمة ثلاثة ايام” (6) .
وان يدعو اليها الصالحين لقوله فى الحديث العام : “لا تصاحب الا مؤمنا ولا
ياكل طعامك الا تقي” (7) .
ان يولم بشاة او اكثر ان كان فى الامر سعة لقوله : “اولم ولو
بشاة” (8) .
جواز الوليمة بالتمر واللبن والسمن :وان لم يكن فى الامر سعة اولم بالطعام دون اللحم
لقول انس قال : “اقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاثا يبنى عليه بصفية بنت
حيي فدعوت المسلمين الى وليمته فما كان فيها من خبز ولا لحم امر بالانطاع(1) فالقى
فيها من التمر والاقط(2) والسمن فكانت وليمته فقال المسلمون احدى امهات المؤمنين او مما ملكت
يمينه فقالوا ان حجبها فهي من امهات المؤمنين وان لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه
فلما ارتحل وطى لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناس ” (3) .
مشاركة اهل الخير والسعة فى الوليمة : لحديث انس قال فى قصة زواج النبى
بام المؤمنين صفية : “حتى اذا كان بالطريق جهزتها له ام سليم فاهدتها له
من الليل فاصبح النبي عروسا فقال من كان عنده شيء فليجئ به قال وبسط
نطعا قال فجعل الرجل يجيء بالاقط وجعل الرجل يجيء بالتمر وجعل الرجل يجيء بالسمن فحاسوا
حيسا فكانت وليمة رسول الله ” (4) .
النهى عن تخصيص الاغنياء بالدعوة :
ولا يجوز تخصيص الاغنياء بالدعوة الى الوليمة لقوله : “شر الطعام طعام الوليمة يمنعها
من ياتيها ويدعى اليها من ياباها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله” (5)
.
ويجب اجابة الدعوة لقوله فى الحديث السابق : “ومن لم يجب الدعوة فقد عصى
الله ورسوله”، وقوله : ” فكوا العاني(1) واجيبوا الداعي وعودوا المريض”(2) .
وعليه اجابة الدعوة وان كان صائما لحديث ابى سعيد الخدرى قال : “صنعت لرسول
الله طعاما فاتانى هو واصحابه ، فلما وضع الطعام قال رجل من القوم :
انى صائم ، فقال رسول الله : دعاكم اخوكم وتكلف لكم ! ، ثم
قال له : افطر وصم مكانه يوما ان شئت” (3) .
وقال : “اذا دعي احدكم فليجب فان كان صائما فليصل(4) وان كان مفطرا(5) فليطعم”
(6) .
وعلى من حضر الدعوة الدعاء لصاحبها لحديث عبد الله بن بسر ان اباه صنع
طعاما للنبى فدعاه فاجابه فلما فرغ من طعامه قال : “اللهم بارك لهم في
ما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم ” (7) .
وفى حديث اخر : “اللهم اطعم من اطعمني واسق من اسقاني ” (8) .
وفى حديث ثالث يدعو فيقول : “افطر عندكم الصائمون واكل طعامكم الابرار وصلت عليكم الملائكة
” (9) .
ويمكث الزوج عند البكر سبعا وعند الثيب ثلاثة ايام .
القسم الثانى
ومن ابواب الزواج :
فان قيل فما هى الشروط فى النكاح ؟ الجواب : “جاء فى الصحيحين عنه ”
احق ما اوفيتم من الشروط ان توفوا به ما استحللتم به الفروج” (1) ، وفيهما
عنه :”لا تسال المراة طلاق اختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح فان لها ما قدر لها” (2).
فتضمن هذا الحكم وجوب الوفاء بالشروط التى شرطت فى العقد اذا لم تتضمن تغييرا لحكم
الله ورسوله .
وقد اتفق على وجوب الوفاء بتعجيل المهر او تاجيله والضمين والرهن به ونحو ذلك وعلى
عدم الوفاء باشتراط ترك الوطء والانفاق والخلو عن المهر ونحو ذلك .
واختلف فى شرط الاقامة فى بلد الزوجة وشرط دار الزوجة ، وانه لا يتسرى عليها
ولا يتزوج عليها فاوجب احمد وغيره الوفاء به ومتى لم يف به فلها الفسخ عند
احمد.
واختلف فى اشتراط البكارة والنسب والجمال والسلامة من العيوب التى لا يفسخ بها النكاح وهل
يؤثر عدمها فى فسخه على ثلاثة اقوال ثالثها الفسخ عند عدم النسب خاصة ، وتضمن
حكمه بطلان اشتراط المراة طلاق اختها وانه لا يجب الوفاء به .
فان قيل فما الفرق بين هذا وبين اشتراطها ان لا يتزوج عليها حتى صححتم هذا
وابطلتم شرط طلاق الضرة ؟
الجواب : قيل : الفرق بينهما ان فى اشتراط طلاق الزوجة من الاضرار بها وكسر
قلبها وخراب بيتها وشماتة اعدائها ما ليس فى اشتراط عدم نكاحها ونكاح غيرها ، وقد
فرق النص بينهما فقياس احدهما على الاخر فاسد” (1) .
فان قيل فما حكم الاسلام فيمن تزوج بامراة فوجدها حبلى ؟
قال الامام احمد وجمهور الفقهاء واهل المدينة ببطلان هذا النكاح ، ويجب المهر المسمى او
مثله او اقل منه على اختلاف بينهم ، ويجب عليها الحد وهو احدى الروايتين عن
الامام احمد رحمه الله تعالى .
اذن فما هى المحرمات من النساء ؟
الجواب : “حرم الامهات وهن كل من بينك وبينه ايلاد من جهة الامومة او الابوة
كامهاته وامهات ابائه واجداده من جهة الرجال والنساء وان علون .
وحرم البنات وهن كل من انتسب اليه بايلاد كبنات صلبه وبنات بناته وابنائهن وان سفلن
.
وحرم الاخوات من كل جهة .
وحرم العمات وهن اخوات ابائه وان علون من كل جهة .
واما عمة العم فان كان العم لاب فهى عمة ابيه وان كان لام فعمته اجنبية
منه فلا تدخل فى العمات ، واما عمة الام فهى داخلة فى عماته كما دخلت
عمة ابيه فى عماته .
وحرم الخالات وهن اخوات امهاته وامهات ابائه وان علون ، واما خالة العمة فان كانت
العمة لاب فخالتها اجنبية وان كانت لام فخالتها حرام لانها خالة ، واما عمة الخالة
فان كانت الخالة لام فعمتها اجنبية وان كانت لاب فعمتها حرام لانها عمة الام .
وحرم بنات الاخ وبنات الاخت فيعم الاخ والاخت من كل جهة وبناتهما وان نزلت درجتهن
.
وحرم الام من الرضاعة فيدخل فيه امهاتها من قبل الاباء والامهات وان علون واذا صارت
المرضعة امه صار صاحب اللبن وهو الزوج او السيد ان كانت جارية اباه واباؤه اجداده
فنبه بالمرضعة صاحبة اللبن التى هى مودع فيها للاب على كونه ابا بطريق الاولى لان
اللبن له وبوطئه ثاب ولهذا حكم رسول الله بتحريم لبن الفحل (1) فثبت بالنص
وايمائه انتشار حرمة الرضاع الى ام المرتضع وابيه من الرضاعة وانه قد صار ابنا لهما
وصار ابوين له فلزم من ذلك ان يكون اخوتهما واخواتهما خالات له وعمات وابناؤهما وبناتهما
اخوة له واخوات فنبه بقوله : (واخواتكم من الرضاعة) (النساء : 22) على انتشار حرمة
الرضاع الى اخوتهما واخواتهما كما انتشرت منهما الى اولادهما فكما صاروا اخوة واخوات للمرتضع فاخوالهما
وخالاتهما اخوال وخالات له واعمام وعمات له ، الاول بطريق النص ، والاخر بتنبيهه، كما
ان الانتشار الى الام بطريق النص والى الاب بطريق تنبيهه .
وهذه طريقة عجيبة مطردة فى القران لا يقع عليها الا كل غائص على معانيه ووجوه
دلالاته ، ومن هنا قضى رسول الله انه يحرم من الرضاع ما يحرم من
النسب ولكن الدلالة دلالتان خفية وجلية فجمعهما للامة ليتم البيان ويزول الالتباس ويقع على الدلالة
الجلية الظاهرة من قصر فهمه عن الخفية .
وحرم امهات النساء فدخل فى ذلك ام المراة وان علت من نسب او رضاع دخل
بالمراة او لم يدخل بها لصدق الاسم على هؤلاء كلهن .
وحرم الربائب اللاتى فى حجور الازواج وهن بنات نسائهم المدخول بهن فتناول بذلك بناتهن وبنات
بناتهن وبنات ابنائهن فانهن داخلات فى اسم الربائب وقيد التحريم بقيدين احدهما كونهن فى حجور
الازواج .
والثانى : الدخول بامهاتهن فاذا لم يوجد الدخول لم يثبت التحريم وسواء حصلت الفرقة بموت
او طلاق هذا مقتضى النص .
وذهب زيد بن ثابت ومن وافقه واحمد فى رواية عنه الى ان موت الام فى
تحريم الربيبة كالدخول بها لانه يكمل الصداق ويوجب العدة والتوارث فصار كالدخول والجمهور ابوا ذلك
وقالوا الميتة غير مدخول بها فلا تحرم ابنتها والله تعالى قيد التحريم بالدخول وصرح بنفيه
عند عدم الدخول .
واما كونها فى حجره فلما كان الغالب ذلك ذكره لا تقييدا للتحريم به بل هو
بمنزلة قوله : (ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق) (الاسراء : 31) ولما كان من شان
بنت المراة ان تكون عند امها فهى فى حجر الزوج وقوعا وجوازا فكانه قال اللاتى
من شانهن ان يكن فى حجوركم .
ففى ذكر هذا فائدة شريفة وهى جواز جعلها فى حجره وانه لا يجب عليه ابعادها
عنه وتجنب مؤاكلتها والسفر والخلوة بها فافاد هذا الوصف عدم الامتناع من ذلك .
ولما خفى هذا على بعض اهل الظاهر شرط فى تحريم الربيبة ان تكون فى حجر
الزوج وقيد تحريمها بالدخول بامها واطلق تحريم ام المراة ولم يقيده بالدخول فقال جمهور العلماء
من الصحابة ومن بعدهم ان الام تحرم بمجرد العقد على البنت دخل بها او لم
يدخل ولا تحرم البنت الا بالدخول بالام وقالوا ابهموا ما ابهم الله وذهبت طائفة الى
ان قوله : (اللاتي دخلتم) (النساء : 23) وصف لنسائكم الاولى والثانية وانه لا تحرم
الام الا بالدخول بالبنت وهذا يرده نظم الكلام وحيلولة المعطوف بين الصفة والموصوف وامتناع جعل
الصفة للمضاف اليه دون المضاف الا عند البيان ، فاذا قلت : مررت بغلام زيد
العاقل ، فهو صفة للغلام لا لزيد الا عند زوال اللبس، كقولك مررت بغلام هند
الكاتبة ، ويرده ايضا جعله صفة واحدة لموصوفين مختلفى الحكم والتعلق والعامل وهذا لا يعرف
فى اللغة التى نزل بها القران .
وايضا فان الموصوف الذى يلى الصفة اولى بها لجواره والجار احق بصفته ما لم تدع
ضرورة الى نقلها عنه او تخطيها اياه الى الابعد .
فان قيل فمن اين ادخلتم ربيبته التى هى بنت جاريته التى دخل بها وليست من
نسائه ؟
قلنا السرية قد تدخل فى جملة نسائه كما دخلت فى قوله : (نساؤكم حرث لكم
فاتوا حرثكم انى شئتم) (البقرة : 223) ودخلت فى قوله : (احل لكم ليلة الصيام
الرفث الى نسائكم) (البقرة : 187) ودخلت فى قوله : (ولا تنكحوا ما نكح اباؤكم
من النساء) (النساء 22) .
فان قيل : فيلزمكم على هذا ادخالها فى قوله : (وامهات نسائكم) (النساء : 23)
فتحرم عليه ام جاريته .
قلنا : نعم وكذلك نقول اذا وطئ امته حرمت عليه امها وابنتها .
فان قيل : فانتم قد قررتم انه لا يشترط الدخول بالبنت فى تحريم امها فكيف
تشترطونه ها هنا ؟
قلنا : لتصير من نسائه فان الزوجة صارت من نسائه بمجرد العقد واما المملوكة فلا
تصير من نسائه حتى يطاها فاذا وطئها صارت من نسائه فحرمت عليه امها وابنتها .
فان قيل : فكيف ادخلتم السرية فى نسائه فى اية التحريم ولم تدخلوها فى نسائه
فى اية الظهار والايلاء ؟
قيل : السياق والواقع يابى ذلك فان الظهار كان عندهم طلاقا وانما محله الازواج لا
الاماء فنقله الله سبحانه من الطلاق الى التحريم الذى تزيله الكفارة ونقل حكمه وابقى محله
واما الايلاء فصريح فى ان محله الزوجات لقوله تعالى : (للذين يؤلون من نسائهم تربص
اربعة اشهر فان فاؤوا فان الله غفور رحيم ، وان عزموا الطلاق فان الله سميع
عليم) (البقرة : 226 227) .
وحرم سبحانه حلائل الابناء وهن موطوات الابناء بنكاح او ملك يمين فانها حليلة بمعنى محللة
ويدخل فى ذلك ابن صلبه وابن ابنه وابن ابنته ويخرج بذلك ابن التبنى وهذا التقييد
قصد به اخراجه .
واما حليلة ابنه من الرضاع فان الائمة الاربعة ومن قال بقولهم يدخلونها فى قوله :
(وحلائل ابنائكم) (النساء : 23) ولا يخرجونها بقوله : (الذين من اصلابكم) (النساء : 23)
ويحتجون بقول النبى : “حرموا من الرضاع ما تحرمون من النسب” قالوا : وهذه
الحليلة تحرم اذا كانت لابن النسب فتحرم اذا كانت لابن الرضاع ، قالوا : والتقييد
لاخراج ابن التبنى لا غير وحرموا من الرضاع بالصهر نظير ما يحرم بالنسب ونازعهم فى
ذلك اخرون وقالوا لا تحرم حليلة ابنه من الرضاعة لانه ليس من صلبه والتقييد كما
يخرج حليلة ابن التبنى يخرج حليلة ابن الرضاع سواء ولا فرق بينهما .
قالوا : واما قوله : “يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب” (1) فهو
من اكبر ادلتنا وعمدتنا فى المسالة فان تحريم حلائل الاباء والابناء انما هو بالصهر لا
بالنسب والنبى قد قصر تحريم الرضاع على نظيره من النسب لا على شقيقه من
الصهر فيجب الاقتصار بالتحريم على مورد النص .
قالوا : والتحريم بالرضاع فرع على تحريم النسب لا على تحريم المصاهرة فتحريم المصاهرة اصل
قائم بذاته والله سبحانه لم ينص فى كتابه على تحريم الرضاع الا من جهة النسب
ولم ينبه على التحريم به من جهة الصهر البتة لا بنص ولا ايماء ولا اشارة
والنبى امر ان يحرم به ما يحرم من النسب وفى ذلك ارشاد واشارة الى
انه لا يحرم به ما يحرم بالصهر ولولا انه اراد الاقتصار على ذلك لقال حرموا
من الرضاع ما يحرم من النسب والصهر .
قالوا : وايضا فالرضاع مشبه بالنسب ولهذا اخذ منه بعض احكامه وهو الحرمة والمحرمية فقط
دون التوارث والانفاق وسائر احكام النسب فهو نسب ضعيف فاخذ بحسب ضعفه بعض احكام النسب
ولم يقو على سائر احكام النسب وهو الصق به من المصاهرة فكيف يقوى على اخذ
احكام المصاهرة مع قصوره عن احكام مشبهه وشقيقه
واما المصاهرة والرضاع فانه لا نسب بينهما ولا شبهة نسب ولا بعضية ولا اتصال قالوا
: ولو كان تحريم الصهرية ثابتا لبينة الله ورسوله بيانا شافيا يقيم الحجة ويقطع العذر
فمن الله البيان وعلى رسوله البلاغ وعلينا التسليم والانقياد فهذا منتهى النظر فى هذه المسالة
فمن ظفر فيها بحجة فليرشد اليها وليدل عليها فانا لها منقادون وبها معتصمون والله الموفق
للصواب .
فصل
وحرم سبحانه وتعالى نكاح من نكحهن الاباء وهذا يتناول منكوحاتهم بملك اليمين او عقد نكاح
ويتناول اباء الاباء واباء الامهات وان علون والاستثناء بقوله : “الا ما قد سلف” من
مضمون جملة النهى وهو التحريم المستلزم للتاثيم والعقوبة فاستثنى منه ما سلف قبل اقامة الحجة
بالرسول والكتاب .
فصل
وحرم سبحانه الجمع بين الاختين وهذا يتناول الجمع بينهما فى عقد النكاح وملك اليمين كسائر
محرمات الاية وهذا قول جمهور الصحابة ومن بعدهم وهو الصواب وتوقفت طائفة فى تحريمه بملك
اليمين لمعارضة هذا العموم بعموم قوله سبحانه : (والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم
او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين) (المؤمنون : 5 6) ولهذا قال امير المؤمنين
عثمان بن عفان احلتهما اية وحرمتهما اية .
وقال الامام احمد فى رواية عنه : لا اقول هو حرام ولكن ننهى عنه ،
فمن اصحابه من جعل القول باباحته رواية عنه والصحيح انه لم يبحه ولكن تادب مع
الصحابة ان يطلق لفظ الحرام على امر توقف فيه عثمان بل قال ننهى عنه .
والذين جزموا بتحريمه رجحوا اية التحريم من وجوه :
احدها : ان سائر ما ذكر فيها من المحرمات عام فى النكاح وملك اليمين فما
بال هذا وحده حتى يخرج منها ، فان كانت اية الاباحة مقتضية لحل الجمع بالملك
فلتكن مقتضية لحل ام موطوءته بالملك ولموطوءة ابيه وابنه بالملك اذ لا فرق بينهما البتة
ولا يعلم بهذا قائل .
الثانى : ان اية الاباحة بملك اليمين مخصوصة قطعا بصور عديدة لا يختلف فيها اثنان
كامه وابنته واخته وعمته وخالته من الرضاعة بل كاخته وعمته وخالته من النسب عند من
لا يرى عتقهن بالملك كمالك والشافعى ولم يكن عموم قوله : (او ما ملكت ايمانكم)
(النساء : 3) معارضا لعموم تحريمهن بالعقد والملك فهذا حكم الاختين سواء .
الثالث : ان حل الملك ليس فيه اكثر من بيان جهة الحل وسببه ولا تعرض
فيه لشروط الحل ولا لموانعه واية التحريم فيها بيان موانع الحل من النسب والرضاع والصهر
وغيره فلا تعارض بينهما البتة والا كان كل موضع ذكر فيه شرط الحل وموانعه معارضا
لمقتضى الحل وهذا باطل قطعا بل هو بيان لما سكت عنه دليل الحل من الشروط
والموانع .
الرابع : انه لو جاز الجمع بين الاختين المملوكتين فى الوطء جاز الجمع بين الام
وابنتها المملوكتين فان نص التحريم شامل للصورتين شمولا واحدا وان اباحة المملوكات ان عمت الاختين
عمت الام وابنتها .
الخامس : ان النبى قال : “من كان يؤمن بالله واليوم والاخر فلا يجمع
ماءه فى رحم اختين” (1) ولا ريب ان جمع الماء كما يكون بعقد النكاح يكون
بملك اليمين والايمان يمنع منه .
فصل
وقضى رسول الله بتحريم الجمع بين المراة وعمتها والمراة وخالتها وهذا التحريم ماخوذ من
تحريم الجمع بين الاختين لكن بطريق خفى وما حرمه رسول الله مثل ما حرمه
الله ولكن هو مستنبط من دلالة الكتاب .
وكان الصحابة رضى الله عنهم احرص شئ على استنباط احاديث رسول الله من القران
ومن الزم نفسه ذلك وقرع بابه ووجه قلبه اليه واعتنى به بفطرة سليمة وقلب ذكى
راى السنة كلها تفصيلا للقران وتبيينا لدلالته وبيانا لمراد الله منه وهذا اعلى مراتب العلم
فمن ظفر به فليحمد الله ومن فاته فلا يلومن الا نفسه وهمته وعجزه .
واستفيد من تحريم الجمع بين الاختين وبين المراة وعمتها وبينها وبين خالتها ان كل امراتين
بينهما قرابة لو كان احدهما ذكرا حرم على الاخر فانه يحرم الجمع بينهما ولا يستثنى
من هذا صورة واحدة فان لم يكن بينهما قرابة لم يحرم الجمع بينهما وهل يكره
على قولين وهذا كالجمع بين امراة رجل وابنته من غيرها .
واستفيد من عموم تحريمه سبحانه المحرمات المذكورة ان كل امراة حرم نكاحها حرم وطؤها بملك
اليمين الا اماء اهل الكتاب فان نكاحهن حرام عند الاكثرين ووطؤهن بملك اليمين جائز وسوى
ابو حنيفة بينهما فاباح نكاحهن كما يباح وطؤهن بالملك .
والجمهور احتجوا عليه بان الله سبحانه وتعالى انما اباح نكاح الاماء بوصف الايمان فقال تعالى
: (ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت ايمانكم من
فتياتكم المؤمنات والله اعلم بايمانكم) (النساء : 25) ، وقال تعالى : (ولا تنكحوا المشركات
حتى يؤمن) (البقرة : 221) خص ذلك بحرائر اهل الكتاب بقى الاماء على قضية التحريم
وقد فهم عمر وغيره من الصحابة ادخال الكتابيات فى هذه الاية فقال : لا
اعلم شركا اعظم من ان تقول ان المسيح الهها .
وايضا فالاصل فى الابضاع الحرمة وانما ابيح نكاح الاماء المؤمنات فمن عداهن على اصل التحريم
وليس تحريمهن مستفادا من المفهوم .
واستفيد من سياق الاية ومدلولها ان كل امراة حرمت حرمت ابنتها الا العمة والخالة وحليلة
الابن وحليلة الاب وام الزوجة وان كل الاقارب حرام الا الاربعة المذكورات فى سورة الاحزاب
وهن بنات الاعمام والعمات وبنات الاخوال والخالات .
فصل
ومما حرمه النص نكاح المزوجات وهن المحصنات واستثنى من ذلك ملك اليمين فاشكل هذا الاستثناء
على كثير من الناس فان الامة المزوجة يحرم وطؤها على مالكها فاين محل الاستثناء .
فقالت طائفة هو منقطع اى لكن ما ملكت ايمانكم ورد هذا لفظا ومعنى اما اللفظ
فان الانقطاع انما يقع حيث يقع التفريغ وبابه غير الايجاب من النفى والنهى والاستفهام فليس
الموضع موضع انقطاع ، واما المعنى فان المنقطع لا بد فيه من رابط بينه وبين
المستثنى منه بحيث يخرج ما توهم دخوله فيه بوجه ما ، فانك اذا قلت ما
بالدار من احد دل على انتفاء من بها بدوابهم وامتعتهم فاذا قلت الا حمارا او
الا الاثافى ونحو ذلك ازلت توهم دخول المستثنى فى حكم المستثنى منه وابين من هذا
قوله تعالى : (لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما) (مريم : 62) .
فاستثناء السلام ازال توهم نفى السماع العام فان عدم سماع اللغو يجوز ان يكون لعدم
سماع كلام ما وان يكون مع سماع غيره وليس فى تحريم نكاح المزوجة ما يوهم
تحريم وطء الاماء بملك اليمين حتى يخرجه .
وقالت طائفة : بل الاستثناء على بابه ومتى ملك الرجل الامة المزوجة كان ملكه طلاقا
لها وحل له وطؤها وهى مسالة بيع الامة هل يكون طلاقا لها ام لا ؟
فيه مذهبان للصحابة فابن عباس يراه طلاقا ويحتج له بالاية وغيره يابى ذلك ويقول
كما يجامع الملك السابق للنكاح اللاحق اتفاقا ولا يتنافيان كذلك الملك اللاحق لا ينافى النكاح
السابق قالوا وقد خير رسول الله بريرة لما بيعت ، ولو انفسخ نكاحها لم
يخيرها ، قالوا : وهذا حجة على ابن عباس فانه هو راوى الحديث والاخذ
برواية الصحابى لا برايه .
وقالت طائفة ثالثة : ان كان المشترة امراة لم ينفسخ النكاح لانها لم تملك الاستمتاع
ببضع الزوجة وان كان رجلا انفسخ لانه يملك الاستمتاع به وملك اليمين اقوى من ملك
النكاح وهذا الملك يبطل النكاح دون العكس قالوا وعلى هذا فلا اشكال فى حديث بريرة
.
واجاب الاولون عن هذا بان المراة وان لم تملك الاستمتاع ببضع امتها فهى تملك المعاوضة
عليه وتزويجها واخذ مهرها وذلك كملك الرجل وان لم تستمتع بالبضع .
وقالت فرقة اخرى الاية خاصة بالمسبيات فان المسبية اذا سبيت حل وطؤها لسابيها بعد الاستبراء
وان كانت مزوجة وهذا قول الشافعى واحد الوجهين لاصحاب احمد وهو الصحيح ، كما روى
مسلم فى صحيحه عن ابى سعيد الخدرى : “ان رسول الله حنين بعث
جيشا الى اوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم واصابوا لهم سبايا فكان ناسا من اصحاب
رسول الله تحرجوا من غشيانهن من اجل ازواجهن من المشركين فانزل الله عز وجل
في ذلك ( والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم ) اي فهن لكم حلال
اذا انقضت عدتهن “.
فتضمن هذا الحكم اباحة وطء المسبية وان كان لها زوج من الكفار وهذا يدل على
انفساخ نكاحه وزوال عصمة بضع امراته وهذا هو الصواب لانه قد استولى على محل حقه
وعلى رقبة زوجته وصار سابيها احق بها منه فكيف يحرم بضعها عليه فهذا القول لا
يعارضه نص ولا قياس .
والذين قالوا من اصحاب احمد وغيرهم : ان وطاها انما يباح اذا سبيت وحدها قالوا
لان الزوج يكون بقاؤه مجهولا والمجهول كالمعدوم فيجوز وطؤها بعد الاستبراء فاذا كان الزوج معها
لم يجز وطؤها مع بقائه فاورد عليهم ما لو سبيت وحدها وتيقنا بقاء زوجها فى
دار الحرب فانهم يجوزون وطاها فاجابوا بما لا يجدى شيئا وقالوا : الاصل الحاق الفرد
بالاعم الاغلب فيقال لهم الاعم الاغلب بقاء ازواج المسبيات اذا سبين منفردات وموتهم كلهم نادر
جدا ثم يقال اذا صارت رقبة زوجها واملاكه ملكا للسابى وزالت العصمة عن سائر املاكه
وعن رقبته فما الموجب لثبوت العصمة فى فرج امراته خاصة وقد صارت هى وهو واملاكهما
للسابى .
ودل هذا القضاء النبوى على جواز وطء الاماء الوثنيات بملك اليمين فان سبايا اوطاس لم
يكن كتابيات ولم يشترط رسول الله فى وطئهن اسلامهن ولم يجعل المانع منه الا
الاستبراء فقط وتاخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع مع انهم حديثو عهد بالاسلام حتى خفى
عليهم حكم هذه المسالة وحصول الاسلام من جميع السبايا وكانوا عدة الاف بحيث لم يتخلف
منهم عن الاسلام جارية واحدة مما يعلم انه فى غاية البعد فانهن لم يكرهن على
الاسلام ولم يكن لهن من البصيرة والرغبة والمحبة فى الاسلام ما يقتضى مبادرتهن اليه جميعا
فمقتضى السنة وعمل الصحابة فى عهد رسول الله وبعده جواز وطء المملوكات على اى
دين كن وهذا مذهب طاووس وغيره وقواه صاحب المغنى فيه ورجح ادلته وبالله التوفيق” (1)
.
فماذا عن حكم النبى فى نكاح التفويض ؟
الجواب : ثبت عنه : انه قضى :”فى رجل تزوج امراة ولم يفرض لها
صداقا ولم يدخل بها حتى مات ان لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط ولها
الميراث وعليها العدة اربعة اشهر وعشرا” (2) .
وفى سنن ابى داود عنه : “قال لرجل اترضى ان ازوجك فلانة قال نعم وقال
للمراة اترضين ان ازوجك فلانا قالت نعم فزوج احدهما صاحبه فدخل بها الرجل ولم يفرض
لها صداقا ولم يعطها شيئا وكان ممن شهد الحديبية وكان من شهد الحديبية له سهم
بخيبر فلما حضرته الوفاة قال ان رسول الله زوجني فلانة ولم افرض لها صداقا
ولم اعطها شيئا واني اشهدكم اني اعطيتها من صداقها سهمي بخيبر” (3).
وقد تضمنت هذه الاحكام جواز النكاح من غير تسمية صداق وجواز الدخول قبل التسمية واستقرار
مهر المثل بالموت وان لم يدخل بها ووجوب عدة الوفاة بالموت وان لم يدخل بها
الزوج وبهذا اخذ ابن مسعود وفقهاء العراق وعلماء الحديث منهم احمد والشافعى فى احد قوليه
.
وقال على بن ابى طالب وزيد بن ثابت رضى الله عنهما لا صداق لها وبه
اخذ اهل المدينة ومالك والشافعى فى قوله الاخر .
وتضمنت جواز تولى الرجل طرفى العقد كوكيل من الطرفين او ولى فيهما او ولى وكله
الزوج او زوج وكله الولى ويكفى ان يقول زوجت فلانا فلانة مقتصرا على ذلك او
تزوجت فلانة اذا كان هو الزوج وهذا ظاهر مذهب احمد وعنه رواية ثانية : لا
يجوز ذلك الا للولى المجبر كما زوج امته او ابنته المجبرة بعبده المجبر ووجه هذه
الرواية انه لا يعتبر رضى واحد من الطرفين .
وفى مذهبه قول ثالث : “انه يجوز ذلك الا للزوج خاصة فانه لا يصح منه
تولى الطرفين لتضاد احكام الطرفين فيه” (1) .
فماذا عن حكمه فى نكاح الشغار والمحلل والمتعة ونكاح المحرم ونكاح الزانية ؟
الجواب : اما الشغار فاصله فى اللغة هو : الرفع ، كان الرجل يقول :
لا ترفع رجل ابنتى حتى ارفع رجل ابنتك ، ويقال : شغرت المراة اذا رفعت
رجلها عند الجماع ، وقد صح النهى عنه من حديث ابن عمر وابى هريرة ،
وفى صحيح مسلم عن ابن عمر مرفوعا : “لا شغار في الاسلام” (2) ، وفى
حديث ابن عمر : (3) ، وفى حديث ابى هريرة : والشغار ان يقول الرجل
للرجل زوجني ابنتك وازوجك ابنتي او زوجني اختك وازوجك اختي (1) .
وقد اختلف فى علة النهى فقيل : لان كل واحد من العقدين شرطا فى الاخر
، وقيل : لان هذا تشيك فى البضع ، وقيل : لانه اصبح كل واحدة
بضع الاخرى فلا انتفاع للمراة بمهرها .
واما نكاح المحلل (2) : وهو ان تطلق المراة ثلاثا فتحرم بذلك على زوجها لقوله
تعالى : (فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (البقرة :
230) فيؤتى برجل اخر فيتزوج تلك المراة ليحلها لزوجها الاول لتعود اليه ، وقد ثبت
نهى النبى عن هذا النكاح ، ففى المسند والترمذى من حديث ابن مسعود قال
: “لعن رسول الله المحلل والمحلل له” (3) ، قال الترمذى هذا حديث حسن
صحيح ، وفى المسند من حديث ابى هريرة مرفوعا : “لعن الله المحلل والمحلل
له” (4) .
وحكم هذا النكاح الفسخ ، ولا تحل به المراة لزوجها الاول ، ويثبت لها المهر
ان وطئها ، ثم يفرق بينهما .
واما نكاح المتعة : وهو ان يتزوج الرجل المراة الى اجل مسمى ، يوما او
يومين ، شهرا او شهرين ، مقابل بعض المال ونحوه ، فاذا انقضى الاجل تفرقا
من غير طلاق ولا ميراث ، والله اعلم .
وقد ثبت عن النبى انه نهى عنه عام الفتح ، فروى البخارى ومسلم عن
على : “ان رسول الله نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الاهلية زمن خيبر”
.
وحكم هذا النكاح الفسخ ، ويثبت فيه المهر للزوجة ان دخل بها .
واما نكاح المحرم : وهو نكاح المحرم بحجة او عمرة ، فثبت عنه فى صحيح
مسلم من رواية عثمان بن عفان قال : قال رسول الله : “لا
ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب” (1) ، اى لا يعقد له عقد نكاح ،
ولا يعقد لغيره ، فان وقع فسخ ، وجدد عقدا جديدا بعد انقضاء الحج او
العمرة .
واما نكاح الزانية : فقد صرح الله سبحانه وتعالى بتحريمه فى سورة النور واخبر ان
من نكحها فهو اما زان او مشرك ، وايضا فانه سبحانه قال : (الخبيثات للخبيثين
والخبيثون للخبيثات) (النور: 26) والخبيثات الزوانى وهذا يقتضى ان من تزوج بهن فهو خبيث مثلهن
.
وهو من اقبح القبائح ان يتزوج الرجل بزانية ، وفيه ظلم لولده من بعده الذى
سيعير بامه ، وهو من سوء اختيار الاب وعدم الاحسان الى ولده ، والرجل :
لا يامن فيه ايضا على فراشه ان هو تزوج بزانية .
فهل هناك انكحة فاسدة اخرى ؟
الجواب : نعم : كنكاح المعتدة : وهو ان يتزوج الرجل المراة المعتدة من طلاق
او وفاة ، لقوله تعالى : (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله) (البقرة
: 235) .
ونكاح المجوسية او البوذية او الشيوعية الكافرة عامة ، لقوله تعالى : (ولا تنكحوا المشركات
حتى يؤمن) (البقرة :221) .
ومن احكام الخلع : وماذا عن حكم رسول الله فى الخلع ؟ وهو من
القضايا التى ظهرت على الساحة المصرية فى الايام الاخيرة ولا يزال الحديث عنها هو حديث
الساعة ، مع عمل المحاكم بقانون الخلع وهو “ابراء المراة زوجها” طلبا للطلاق ، الا
انه لما سمى البعض هذا العمل ب “الخلع” جاء الاسم جديدا على الاذان وكانه غير
معمول به من قبل ! نعم قد زادوا عليه شيئا يسيرا وهو طلب المراة الخلع
، الا ان السنة اوضحت لنا هذه القضية وبينتها خير بيان ، فهل لنا بالقاء
الضوء على بعض جوانب مسالة “الخلع” ومشروعيته وما يتعلق به ؟
س الجواب : ان الخلع معمول به فى القوانين المصرية منذ زمن بعيد ، ولكن
عامة الناس تعرفه ب “الابراء” وهو ابراء المراة زوجها ، او تنازل المراة عن حقها
فى النفقة او “المؤخر” او الاثاث وما شابه ، الا انه لما ظهر وصف “الخلع”
بدا جديدا على الاذان وكانه لم يكن معمولا به من قبل ، وقد اضاف القانون
بعض الزيادات على القانون السابق ، كطلب المراة الخلع ، وضرب مدة فى محاولة للاصلاح
(6 اشهر) .
والخلع : هو اختلاع المراة من زوجها ببدل او عوض تدفعه المراة لزوجها ، وهو
ماخوذ من خلع الثوب وازالته ، لان المراة لباس الرجل ، والرجل لباس المراة كما
قال تعالى : (هن لباس لكم وانتم لباس لهن) (البقرة : 187) ويسمى الفداء لان
المراة تفتدى نفسها بما تبذله لزوجها ، وقد عرفه الفقهاء بانه : فراق الرجل زوجته
ببذل يحصل له .
وقد اخذ الخلع مشروعيته من قوله تعالى : (فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا
جناح عليهما فيما افتدت به) (البقرة : 229) ، وجاءت “افتدت” نكرة لتدل على الزيادة
او النقصان او المثل ، وهو المالكية والشافعية : لا فرق ان يخالع على الصداق
او بعضه او على مال اخر سواء كان اقل او اكثر ، ولا فرق بين
العين والدين والمنفعة ما دام قد تراضيا على ذلك (فلا جناح عليهما فيما افتدت به)
فالعوض جزء اساسى فى مفهوم الخلع ، وفى الاية دليل على جوازه مطلقا باذن السلطان
وغيره ، ومنعه طائفة بدون اذنه والائمة الاربعة والجمهور على خلافه .
وفى الاية دليل على حصول البينونة به لانه سبحانه سماه فدية ولو كان رجعيا كما
قاله بعض الناس لم يحصل للمراة الافتداء من الزوج بما بذلته له ودل قوله سبحانه
: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) على جوازه بما قل وكثر وان له ان
ياخذ منها اكثر مما اعطاها ، ومنع الخلع طائفة شاذة من الناس خالفت النص والاجماع
.
وروى البخارى عن ابن عباس : “ان امراة ثابت بن قيس اتت النبي فقالت
يا رسول الله ثابت بن قيس ما اعتب عليه في خلق ولا دين ولكني اكره
الكفر في الاسلام فقال رسول الله اتردين عليه حديقته قالت نعم قال رسول الله اقبل
الحديقة وطلقها تطليقة” (1) .
وفى سنن النسائى عن الربيع بنت معوذ :” ان ثابت بن قيس بن شماس ضرب
امراته فكسر يدها(2) وهي جميلة بنت عبد الله بن ابي فاتى اخوها يشتكيه الى رسول
الله فارسل رسول الله الى ثابت فقال له خذ الذي لها عليك وخل
سبيلها قال نعم فامرها رسول الله ان تتربص حيضة واحدة فتلحق باهلها” (3) .
وفى سنن ابى داود عن ابن عباس :” ان امراة ثابت بن قيس اختلعت منه
فجعل النبي عدتها حيضة (1) .
وقد اختلفت الروايات عن الصحابة والتابعين فى تجويز اخذ الزيادة او تحريمها ، ومنهم من
كرهها .
والذين قالوا بالجواز احتجوا بظاهر القران : (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) والاثار :
فقد ذكر عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل ان الربيع
بنت معوذ بن عفراء حدثته انها اختلعت من زوجها بكل شئ تملكه فخوصم فى ذلك
الى عثمان بن عفان فاجازه وامره ان ياخذ عقاص راسها فما دونه (2) .
وذكر ايضا عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع ان ابن عمر جاءته
مولاة لامراته اختلعت من كل شئ لها وكل ثوب لها حتى نفسها (3) .
ورفعت الى عمر بن الخطاب امراة نشزت عن زوجها فقال اخلعها ولو من قرطها ذكره
حماد بن سلمة عن ايوب عن كثير بن ابى كثير عنه (4) .
والذين قالوا بتحريمها احتجوا بحديث ابى الزبير ان ثابت بن قيس بن شماس لما اراد
خلع امراته قال النبى : “اتردين عليه حديقته ، قالت : نعم وزيادة فقال
النبى اما الزيادة فلا” (1) ، قال الدارقطنى سمعه ابو الزبير من غير واحد
واسناده صحيح .
وذكر عبدالرزاق عن معمر عن ليث عن الحكم بن عتيبة عن على بن ابى طالب
لا ياخذ منها فوق ما اعطاها (2) .
وقال طاووس : لا يحل ان ياخذ منها اكثر مما اعطاها (3).
وقال عطاء : ان اخذ زيادة على صداقها فالزيادة مردودة اليها (4) .
وقال الزهرى : لا يحل له ان ياخذ منها اكثر مما اعطاها .
وقال ميمون بن مهران : ان اخذ منها اكثر مما اعطاها لم يسرح باحسان .
وقال الاوزاعى : كانت القضاة لا تجيز ان ياخذ منها شيئ الا ما ساق اليها
.
ومنهم من قال بكراهتها كما روى وكيع عن ابى حنيفة عن عمار بن عمران الهمدانى
عن ابيه عن على : “انه كره ان ياخذ منها اكثر مما اعطاها” (5)
والامام احمد اخذ بهذا القول ونص على الكراهة ، وابو بكر من اصحابه حرم الزيادة
وقال : ترد عليها .
وقد ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج قال : قال : لى عطاء اتت امراة
رسول الله فقالت : يا رسول الله انى ابغض زوجى واحب فراقه قال فتردين عليه
حديقته التى اصدقك قالت نعم وزيادة من مالى فقال رسول الله اما الزيادة من مالك
فلا ولكن الحديقة قالت نعم فقضى بذلك على الزوج” (1) وهذا وان كان مرسلا فحديث
ابى الزبير مقو له وقد رواه ابن جريج عنهما .
“وفى تسميته سبحانه الخلع فدية دليل على ان فيه معنى المعاوضة ولهذا اعتبر فيه رضى
الزوجين فاذا تقايلا الخلع ورد عليها ما اخذ منها وارتجعها فى العدة فهل لهما ذلك
منعه الائمة الاربعة وغيرهم وقالوا قد بانت منه بنفس الخلع وذكر عبدالرزاق عن معمر عن
قتادة عن سعيد بن المسيب انه قال فى المختلعة ان شاء ان يراجعها فليرد عليها
ما اخذ منها فى العدة وليشهد على رجعتها قال معمر وكان الزهرى يقول مثل ذلك
قال قتادة (2) .
وكان الحسن يقول : لا يراجعها الا بخطبة (3) .
ولقول سعيد بن المسيب والزهرى وجه دقيق من الفقه لطيف الماخذ تتلقاه قواعد الفقه واصوله
بالقبول ولا نكارة فيه غير ان العمل على خلافه فان المراة ما دامت فى العدة
فهى فى حبسه ويلحقها صريح طلاقه المنجز عند طائفة من العلماء فاذا تقايلا عقد الخلع
وتراجعا الى ما كانا عليه بتراضيهما لم تمنع قواعد الشرع ذلك وهذا بخلاف ما بعد
العدة فانها قد صارت منه اجنبية محضة فهو خاطب من الخطاب ويدل على هذا ان
له ان يتزوجها فى عدتها منه بخلاف غيره .
وفى امره المختلعة ان تعتد بحيضة واحدة دليل على حكمين احدهما انه لا يجب
عليها ثلاث حيض بل تكفيها حيضة واحدة ، وهذا كما انه صريح السنة فهو مذهب
امير المؤمنين عثمان بن عفان وعبدالله بن عمر بن الخطاب والربيع بنت معوذ وعمها وهو
من كبار الصحابة لا يعرف لهم مخالف منهم ، كما رواه الليث بن سعد عن
نافع مولى ابن عمر انه سمع الربيع بنت معوذ بن عفراء وهى تخبر عبدالله بن
عمر انها اختلعت من زوجها على عهد عثمان بن عفان فجاء عمها الى عثمان
بن عفان فقال له ان ابنة معوذ اختلعت من زوجها اليوم افتنتقل فقال عثمان :
لتنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها الا انها لا تنكح حتى تحيض حيضة خشية
ان يكون بها حبل ، فقال عبدالله بن عمر : فعثمان خيرنا واعلمنا ، وذهب
الى هذا المذهب اسحاق بن راهويه والامام احمد فى رواية عنه اختارها شيخ الاسلام ابن
تيمية .
قال : من نصر هذا القول هو مقتضى قواعد الشريعة فان العدة انما جعلت ثلاث
حيض ليطول زمن الرجعة فيتروى الزوج ويتمكن من الرجعة فى مدة العدة فاذا لم تكن
عليها رجعة فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمل وذلك يكفى فيه حيضة كالاستبراء قالوا ولا
ينتقض هذا علينا بالمطلقة ثلاثا فان باب الطلاق جعل حكم العدة فيه واحدا بائنة ورجعية
.
قالوا : وهذا دليل على ان الخلع فسخ وليس بطلاق وهو مذهب ابن عباس وعثمان
وابن عمر والربيع وعمها ولا يصح عن صحابى انه طلاق البتة ، فروى الامام احمد
عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن عمرو عن طاووس عن ابن عباس رضى الله
عنهم انه قال الخلع تفريق وليس بطلاق (1) .
وذكر عبدالرزاق عن سفيان عن عمرو عن طاووس : ان ابراهيم بن سعد بن ابى
وقاص ساله عن رجل طلق امراته تطليقتين ثم اختلعت منه اينكحها ؟ قال ابن عباس
: نعم ، ذكر الله الطلاق فى اول الاية واخرها والخلع بين ذلك (1) .
فان قيل : كيف تقولون انه لا مخالف لمن ذكرتم من الصحابة وقد روى حماد
بن سلمة عن هشام بن عروة عن ابيه عن جمهان ان ام بكرة الاسلمية كانت
تحت عبد الله بن اسيد واختلعت منه فندما ، فارتفعا الى عثمان بن عفان فاجاز
ذلك وقال : هى واحدة الا ان تكون سمت شيئا فهو على ما سمت (2)
.
وذكر ابن ابى شيبة : حدثنا على بن هاشم ، عن ابن ابى ليلى ،
عن طلحة بن مصرف ، عن ابراهيم النخعى ، عن علقمة عن ابن مسعود قال
: لا تكون تطليقة بائنة الا فى فدية او ايلاء (3) ، وروى عن على
بن ابى طالب ، فهؤلاء ثلاثة من اجلاء الصحابة رضى الله عنهم .
قيل : لا يصح هذا عن واحد منهم ، اما اثر عثمان فطعن فيه الامام
احمد والبيهقى وغيرهما ، قال شيخنا : وكيف يصح عن عثمان وهو لا يرى فيه
عدة وانما يرى الاستبراء فيه بحيضة ، فلو كان عنده طلاقا لاوجب فيه العدة ،
وجمهان الراوى لهذه القصة عن عثمان لا نعرفه باكثر من انه مولى الاسلميين .
واما اثر على بن ابى طالب فقال ابو محمد بن حزم : رويناه من طريق
لا يصح عن على ، وامثلها اثر ابن مسعود على سوء حفظ ابن ابى
ليلى ، ثم غايته ان كان محفوظا ان يدل على ان الطلقة فى الخلع تقع
بائنة لا ان الخلع يكون طلاقا بائنا ، وبين الامرين فرق ظاهر ، والذى يدل
على انه ليس بطلاق ان الله سبحانه وتعالى رتب على الطلاق بعد الدخول الذى لم
يستوف عدده ثلاثة احكام كلها منتفية عن الخلع :
احدها : ان الزوج احق بالرجعية فيه .
الثانى : انه محسوب من الثلاث فلا تحل بعد استيفاء العدد الا بعد زوج واصابة
.
الثالث : ان العدة فيه ثلاثة قروء وقد ثبت بالنص والاجماع انه لا رجعة فى
الخلع ، وثبت بالسنة واقوال الصحابة ان العدة فيه حيضة واحدة ، وثبت بالنص جوازه
بعد طلقتين ووقوع ثالثة بعده وهذا ظاهر جدا فى كونه ليس بطلاق فانه سبحانه قال
: (الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح باحسان ولا يحل لكم ان تاخذوا مما اتيتموهن
شيئا الا ان يخافا الا يقيما حدود الله فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا
جناح عليهما فيما افتدت به) (البقرة : 229) وهذا وان لم يختص بالمطلقة تطليقتين فانه
يتناولها وغيرهما ولا يجوز ان يعود الضمير الى من لم يذكر ويخلى منه المذكور بل
اما ان يختص بالسابق او يتناوله وغيره ثم قال : (فان طلقها فلا تحل له
من بعد) وهذا يتناول من طلقت بعد فدية وطلقتين قطعا لانها هى المذكورة فلا بد
من دخولها تحت اللفظ ، وهكذا فهم ترجمان القران الذى دعا له رسول الله
ان يعلمه الله تاويل القران وهى دعوة مستجابة بلا شك .
واذا كانت احكام الفدية غير احكام الطلاق دل على انها من غير جنسه فهذا مقتضى
النص والقياس واقوال الصحابة ثم من نظر الى حقائق العقود ومقاصدها دون الفاظها يعد الخلع
فسخا باى لفظ كان حتى بلفظ الطلاق وهذا احد الوجهين لاصحاب احمد وهو اختيار شيخنا
، قال : وهذا ظاهر كلام احمد وكلام ابن عباس واصحابه ، قال ابن جريج
اخبرنى عمرو بن دينار انه سمع عكرمة مولى ابن عباس يقول : ما اجازه المال
فليس بطلاق (1) ، قال عبدالله بن احمد : رايت ابى كان يذهب الى قول
ابن عباس ، وقال عمرو عن طاووس عن ابن عباس : “الخلع تفريق وليس بطلاق”
(2) ، وقال ابن جريج عن ابن طاووس كان ابى لا يرى الفداء طلاقا ويخيره
(3) .
ومن اعتبر الالفاظ ووقف معها واعتبرها فى احكام العقود جعله بلفظ الطلاق طلاقا وقواعد الفقه
واصوله تشهد ان المرعى فى العقود حقائقها ومعانيها لا صورها والفاظها وبالله التوفيق .
ومما يدل على هذا ان النبى امر ثابت بن قيس ان يطلق امراته فى
الخلع تطليقة ومع هذا امرها ان تعتد بحيضة وهذا صريح فى انه فسخ ولو وقع
بلفظ الطلاق .
وايضا فانه سبحانه علق عليه احكام الفدية بكونه فدية ومعلوم ان الفدية لا تختص بلفظ
ولم يعين الله سبحانه لها لفظا معينا وطلاق الفداء طلاق مقيد ولا يدخل تحت احكام
الطلاق المطلق كما لا يدخل تحتها فى ثبوت الرجعة والاعتداد بثلاثة قروء بالسنة الثابتة وبالله
التوفيق (4) .
وتبقى كلمة : وهى قوله محذرا كل امراة تختلع من زوجها فى غير ما
باس ، قال : “المختلعات هن المنافقات ” (5) .
فما هو زواج المسيار ؟
زواج المسيار يتم بنفس اركان الزواج ، غير ان الزوجة تتنازل عن بعض حقوقها ،
كالانفاق ، او عدم اقامة الزوج معها بصفة دائمة ، وفى صحته نظر .
فماذا عن زواج الهبة : يعنى قول الفتاة للشاب : “وهبتك نفسى ، او وهبت
لك نفسى” ويقولون ان الزواج : ايجاب وقبول ، وانه لم يكن على عهد النبى
ولا الصحابة “ورقة” قسيمة زواج (1) ، انما كان الايجاب والقبول ، فهل هذا
الزواج زواج الهبة صحيحا ام لا ؟
الجواب : هذا نكاح باطل ، فقد اجمع العلماء على ان هبة المراة نفسها غير
جائز (2) ، وان هذا اللفظ من الهبة لا يتم عليه نكاح ، فهو صورة
من صور الزنا ، وقد تقدم الحديث بشان اركان الزواج ، وهما الايجاب والقبول ،
وشروطه وهى : الصداق ، الاعلان ، الشهود ، والولى .
ومن احكام الزواج العرفى :
فماذا عن الزواج السرى او الزواج العرفى كما يطلقون عليه ؟
الجواب : لابد ان نفرق بين الزواج السرى الذى استوفى الشروط والاركان التى وضعها الاسلام
والشرع الحنيف لتكون معاشرة الرجل للمراة معاشرة صحيحة ، نكاحا وليست سفاحا ، وبين الزنا
الذى يريد ان يلبسه البعض عباءة الاسلام ويسمونه بغير اسمه ويصفونه بغير وصفه ورسمه ،
فيطلقون عليه “الزواج العرفى” ، والزواج والعرف منه براء .
فالزواج السرى الذى اجتمعت فيه الشروط والاركان ولكنه لم يعلن لظروف ما ، فهو زواج
صحيح ، وان لم يقيد ، فالزواج السرى او اى زواج اذا توافرت فيه اركان
وشروط الزواج ، من الايجاب والقبول ، والمهر والاعلان والشهود والولى فهو زواج صحيح ،
سواء قيد فى عقد ام لا ، فهو من الناحية الشرعية صحيح اذا استوفى شروط
واركان الزواج وكان للابدية وليس لوقت محدد مع ما يستتبع الزواج الشرعى من احكام وتبعات
.
يلجا اليه البعض بعدم الاعلان لظروف ما ، الا انه صحيح فى ذاته ، على
خلاف بين اهل العلم فى وجوب الاعلان او كونه مندوبا .
سؤال : لقد انتشر فى بلادنا مصر خاصة فى الجامعة مسالة الزواج العرفى ، وكذا
هو منتشر بين كثير من الطبقات فى مصر ، فماذا عما يسمونه بالزواج العرفى ؟
الجواب : ان الحديث عن تلك الصورة من الزنا التى فشت وطفحت بها كثير من
الجامعات والتى يسمونها ب “الزواج العرفى” له موضع اخر نبسط فيه الكلام ، ولكن للصلة
بينه وبين موضوع الكتاب نتطرق اليه على ايجاز فى محاولة لبيان حله من حرمته ،
ولكن لابد ان نبين اولا ان الناس يقعون فى خطا حينما يطلقون على الزنا اسم
“زواج” عرفى ! .
فانه اولا : لابد من تحديد الالفاظ ، فاطلاق البعض على تلك الصورة من الزنا
الزواج ” لعرفى” خطا ، فالزواج العرفى : اى ما تعارف عليه الناس ، كما
تدل عليه لفظة “عرفى” المشتقة من “العرف” ، والناس فى بلاد الاسلام لم تتعارف على
زواج “سرى” يعرفه الفتى والفتاة فقط ويجهله اهل الفتاة او الفتى ، هذا اولا .
اما ثانيا : فهو فقده شرطا هاما من شروط صحة الزواج وهو “الولى” ، وعليه
فهو صورة من صور الزنا ، وهو نكاح باطل اذ لم تتوفر له شروط الزواج
الشرعى كاملة .
كيف ؟ وقد توفرات فيه اركان الزواج : الايجاب والقبول ، ثم شروط صحته :
المهر “الشرعى” ربع جنيه ! (1) والشهود شاهدين من زملاء الجامعة ! او الاصدقاء فى
الرحلة ! (2) والاعلان : وقد علم صديقى الجامعة ، او زملاء الرحلة بزواج فلان
من فلانة ؟
الجواب : نعم ولكنه فقد شرطا هاما وهو الولى .
فما هى الادلة على فساد النكاح بدون الولى ؟
الجواب : الادلة كثيرة جدا وليس هذا موضع بسطها ولكنى اسوق اليك بعض كلام اهل
العلم حول صحة اشتراط الولى .
اولا : من القران الكريم : قوله تعالى : (فانكحوهن باذن اهلهن) (النساء : 25)
.
قال الامام القرطبي فى تفسيره (5141) : اى بولاية اهلن واذنهن .
وقوله تعالى : (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم)
(البقرة : 221) .
قال الامام القرطبى فى تفسيره (372) : فى هذه الاية دليل بالنص على انه لا
نكاح الا بولى .
وقال الطبرى (2379) : هذا القول من الله تعالى ذكره دلالة على ان اولياء المراة
احق بتزويجها من المراة .
وقال ابن عطية (2248) : ان الولاية فى النكاح نص فى لفظ هذه الاية .
وقوله تعالى : (واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا تراضوا
بينهم بالمعروف) (البقرة : 232) .
وسبب نزول هذه الاية كما يقول معقل بن يسار : “زوجت اختا لي من رجل
فطلقها حتى اذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك وفرشتك واكرمتك فطلقتها ثم جئت
تخطبها لا والله لا تعود اليك ابدا وكان رجلا لا باس به وكانت المراة تريد
ان ترجع اليه فانزل الله هذه الاية ( فلا تعضلوهن ) فقلت الان افعل يا
رسول الله قال فزوجها اياه” (1) .
قال الامام الترمذى بعد روايته للحديث : وفى هذا الحديث دلالة على انه لا يجوز
النكاح بغير ولى ، لان اخت معقل بن يسار كانت ثيبا ، فلو كان الامر
اليها دون وليها لزوجت نفسها ولم تحتج الى وليها معقل بن يسار .
ويقول الحافظ فى الفتح (2) عند شرحه للحديث : وقد ذهب الجمهور الى ان المراة
لا تزوج نفسها اصلا .
ومن السنة الشريفة قوله : “لا نكاح الا بولي ” (3) .
وفى السنن عنه من حديث عائشة رضى الله عنها مرفوعا : “ايما امراة لم ينكحها
الولي فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فان اصابها فلها مهرها بما اصاب منها فان
اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له” (1) قال الترمذى حديث حسن ، وفيها عنه
: “لا تزوج المراة المراة ولا تزوج المراة نفسها فان الزانية هي التي تزوج نفسها”
(2) .
قال ابن عباس رضى الله عنهما : البغية هى التى تزوج نفسها .
وقال الامام مالك صاحب المذهب المالكى وقد سئل عن المراة تزوج نفسها او تزوجها امراة
اخرى ؟ قال : يفرق بينهما ، دخل بها او لم يدخل (3) .
ويقول الامام احمد بن حنبل صحاب المذهب الحنبلى وقد سئل عن امراة ارادت التزويج فجعلت
امرها الى الرجل الذى يريد ان يتزوجها وشاهدين ؟
قال : هذا ولى وخاطب ! لا يكون هذا ، والنكاح فاسد (4) .
ويقول الامام الشافعى رحمه الله تعالى فى سفره العظيم “الام” : فان امراة نكحت بغير
اذن وليها فلا نكاح لها (5) .
فماذا عن قول الامام ابى حنيفة ؟
الجواب : هذا هو ما اعتمده اصحاب القول بصحة الزواج العرفى ، حيث قال الامام
ابو حنيفة رحمه الله تعالى بصحة الزواج دون ولى ، وقد خالف فى هذا القول
جمهور اهل العلم ، ومن قبل السنة الصحيحة عن النبى .
كيف ؟ وهو الامام الاعظم واحد الائمة الاربعة ؟
الجواب : لا عجب ، فما من احد قال ان الامام الاعظم او غيره من
الائمة او الناس عامة قد جمع اصول العلم وفروعه ، وما غابت عنه سنة او
حديث من احاديث النبى ، بل قال بعضهم وقد سئل : اين العلم كله
؟ قال : فى العالم كله ، فما من احد الا وقد غابت عنه بعض
السنة ، بل ما من احد من الائمة الاربعة الا وقد صح عنه الاخذ بالحديث
وان خالف مذهبه .
فهذا الامام مالك يقول : ليس لاحد بعد رسول الله الا ويؤخذ من قوله
ويرد ، الا النبى .
ويقول : انما انا بشر اخطئ واصيب ، فانظروا فى رايى ، فكل ما وافق
الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه .
وهذا الامام احمد بن حنبل يقول : راى الاوزاعى ، وراى مالك ، وراى ابى
حنيفة ، كله راى ، وهو عندى سواء ، وانما الحجة فى الاثار .
ويقول الامام الشافعى رحمه الله تعالى : اذا صح الحديث فاضربوا بقولى الحائط .
بل وهذا الامام ابو حنيفة يقول : اذا صح الحديث فهو مذهبى .
قلت : وقد صح الحديث ، وهو قوله : “لا نكاح الا بولي ”
(1) .
اذن فما هو الدليل الذى اعتمده الامام فيما ذهب اليه ؟
الجواب : اعتمد الامام ابو حنيفة رحمه الله تعالى على قوله : “الثيب احق
بنفسها من وليها ” (2) .
وقد رد العلماء تاويل الامام واعتماده اياه حجة فى صحة الزواج بدون ولى ، بل
وهذا ابو الحسن ومحمد بن يوسف وهما حملة علم الامام ابى حنيفة قد خالفا استاذهما
وشيخهما فى مسائل عديدة عندما تبينت لهما السنة ، وظهر لهما وجه الحق فيها، وقد
روى الامام الطحاوى فى “الشرح” (1) عن محمد بن الحسن وابى يوسف : انه لا
يجوز تزويج المراة بغير اذن وليها .
وقال شراح الحديث كالامام النووى فى شرح مسلم : “قوله : احق بنفسها : يحتمل
من حيث اللفظ ان المراد احق من وليها فى كل شئ من عقد وغيره كما
قاله ابو حنيفة وابو داود .
ويحتمل : انه احق بالرضا ، اى : لا تزوج حتى تنطق بالاذن ، بخلاف
البكر (2) .
وقد افاض الامام ابن حزم فى الرد فى كتابه “المحلى” (3) .
كما اعتمد ايضا الامام ابو حنيفة ما روى ان النبى : “خطب ام سلمة
فقالت يا رسول الله انه ليس احد من اوليائي تعني شاهدا فقال انه ليس احد
من اوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك فقالت يا عمر زوج النبي فتزوجها النبي
”.
وهذا حديث ضعيف ، اخرجه الامام احمد (6295) والنسائى (3202) بسند ضعيف ، فيه ابن
عمر ابن ابى سلمة : مجهول .
كما تعقب ايضا بان الله قال : (النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم)
(الاحزاب : 6) كما انه لم يكن احد من اهلها حاضرا كما اخبرت هى ،
ويكفى ضعف الحديث كما تقدم فلا يحتج به .
وهذا حال الامام رحمه الله تعالى : يعتمد حديثا ضعيفا (1) ثم يبنى عليه اصولا
وفروعا ، كما يقول الامام الشافعى رحمه الله تعالى : ابو حنيفة يضع اول المسالة
خطا ، ثم يقيس الكتاب كله .
قال ابن ابى حاتم : لان الاصل كان خطا فصارت الفروع ماضية على الاصل (2)
.
واحتج بعضهم بحديث رواه الطحاوى : ان ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها زوجت حفصة
بنت عبد الرحمن بن المنذر ابن الزبير ، وعبد الرحمن غائب بالشام ، فلما قدم
عبد الرحمن قال : امثلي يصنع به هذا ويفتات عليه ؟ ووكلت عائشة المنذر فقال
: ان ذلك بيد عبد الرحمن ، فقال عبد الرحمن : ما كنت ارد امرا
قضيته ، فقرت حفصة عنده ولم يكن طلاقا” (3) .
وهذا متعقب بانه موقوف ، والمرفوع مقدم على الموقوف (4) ، وهو ايضا ليس صريحا
فى انها رضى الله عنها انها هى التى تولت التزويج ، فلعلها وكلت اخر ،
كما روى الطحاوى ايضا : “انها انكحت رجلا من بنى اخيها جارية من بنى اخيها
فضربت بينهما بستر ثم تكلمت حتى اذا لم يبق الا النكاح امرت رجلا فانكح ،
ثم قالت : ليس الى النساء النكاح” (1) ، والاثار فى هذا كثيرة جدا .
وعليه فالزواج العرفى المفتقد لشرط الولى هو نكاح فاسد لا يصح كما تقدم كلام اهل
العلم ، وقد خالفهم الامام ابو حنيفة (2) وتقدم الرد عليه .
فما الذى يلجئ البعض الى الزواج العرفى دون الشرعى او الرسمى اذا توفرت له اسباب
الزواج الشرعى ؟
الجواب : الاسباب كثيرة جدا ، فمنها واهمها : المغالاة فى المهور وتكاليف الزواج ،
ومؤن الزواج كالشقة والاثاث وغير هذا ، وقد يكون خوف الزوج من معرفة الزوجة الاولى
اذ يشترط اخبار الزوجة الاولى واعلامها عند اقدام الزوج على الزواج مرة ثانية (قانونا وليس
شرعا !) ، والا فالقانون يعطى الزوجة حق طلب الطلاق اذا تزوج زوجها بغيرها !
مما يؤدى بدوره الى هدم البيت الاول وتشتت الاولاد ، وقد يكون خوف بعض النساء
من (قطع) فقد المعاش ، اذا كانت المراة قد تزوجت من قبل ولها معاش عن
الزوج المتوفى ، او معاش عن الاب او الام ، او خوف معرفة الناس بزواج
الدكتور مثلا من الممرضة ، او استاذ الجامعة من طالبة ، او المدير من السكرتيرة
، او غير هذا من الفوارق الاجتماعية والادبية التى يخشى عليها ، او تهربا من
الخدمة العسكرية بقيد ولد واحد ، او فارق العمر بين الرجل والمراة ، او زواج
المسلم بالذمية وخشية معرفة اهلها والغضب من ارتباطها بمن هو على غير ديانتها ، او
خوف نزع الاولاد من احضان الام بالحضانة اذا علم الزوج السابق بزواجها ، او التخفف
من اعباء الزواج الشرعى ومؤنه كما تقدم الى غير ذلك الكثير .
وتبقى كلمة : فليس كل زواج سرى صحيحا ، وليس كل زواج عرفى صحيحا .
فماذا عن تعدد الزوجات ؟
قال تعالى : (وان خفتم الا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء
مثنى وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا
تعولوا) (النساء : 3) ، وقال : “الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المراة الصالحة”
(1) ، وكان عهد السلف الصالح التزوج باكثر من واحدة ، وكان بعضهم اذا ماتت
زوجته لم يبت ليلة دون زوجة جديدة ، فتعدد الزوجات مستحب وهو من هدى النبى
، وعليه سار السلف الصالح ، ولكن فى زمن التلفاز تقوم الدنيا ولا تقعد اذا
فكر الزوج مجرد تفكير فى “التعدد” جلست الزوجة “تعدد” فى البيت وبدا التوعد له ان
هو تزوج ، واخذت “تعدد” وتحتال له الحيل ، وتدور المسلسلات من اولها الى اخرها
فى بيان الحيل النسائية التى تحول دون وقوع تلك “المصيبة” والتى ستهدم البيت السعيد وتفرق
شتات الاسرة ، وكان لهذا التاثير السلبى على فكر ومعتقد كثير من نساء المسلمين .
يجرى هذا فى زمن تدفع فيه بعض الدول الغير مسلمة المال لكن من ينجب مولودا
جديدا !! بينما نحن لازلنا نستورد منهم وسائل منع الحمل خشية الانفجار السكانى ، وتنهال
على رؤوس الناس الدعوة الى الاكتفاء بزوجة واحدة ، وولد واحد او اثنين على الاكثر
، ومن يتعدى هذا فالويل له كل الويل من وسائل الاعلام (1) .
فماذا عن العيلة والفقر من جراء تعدد الزوجات والاولاد ؟ وقوله تعالى : (ذلك ادنى
الا تعولوا) (النساء : 3) .
– “قال الشافعى : ان لا تكثر عيالكم ، فدل على ان قلة العيال اولى
، قيل : قد قال الشافعى رحمه الله ذلك وخالفه جمهور المفسرين من السلف والخلف
وقالوا معنى الاية ذلك ادنى ان لا تجوروا ولا تميلوا فانه يقال عال الرجل يعول
عولا اذا مال وجار ومنه عول الفرائض لان سهامها اذا زادت دخلها النقص ، ويقال
: عال يعيل عيلة اذا احتاج قال تعالى : (وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله
من فضله ان شاء) (التوبة : 28) ، وقال الشاعر :
وما يدرى الفقير متى غناه * وما يدرى الغنى متى يعيل
اى متى يحتاج ويفتقر .
واما كثرة العيال فليس من هذا ولا من هذا ولكنه من افعل يقال اعال الرجل
يعيل اذا كثر عياله مثل البن واتمر اذا صار ذا لبن وتمر هذا قول اهل
اللغة .
قال الواحدى فى بسيطه ومعنى تعولوا تميلوا وتجوروا عن جميع اهل التفسير واللغة وروي ذلك
مرفوعا ، روت عائشة رضى الله عنها عن النبى فى قوله : (ذلك ادنى
الا تعولوا) قال : “ان لا تجوروا” (1) وروى ان لا تميلوا ، قال :
وهذا قول ابن عباس والحسن وقتادة والربيع والسدى وابى مالك وعكرمة والفراء والزجاج وابن قتيبة
وابن الانبارى .
قلت : ويدل على تعين هذا المعنى من الاية وان كان ما ذكره الشافعى رحمه
الله لغة حكاه الفراء عن الكسائى انه قال : ومن الصحابة من يقول عال يعول
اذا كثر عياله قال الكسائى : وهو لغة فصيحة سمعتها من العرب لكن يتعين الاول
لوجوه :
احدها : انه المعروف فى اللغة الذى لا يكاد يعرف سواه ولا يعرف عال يعول
اذا كثر عياله الا فى حكاية الكسائى وسائر اهل اللغة على خلافه .
الثانى : ان هذا مروى عن النبى ولو كان من الغرائب فانه يصلح للترجيح .
الثالث : انه مروى عن عائشة وابن عباس ولم يعلم لهما مخالف من المفسرين وقد
قال الحاكم ابو عبد الله : تفسير الصحابى عندنا فى حكم المرفوع .
الرابع : ان الادلة التى ذكرناها على استحباب تزوج الولود واخبار النبى انه يكاثر
بامته الامم يوم القيامة يرد هذا التفسير .
الخامس : ان سياق الاية انما هو فى نقلهم مما يخافون الظلم والجور فيه الى
غيره فانه قال فى اولها : (وان خفتم الا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب
لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) (النساء : 3) فدلهم سبحانه على ما يتخلصون به
من ظلم اليتامى وهو نكاح ما طاب لهم من النساء البوالغ واباح لهم منه ثم
دلهم على ما يتخلصون به من الجور والظلم فى عدم التسوية بينهن فقال : (فان
خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا) (النساء : 3)
ثم اخبر سبحانه ان الواحدة وملك اليمين ادنى الى عدم الميل والجور وهذا صريح فى
المقصود .
السادس : انه لا يلتئم قوله : (فان خفتم الا تعدلوا فواحدة) فى الاربع فانكحوا
واحدة او تسروا ما شئتم بملك اليمين فان ذلك اقرب الى ان لا تكثر عيالكم
بل هذا اجنبى من الاول فتامله .
السابع : انه من الممتنع ان يقال لهم ان خفتم ان الا تعدلوا بين الاربع
فلكم ان تتسروا بمائة سرية واكثر فانه ادنى ان لا تكثر عيالكم .
الثامن : ان قوله : (ذلك ادنى الا تعولوا) تعليل لكل واحد من الحكمين المتقدمين
وهما نقلهم من نكاح اليتامى الى نكاح النساء البوالغ ومن نكاح الاربع الى نكاح الواحدة
او ملك اليمين ولا يليق تعليل ذلك بعلة العيال .
التاسع : انه سبحانه قال : (فان خفتم الا تعدلوا) ولم يقل : وان خفتم
ان تفتقروا او تحتاجوا ولو كان المراد قلة العيال لكان الانسب ان يقول ذلك .
العاشر : انه سبحانه اذا ذكر حكما منهيا عنه وعلل النهى بعلة او اباح شيئا
وعلل عدمه بعلة فلا بد ان تكون العلة مصادفة لضد الحكم المعلل وقد علل سبحانه
اباحة نكاح غير اليتامى والاقتصار على الواحدة او ما ملك اليمين بانه اقرب الى عدم
الجور ومعلوم ان كثرة العيال لا تضاد عدم الحكم المعلل فلا يحسن التعليل به” (1)
.
هل صبغ المراة لشعرها للتجمل امام زوجها جائز ؟
الجواب : لا حرج فيه ، بل هو مستحب ، على ان تتجنب السواد .
ما معنى قوله : “اياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الانصار يا
رسول الله : افرايت الحمو ؟ قال الحمو الموت” (2) ؟
قال الامام النووى رحمه الله تعالى : المراد فى الحديث اقارب الزوج غير ابائه وابنائه
، لانهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة ولا يوصفون بالموت ، قال : وانما المراد
: الاخ وابن الاخ ، والعم ، وابن العم ، وابن الاخت ، وغيرهم ممن
يحل لها التزوج به لو لم تكن متزوجة ، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الاخ
بامراة اخيه فشبهه بالموت ، وهو اولى بالمنع من الاجنبى” (3) .
قلت : والمراد ان الموت افضل للزوج والزوجة من الرضى بدخول اخ الزوج فى غياب
الزوج ، او : احذروا هذا الامر حذركم الموت ، او ان هذا يؤدى الى
وقوع الفاحشة بين اخ الزوج والزوجة مما يؤدى بدوره الى وقوع حد الزنا للمحصنة وهو
الموت ، او : ان الموت افضل للحمو من الدخول على زوجة اخيه فى غيابه
.
وهنا قد يقول قائل : ما هذا التعسف والتشكك ، وتقول بعض الامهات : “اخ
الزوج لو وجد زوجة اخيه عارية لسترها بثوبه” !! ، فلما هذا التعنت والتشكك ،
انتم تفتحون الباب بهذا لهذا .
نقول : هذا الحديث الشريف ليس من وضعنا وليس هو نتاج عقولنا وتجاربنا ، انما
هو حديث رسول الله ، الذى لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحى
يوحى ، والذى خلق الخلق هو اعلم بهم وبنفوسهم وهو الذى حذرنا من دخول اقارب
الزوج على الزوجة فى غياب الزوج اانتم اعلم ام الله على لسان رسوله ،
فوجب على المؤمن ان يقول : سمعنا واطعنا ، لا ان نقول كما قالت اليهود
اخوان القردة والخنازير : سمعنا وعصينا ، هذا ووسائل الاعلام المقروءة تخرج علينا فى كل
يوم بقصص قتل الاخ لاخيه بعد اكتشاف علاقة الاخ بزوجة اخيه علاقة محرمة ، وقصص
عشق الصديق لزوجة صديقه والتامر على قتله اصبحت تفوق الحصر .
فالحذر الحذر اختاه من دخول اقارب الزوج او اصدقائه فى غياب الزوج ، وهو حق
من حقوق الزوج على زوجته .
فماذا اذا وقع الخلاق والشقاق بين الزوجين ، الى من يحتكمون ، وقد جرت العادة
بقص بعض الازواج قصة خلافه مع زوجته الى بعض اصدقائه (المقربين) والدعوة الى فض تلك
المشاحنات بالحديث الى الزوجة ونحو هذا ؟
اقول : قد بين تعالى الطريق الذى يجب ان نسلكه عند عند وقوع الخلاق والشقاق
بين الزوجين فقال تعالى : (وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من
اهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا) (النساء : 34)
.
فعلى الزوج والزوجة اذا وقع الخلاف اللجوء الى الحكمين ، حكما من اهله وحكما من
اهلها ، وليس الصديق (المقرب) لتحكى له الزوجة مدى معاناتها مع زوجها ، فيربت “الصديق”
على كتف الزوجة ، وتضع هى راسها على كتفيه تبكى من سوء معاملة زوجها ،
ثم ياخذ هو دوره فى الشكوى ! فيشكو اليها اهمال زوجته له ، وكم كان
يتمنى ان يتزوج امراة فى مثل جمالها وعقلها وووووو ، ثم يقع ما هو معلوم
للخاصة والعامة ، فالحذر الحذر اختاه ، والحذر الحذر ايها الزوج من نبذ كتاب الله
تعالى وسنة رسوله ، فكما تزوجت على كتاب الله وعلى سنة رسوله ،
فلتكن حياتك كلها مرجعها الى كتاب الله تعالى والى سنة رسوله ، فى الحب
وعند وقوع الشقاق نعوذ بالله تعالى من النفاق والشقاق .
وهنا يجب ان ننبه الى فصل النساء عن الرجال عند الزيارات العائلية وغيرها : فكثيرا
ما نجد الرجل يصطحب زوجته فى زيارة الى احد اصدقائه للتعارف بين الزوجات ، فتجلس
النساء مع الرجال وتدور العيون ، وينظر الرجل الى زوجة صديقه وقد “يتحسر” البعض من
قلة جمال زوجته مثلما تتمتع به زوجة صديقه ، فيقع الكره والبغض والكره منه لزوجته
، او تنظر هى الى زوج صديقتها وتتحسر على كيفية معاملة هذا الزوج الحنون لزوجته
وكيف يدللها ويتغزل بجمالها وحسن معاملته لزوجته ، وكيف لا يقع هذا من زوجها…. الى
غير هذا مما هو معلوم للقريب والبعيد .
هذا الى وقوع الاختلاط المنهى عنه بين الرجال والنساء (1) ، واثارة الغيرة بين النساء
حينما ترى هذه ان تلك ترتدى اجمل الثياب ، وتضع فى اذنها القرط ، وفى
يديها من الذهب ما يزن كذا ، وهذا زوجها الانيق الحنون اللبق المرح الذى لا
يامر ولا يعلو صوته ، خفيف الظل المثقف ، وهذا ….. زوجى…. وهذه ملابسى .
حق الزوج على زوجته
فما هو حق الزوج على زوجه ؟
الجواب : لابد للمراة ان تعلم عظيم فضل وحق زوجها عليها ، قال تعالى :
(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم) (النساء
: 34)
وقال فى بيان حق الزوج على زوجه : “لو كنت امرا احدا ان يسجد
لاحد لامرت المراة ان تسجد(1) لزوجها” (2) .
وقال : “والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المراة حق ربها حتى تؤدي حق
زوجها ولو سالها نفسها وهي على قتب لم تمنعه” (3) .
وعن حصين بن محصن قال : حدثتنى عمتى قالت : اتيت رسول الله فى بعض
الحاجة فقال لى : اى هذه ! اذات بعل ؟ قالت : نعم ، قال
: كيف انت له ؟ قالت : لا الوه (4) الا ما عجزت عنه ،
قال : فانظرى اين انت منه فانه جنتك ونارك” (5) .
وجاء رجلا بابنته الى النبى فقال : “هذه ابنتى ابت ان تزوج ، فقال
: اطيعى اباك ، اتدرين ما حق الزوج على زوجته ؟ لو كان بانفه قرحة
تسيل قيحا وصديدا لحسته ما ادت حقه” (6) .
وقال : “المراة اذا صلت خمسها ، وصامت شهرها ، واحصنت فرجها ، واطاعت
زوجها ، فلتدخل من اى ابواب الجنة شاءت” (7) .
والمراة راعية فى بيت زوجها : روى البخارى عن بن عمر رضى الله عنهما عن
النبى قال : “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الامام راع ومسئول عن رعيته
والرجل راع في اهله وهو مسئول عن رعيته والمراة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن
رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته” (1) .
وقال مبينا حق الزوج على زوجته ، وحق الزوجة على زوجها : “الا واستوصوا
بالنساء خيرا فانما هن عوان(2) عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك الا ان ياتين
بفاحشة مبينة فان فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فان اطعنكم فلا تبغوا
عليهن سبيلا الا ان لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فاما حقكم على نسائكم
فلا يوطئن فرشكم من تكرهون (3) ولا ياذن في بيوتكم لمن تكرهون الا وحقهن عليكم
ان تحسنوا اليهن في كسوتهن وطعامهن” (4) .
ان اول حقوق الزوج على زوجته ان تعينه على طاعة ربه ، فتهيئ له
الجو المناسب للطاعة ، ولا ترهقه بطلباتها عامة ووقت عبادته خاصة .
الا يطا فراش زوجها من يكره بخيانة ونحوها.
الا تاذن فى بيته لمن يكره لقوله : “ولا ياذن في بيوتكم لمن تكرهون
” .
وعند مسلم فى رواية ابى هريرة : “وهو شاهد الا باذنه” وهذا القيد خرج مخرج
الغالب ، والا فغيبة الزوج لا تقتضى الاباحة للمراة بل يتاكد حينئذ عليها المنع لثبوت
الاحاديث الواردة فى النهى عن الدخول على المغيبات اى من غاب عنها زوجها .
وقال النووى فى هذا الحديث اشارة الى انه لا يفتات على الزوج بالاذن فى بيته
الا باذنه وهو محمول على ما لا تعلم رضا الزوج به اما لو علمت رضا
الزوج بذلك فلا حرج عليها كمن جرت عادته بادخال الضيفان موضعا معدا لهم سواء كان
حاضرا ام غائبا فلا يفتقر ادخالهم الى اذن خاص لذلك وحاصله انه لا بد من
اعتبار اذنه تفصيلا او اجمالا .
قوله : “الا باذنه” اى الصريح وهل يقوم ما يقترن به علامة رضاه مقام التصريح
بالرضا فيه نظر .
وعليه فلا تدخل من يبغض او لا يرضى دخوله البيت : سواء اكان الاب او
الاخ او اى من اقاربها اذا لم يرضى زوجها بهذا .
تنبيه : ولتكن اجابة الزوجة على من يطرق بابها من خلف الباب ، ولا تفتحه
الا لمن تعرف انه لا حرج فى رؤيتها او دخول بيتها ومملكتها ، لا ان
تفتح لكل زاعق وناعق ممن يطرق بابها .
ومن حقوق الزوج ايضا :
خدمة المراة زوجها : وهو واجب على الزوجة لقوله تعالى : (ولهن مثل الذي عليهن
بالمعروف وللرجال عليهن درجة) (البقرة : 228) ، وقال وقد ساله احدهم :ما حق
زوجة احدنا عليه ؟ قال : ان تطعمها اذا طعمت وتكسوها اذا اكتسيت او اكتسبت
، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر الا في البيت” (1) .
فبين تعالى ان للرجال على النساء كما للنساء على الرجال حق ، فكما ان على
الزوج العمل والكد واطعام الزوجة والاولاد وهو فرض عليه لازم ، على الزوجة حقوق ،
منها خدمة الرجل فى بيته وهو واجب كما تقدم ، وليس هو على الاستحباب كما
يقول البعض ، كما ان خدمة المراة اهل الزوج هو على الاستحباب وليس على الوجوب
كخدمتها زوجها .
ويقول الامام ابن القيم : “قال ابن حبيب فى “الواضحة” : حكم النبى بين
على بن ابى طالب وبين زوجته فاطمة رضى الله عنها حين اشتكيا اليه الخدمة
فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة خدمة البيت وحكم على على بالخدمة الظاهرة ، ثم قال
ابن حبيب : والخدمة الباطنة العجين والطبخ والفرش وكنس البيت واستقاء الماء وعمل البيت كله
.
وفى الصحيحين ان فاطمة رضى الله عنها انها : “شكت ما تلقى في يدها من
الرحى فاتت النبي تساله خادما فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة ، فلما جاء اخبرته
قال فجاءنا وقد اخذنا مضاجعنا فذهبت اقوم فقال مكانك فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه
على صدري ، فقال : الا ادلكما على ما هو خير لكما من خادم اذا
اويتما الى فراشكما او اخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين
فهذا خير لكما من خادم ” (1) .
فاختلف الفقهاء فى ذلك فاوجب طائفة من السلف والخلف خدمتها له فى مصالح البيت وقال
ابو ثور عليها ان تخدم زوجها فى كل شئ .
ومنعت طائفة وجوب خدمته عليها فى شئ وممن ذهب الى ذلك مالك والشافعى وابو حنيفة
واهل الظاهر قالوا لان عقد النكاح انما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام وبذل المنافع قالوا والاحاديث
المذكورة انما تدل على التطوع ومكارم الاخلاق فاين الوجوب منها .
واحتج من اوجب الخدمة بان هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه واما
ترفيه المراة وخدمة الزوج وكنسه وطحنه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمن المنكر والله
تعالى يقول : (ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف) (البقرة : 228) ، وقال تعالى :
(الرجال قوامون على النساء) (النساء : 34) واذا لم تخدمه المراة بل يكون هو الخادم
لها فهى القوامة عليه .
وايضا فان المهر فى مقابلة البضع وكل من الزوجين يقضى وطره من صاحبه فانما اوجب
الله سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها فى مقابلة استمتاعه بها وخدمتها وما جرت به عادة الازواج
.
وايضا فان العقود المطلقة انما تنزل على العرف والعرف خدمة المراة وقيامها بمصالح البيت الداخلة
وقولهم ان خدمة فاطمة واسماء كانت تبرعا واحسانا يرده ان فاطمة كانت تشتكى ما تلقى
من الخدمة فلم يقل لعلى لا خدمة عليها وانما هى عليك وهو لا يحابى
فى الحكم احدا ولما راى اسماء والعلف على راسها والزبير معه لم يقل له لا
خدمة عليها وان هذا ظلم لها بل اقره على استخدامها واقر سائر اصحابه على استخدام
ازواجهم مع علمه بان منهن الكارهة والراضية هذا امر لا ريب فيه .
ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة وفقيرة وغنية فهذه اشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجها
وجاءته تشكو اليه الخدمة فلم يشكها وقد سمى النبى فى الحديث الصحيح المراة عانية
فقال : “الا واستوصوا بالنساء خيرا فانما هن عوان عندكم” والعانى الاسير ومرتبة الاسير خدمة
من هو تحت يده ولا ريب ان النكاح نوع من الرق كما قال بعض السلف
النكاح رق فلينظر احدكم عند من يرق كريمته ولا يخفى على المنصف الراجح من المذهبين
والاقوى من الدليلين (1) .
الا تخرج من بيت زوجها الا باذنه : لقوله : “والا تخرج من بيتها
الا باذنه” (2) وقوله : “الا واستوصوا بالنساء خيرا فانما هن عوان عندكم” (3)
والعانى هو الاسير ، ولا يخرج الاسير من تحت يد سيده الا باذنه ، وسواء
اكان مدخول بها ام لازالت تعيش فى بيت اهلها ولم يدخل بها بعد .
الا تضع المراة ثيابها فى غير بيتها :ولتحذر المراة من وضع ثيابها فى غير بيتها
لقوله : “ما من امراة تضع ثيابها في غير بيت زوجها الا هتكت الستر
بينها وبين ربها” (4) .
الا تصوم وزوجها شاهد الا باذنه :روى البخارى عن ابى هريرة عن النبى :
“لا يحل للمراة ان تصوم وزوجها شاهد الا باذنه ولا تاذن في بيته الا باذنه
وما انفقت من نفقة عن غير امره فانه يؤدى اليه شطره” (5) .
قال الحافظ : قوله : الا باذنه : يعنى فى غير صيام ايام رمضان وكذا
فى غير رمضان من الواجب اذا تضيق الوقت ، قال النووى فى شرح المهذب وقال
بعض اصحابنا يكره والصحيح الاول قال فلو صامت بغير اذنه صح واثمت لاختلاف الجهة وامر
قبوله الى الله قاله العمرانى ، قال النووى ومقتضى المذهب عدم الثواب ويؤكد التحريم ثبوت
الخبر بلفظ النهى ووروده بلفظ الخبر لا يمنع ذلك بل هو ابلغ لانه يدل على
تاكد الامر فيه فيكون تاكده بحمله على التحريم .
قال النووى فى “شرح مسلم” : وسبب هذا التحريم ان للزوج حق الاستمتاع بها فى
كل وقت وحقه واجب على الفور فلا يفوته بالتطوع ولا واجب على التراخى وانما لم
يجز لها الصوم بغير اذنه ، واذا اراد الاستمتاع بها جاز ويفسد صومها لان العادة
ان المسلم يهاب انتهاك الصوم بالافساد ، ولا شك ان الاولى له خلاف ذلك ان
لم يثبت دليل كراهته ، نعم لو كان مسافرا فمفهوم الحديث فى تقييده بالشاهد يقتضى
جواز التطوع لها اذا كان زوجها مسافرا فلو صامت وقدم فى اثناء الصيام فله افساد
صومها ذلك من غير كراهة وفى معنى الغيبة ان يكون مريضا بحيث لا يستطيع الجماع
.
وحمل المهلب النهى المذكور على التنزيه فقال : هو من حسن المعاشرة ولها ان تفعل
من غير الفرائض بغير اذنه ما لا يضره ولا يمنعه من واجباته وليس له ان
يبطل شيئا من طاعة الله اذا دخلت فيه بغير اذنه ، انتهى .
وهو خلاف الظاهر وفى الحديث ان حق الزوج اكد على المراة من التطوع بالخير لان
حقه واجب والقيام بالواجب مقدم على القيام بالتطوع” (1) .
كما ان من حق الزوج على زوجه الا تنفق من بيته شيئا الا باذنه :
قال : “لا تنفق امراة شيئا من بيت زوجها الا باذن زوجها قيل يا
رسول الله ولا الطعام قال ذاك افضل اموالنا” (2) .
قال الامام البغوى : اجمع العلماء على ان المراة لا يجوز لها ان تخرج شيئا
من بيت زوجها الا باذنه فان فعلت فهى مازورة غير ماجورة .
واذا وافق الزوج كان لها وله الاجر : فقال : “اذا تصدقت المراة من
بيت زوجها كان لها به اجر وللزوج مثل ذلك وللخازن مثل ذلك ولا ينقص كل
واحد منهم من اجر صاحبه شيئا له بما كسب ولها بما انفقت ” (1) ،
وهذا بعلم المراة من امر زوجها من حب الانفاق والتصدق ، هو بالاذن العام منه
فى الانفاق ، او ان يكون لها مال خاص بها من ارث ونحوه ، او
ان يكون لها مال خاص من زوجها خاص بها .
الا تطلب الطلاق : وهذه عادة تجرى على السنة الكثير من نساء المسلمين ، فتجد
احداهن اذا طلبت من زوجها امرا ما ولم يلبه لها يفاجا الزوج بزوجه تطلب الطلاق
! من غير ما باس ولا عنت منه ولا شدة ، ثم اذا لبى الزوج
طلب زوجته فطلقها ! جلست تندب حظها وسوء حالها ، قال : “ايما امراة
سالت زوجها طلاقا من غير باس فحرام عليها رائحة الجنة” (2) .
ان تصبر على فقر الزوج : ولها فى ازواج رسو ل الله الاسوة الحسنة ،
فعن عائشة رضى الله عنها انها قالت لعروة : “ان كنا لننظر الى الهلال ثم
الهلال ثلاثة اهلة في شهرين وما اوقدت في ابيات رسول الله نار فقلت يا
خالة ما كان يعيشكم قالت الاسودان التمر والماء الا انه قد كان لرسول الله
جيران من الانصار كانت لهم منائح(3) وكانوا يمنحون رسول الله من البانهم فيسقينا” (4)
.
وعن انس قال : “فما اعلم النبي صلى اللهم عليه وسلم راى رغيفا مرققا حتى
لحق بالله ولا راى شاة سميطا بعينه قط ” (5) .
وعن ابى هريرة قال : “ما عاب النبي طعاما قط ان اشتهاه اكله
وان كرهه تركه” (6) .
الا تؤذى زوجها لفظا او عملا ، فلا تسفه له رايا ، ولا تنتقص له
عملا ، قال رسول الله :” لا تؤذى امراة زوجها فى الدنيا الا قالت
زوجته من الحور العين : لا تؤذيه ، قاتلك الله ، فانما هو عندك دخيل
يوشك ان يفارقك الينا”(1) .
الا تهجر فراشه :
روى البخارى عن ابى هريرة عن النبى قال : “اذا دعا الرجل امراته
الى فراشه فابت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ” (2) .
قوله : “اذا دعا الرجل امراته الى فراشه” : قال بن ابى جمرة : الظاهر
ان الفراش كناية عن الجماع ويقويه قوله : “الولد للفراش” (3) اى لمن يطا فى
الفراش والكناية عن الاشياء التى يستحى منها كثيرة فى القران والسنة ، قال وظاهر الحديث
اختصاص اللعن بما اذا وقع منها ذلك ليلا لقوله : “حتى تصبح” وكان السر تاكد
ذلك الشان فى الليل وقوة الباعث عليه ولا يلزم من ذلك انه يجوز لها الامتناع
فى النهار وانما خص الليل بالذكر لانه المظنة لذلك ، ا ه .
وقد وقع فى رواية يزيد بن كيسان عن ابى حازم عند مسلم بلفظ : “والذي
نفسي بيده ما من رجل يدعو امراته الى فراشها فتابى عليه الا كان الذي في
السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها” (4) فهذه الاطلاقات تتناول الليل والنهار (5) .
وقال : “والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المراة حق ربها حتى تؤدي حق
زوجها ولو سالها نفسها وهي على قتب لم تمنعه” (6) .
وتامل فعل ام طلحة رضى الله عنها وقد مات ولدها (1) فعن انس قال :
“مات ابن لابي طلحة من ام سليم فقالت لاهلها لا تحدثوا ابا طلحة بابنه حتى
اكون انا احدثه قال فجاء فقربت اليه عشاء فاكل وشرب ، فقال(2) ثم تصنعت له
احسن ما كان تصنع قبل ذلك فوقع بها فلما رات انه قد شبع واصاب منها
قالت يا ابا طلحة ارايت لو ان قوما اعاروا عاريتهم اهل بيت فطلبوا عاريتهم الهم
ان يمنعوهم قال لا قالت فاحتسب ابنك قال فغضب وقال تركتني حتى تلطخت ثم اخبرتني
بابني فانطلق حتى اتى رسول الله فاخبره بما كان فقال رسول الله بارك
الله لكما في غابر ليلتكما قال فحملت قال فكان رسول الله في سفر وهي
معه وكان رسول الله اذا اتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقا فدنوا من
المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها ابو طلحة وانطلق رسول الله قال يقول ابو طلحة
انك لتعلم يا رب انه يعجبني ان اخرج مع رسولك اذا خرج وادخل معه اذا
دخل وقد احتبست بما ترى قال تقول ام سليم يا ابا طلحة ما اجد الذي
كنت اجد انطلق فانطلقنا قال وضربها المخاض حين قدما فولدت غلاما فقالت لي امي يا
انس لا يرضعه احد حتى تغدو به على رسول الله فلما اصبح احتملته فانطلقت
به الى رسول الله قال فصادفته ومعه ميسم فلما راني قال لعل ام سليم
ولدت قلت نعم فوضع الميسم قال وجئت به فوضعته في حجره ودعا رسول الله
بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في في الصبي فجعل
الصبي يتلمظها قال فقال رسول الله : انظروا الى حب الانصار التمر قال فمسح
وجهه وسماه عبد الله” (3) .
حق الزوجة اذن فما هى حقوق الزوجة ؟
الجواب : قال تعالى : (يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس
والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم :
6) ، وقال تعالى : (وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها) (طه : 132) .
ان اول واولى حقوق الزوجة بالوفاء هى تعليمها فرائض ربها (1) ، وبيان حق ربها
عليها ، فان هى عرفت حق الله تعالى عرفت حق زوجها عليها ، واول الحقوق
بالوفاء لربها “الصلاة” ، وهذا يعنى بدوره انه لابد ان يكون الزوج مصليا ، وان
يامر اهله بالصلاة ، وهو مع امره لهم بالصلاة دعوة الى الصبر عليهن والاصطبار ،
فلا يدعو بغلظة او شدة ، بل يحبب اليها الصلاة ، ويعلمها ويعلمها انه كما
يحبها يريد ان يحبها الله تعالى ولله المثل الاعلى وانه كما يريدها زوجة له فى
الدنيا يريدها زوجة له فى جنة الله تعالى فى الاخرة ، فلا يحبها دنيا ويهملها
ويجحفها حقها اخرة ! .
يقول : “رحم الله رجلا قام من الليل فصلى ثم ايقظ امراته فصلت فان
ابت نضح في وجهها الماء ورحم الله امراة قامت من الليل فصلت ثم ايقظت زوجها
فصلى فان ابى نضحت في وجهه الماء” (2) .
هل هذا يعنى ان الزوجة التى لا تصلى يفرق بينها وبين زوجها ؟
الجواب : ذهب كثير من اهل العلم الى تكفير تارك الصلاة كفرا اكبر اى يخرج
من الملة ، وعليه رتبوا الاحكام ، فقالوا : اذا كان متزوجا ولا يصلى يفرق
بينه وبين زوجته ، فلا يحق للمراة المسلمة المصلية ان تعاشر الكافر تارك الصلاة والعكس
وقالوا : تارك الصلاة اذا مات لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن
فى مقابر المسلمين ، ولا ولاية لتارك الصلاة على ابنته المصلية عند الزواج ، الى
غير ذلك من احكام تارك الصلاة ، فالامر جد عظيم ، ولكن اكثر الناس لا
يعلمون ، والاولى بالفتاة اذا تقدم اليها الخاطب ان تساله اول ما تساله عن صلاته
وعن صلته بربه كما تقدم بيانه .
وماذا ايضا من حق الزوجة على زوجها ؟
الجواب : قال تعالى : (ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز
حكيم) (البقرة : 228) .
فبين تعالى ان للنساء على الرجال حق كما للرجال على النساء ، قال وقد ساله
احدهم : يا رسول الله : ما حق زوجة احدنا عليه ؟ قال : ان
تطعمها اذا طعمت وتكسوها اذا اكتسيت او اكتسبت ، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا
تهجر الا في البيت” (1) ، فيطعمها مما يطعم وترضى هى بما قسمه الله تعالى
لهما من رزق ويكسوها اذا اكتسى ، ولا يضرب الوجه ولا يقبح فعلها او قولها
، فيسفه رايها وعملها ، ولا يهجر الا فى البيت .
وقال : “ان المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز
وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم واهليهم وما ولوا” (2) ، فالعدل مطلوب
اخى المسلم ، وكما تحب ان تعاملك زوجتك عاملها ، فلا تطلب حقك وتابى ان
تعطيها حقها .
وروى البخارى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله :
“يا عبدالله الم اخبر انك تصوم النهار وتقوم الليل قلت بلى يا رسول الله قال
فلا تفعل صم وافطر وقم ونم فان لجسدك عليك حقا وان لعينك عليك حقا وان
لزوجك عليك حقا” (1) .
قال الحافظ فى الفتح : لا ينبغى له ان يجهد بنفسه فى العبادة حتى يضعف
عن القيام بحقها من جماع واكتساب واختلف العلماء فيمن كف عن جماع زوجته فقال مالك
ان كان بغير ضرورة الزم به او يفرق بينهما ونحوه عن احمد والمشهور عند الشافعية
انه لا يجب عليه وقيل يجب مرة وعن بعض السلف فى كل اربع ليلة وعن
بعضهم فى كل طهر مرة .
الا يهجر الا فى البيت : لقوله تعالى : (الرجال قوامون على النساء بما فضل
الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله
واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان
الله كان عليا كبيرا) (النساء : 34) وقوله : “ولا تهجر الا في البيت”
(2) ، لا كما يفعل البعض بان يهجر الفراش والبيت فترى البعض يخرج للسهر والسمر
مع الاصدقاء تاركا خلفه زوجته كما مهملا ، فيخرج ليمرح ويفرح حتى اذا عاد الى
بيته عاد بالوجه العابس ، ومنهم من يهجر البيت الى بيت اهله !!!! .
فالسنة ان الرجل اذا اراد الهجر هجر فراشه او غرفته الى غرفة اخرى او مكان
اخر فى البيت ، لا الهجر بالكلية .
مساعدة الرجل زوجته فى شئون البيت : وهو على الاستحباب :
عن عائشة رضى الله عنها قالت : “كان رسول الله اذا دخل البيت كاحدكم
يخيط ثوبه و يعمل كاحدكم” (1) ، وفى رواية : “كان يكون في مهنة اهله
تعني خدمة اهله فاذا حضرت الصلاة خرج الى الصلاة” (2) وفى رواية : “كما يصنع
احدكم يخصف نعله ويرقع ثوبه” (3)، وفى رواية:”كان بشرا من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته
ويخدم نفسه” (4) .
فلا حرج على الزوج ان يساعد اهله فى بعض شؤون البيت ، فيعد لنفسه الطعام
او الشراب سواء كانت الزوجة تشعر بالتعب او المرض ام لا فان هذا العمل منه
يدخل على نفسها السرور وتشعر بحب زوجها لها واهتمامه بها والحرص على راحتها وسعادتها ،
ولا ينتقص هذا الفعل من “رجولة الرجل” بل يزيد من محبة زوجته لها ، وسيرى
منها جزاء هذا اضعاف واضعاف ، فالمراة “بئر” من الحنان والعطف والحساس المرهف الجميل ،
فقط عليك ان تغترف الغرفة الاول منه وسينبع هذا البئر ويروي لك حياتك بكل عاطفة
جياشة تتمناها .
صبر الرجل وحلمه على زوجته : ولما قال تعالى : (الرجال قوامون على النساء) (النساء
: 34) دخل فى قوامة الرجل انه الاكثر صبرا واحتمالا وتؤدة وغير ذلك ، فعلى
الرجل ان يكون اكثر صبرا واحتمالا من المراة ، وتامل كيف كان كانت بعض ازواج
النبى يهجرنه الى الليل ، وتحدث ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها وعن ابيها
وكان بينهما ابو بكر وكان قد دعاه ليحكم بينهما فقال النبى : تكلمي او
اتكلم ؟ فقالت : تكلم انت ، ولا تقل الا حقا ! فلطمها ابو بكر
حتى ادمى فاها وقال : او يقول غير الحق يا عدوة نفسها ! فاستجارت برسول
الله وقعدت خلف ظهره ! فقال النبى : انا لم ندعك لهذا ، ولم نرد
منك هذا” (1) .
فتامل حال ام المؤمنين وهى تشتكى ثم لا تجد الا ان تستجير بالنبى من ابيها
! وهى ما استجارت به الا لعلمها برافته وحبه وحنانه وشفقته .
-وهى التى تقول يوما للنبى : انت الذى تزعم انك نبى ؟ !! فتبسم رسول
الله .
كمن تقول لزوجها يوما : انت الذى تزعم انك “ملتزم” بدين الله !! فليصبر وليحتمل
وله فى رسول الله القدوة والاسوة الحسنة .
الا يلوح لها بالطلاق : وهذا يعنى ان يحذر امر الطلاق ان يقع منه ،
او يذكره عند كل صغيرة وكبيرة تقع بين الزوجين ، فالتلويح بالطلاق يشعر المراة انها
لم تعد تملك هذا البيت ، وانه لا حق لها فيه ، وهى مجرد ضيف
تقيل سرعان ما يذهب عند اول مشاحنة بينها وبين زوجها ، وكم زلزل التلويح بالطلاق
بيوتا ، واتى عليها وقوعه .
الا يطيل فترة غيابه عنها :
اما المدة التى للرجل الغياب فيها عن زوجته فنسوق هذه القصة التى رواها الامام مالك
فى الموطا قال : “بينما عمر بن الخطاب يحرس المدينة ، مر على بيت من
بيوتات المسلمين فسمع امراة من داخل البيت تنشد :
تطاول هذا الليل وازور جانبه وارقنى ان لا ضجيع الاعبه
الاعبه طورا وطورا كانما بدا فمرا فى ظلمة الليل حاجبه
يسر به من كان يلهو بقربه لطيف الحشا لا يحتويه اقاربه
فوالله لولا الله لاشئ غيره لحرك من هذا السرير جوانبه
ولكننى اخشى رقيبا موكلا بانفسنا لا يفتر الدهر كاتبه
مخافة ربى والحياء يصدنى واكرام بعلى ان تنال مواتبه
فسال عمر عنها قيل له : ان زوجها غائب فى سيبل الله تعالى ،
فبعث الى زوجها حتى اعاده اليها ، ثم دخل على ابنته حفصة فسالها : كم
تصبر المراة على زوجها ؟ قال : سبحان الله ، مثلك يسال مثلى عن هذا
؟! فقالت : خمسة اشهر ، ستة اشهر ، فوقف عمر وقال لا يغيب رجل
عن اهله اكثر من ستة اشهر .
فماذا عن وصايا الزوجين ؟
الجواب : وصايا الزوجين كثيرة فمنها اولا : وصية الاب ابنته عند الزواج :
وصى عبد الله بن جعفر بن ابى طالب ابنته فقال : اياك والغيرة فانها مفتاح
الطلاق ، واياك وكثرة العتاب فانه يورث البغضاء “اى الكراهية” ، وعليك بالكحل فانه ازين
الزينة ، و اطيب الطيب الماء .
ثانيا : وصية ام ابنتها عند الزواج : خطب عمرو بن حجر ملك كندة ام
اياس بنت عوف بن مسلم الشيبانى ، ولما حان زفافها اليه خلت بها امها امامة
بنت الحارث فاوصتها وصية تبين فيها اسس الحياة الزوجية السعيدة ، وما يجب عليها لزوجها
مما يصلح ان يكون دستورا لجميع النساء فقالت :
اى بنية : انك فارقت الجو الذى منه خرجت ، وخلفت العش الذى فيه درجت
، الى وكر لم تعرفيه وقرين لم تالفيه ، فاصبح بملكه عليك رقيبا ، فكوني
له امة يكن لك عبدا وشيكا ، واحفظى له خصالا عشرا تكن لك ذخرا :
اما الاولى والثانية : فالخضوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة .
واما الثالثة والرابعة : فالتفقد لمواضع عينيه وانفه ، فلا تقع عينه منك على قبيح
، ولا يشم منك الا اطيب ريح .
واما الخامسة والسادسة : فالتفقد لوقت منامه وطعامه ، فان تواتر الجوع ملهبة ، وتنغيص
النوم مغضبة .
واما السابعة والثامنة : فالاحتراس بماله والارعاء على حشمه وعياله .
واما التاسعة والعاشرة : فلا تعصين له امرا ، ولا تفشين له سرا ، فانه
ان افشيت سره او خالفت امره اوغرت صدره ولم تامنى غدره ، ثم اياك والفرح
بين يديه ان كان مغتما ، والكابة بين يديه ان كان فرحا .
ثالثا : وصية الزوج لزوجته : قال ابو الدرداء لامراته ناصحا لها : اذا رايتنى
غضبت فرضى واذا رايتك غضبى رضيتك والا لم نصطحب :
خذى العفو منى تستديمى مودتى ولا تنطقى فى سورتى حين اغضب
ولا تنقرينى نقرك الدف مرة فانك لا تدرين كيف المغيب
ولا تكثرى الشكوى فتذهب بالقوى وياباك قلبى والقلوب تقلب
فانى رايت الحب فى القلب والاذى اذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
سلوكيات فماذا عن السلوكيات التى على العروسين التحلى بها فى بيت الزوجية لتكون الحياة التى
يظللها الحب والود والسكن والرحمة كما قال تعالى : (ومن اياته ان خلق لكم من
انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان فى ذلك لايات لقوم يتفكرون) (الروم
: 21) .
الجواب : من المقرر ان “مركب” الحياة الزوجية تحتاج الى مجدافى الرجل والمراة معا لتصل
الى بر الامان والحب والوئام ، وهذا يستلزم من الرجل والمراة المشاركة الدائمة فى التعاون
معا ، والا يطلب طرف ان ياخذ دائما دون ان يعطى ، بل عليه ان
يبادر هو بالعطاء ولا ينتظر الاخذ ، بل يفعل ما يطيق وما يسعه فى سبيل
اسعاد الطرف الاخر والتخفيف عنه عناء الطريق الطويل ، وعلى الرجل ان يكون اكثر احتمالا
بحكم تكوينه الجسدى وقوامته فياخذ مجدافى المركب ليسير بها الى شاطئ الحب والاسرة السعيدة ،
ولا تتركه المراة يجاهد ويكد وهى تشاهد هذا دون ان تبادله الابتسامة وتعطيه اللمسة الحانية
والكلمة الطيبة التى تجعله لا يشعر بالم او تعب من وعثاء الطريق ، فهى تجلس
امامه على طرف “المركب” كاميرة او ملكة متوجة ياخذها اميرها ومليكها الى جزيرة بعيدة عن
اعين الذئاب فى الطريق وفى وسائل العلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، لعيشا معا عمرها الجميل
، فلابد ان يراها الرجل فى ابهى صورها من ملبس وملمس وكلمة طيبة رقيقة حانية
.
ولنعلم ان السلوكيات التى على العروسين التحلى بها كثيرة جدا ومنها : حسن العشرة .
فاول هذه السلوكيات التى على الزوجين التحلى بها : حسن العشرة :
فعلى العروس الرجل والمراة ان يحسن كل منهما معاشرة الاخر، وقد حث تعالى فى كتابه
الكريم وعلى لسان رسوله الزوج بحسن العشرة فقال تعالى : (وعاشروهن بالمعروف) (النساء : 19)
، وقال : “خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي” (1) ، وقال :
“اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم خلقا” (2) .
وقال : “الا واستوصوا بالنساء خيرا فانما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا
غير ذلك الا ان ياتين بفاحشة مبينة فان فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير
مبرح فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا الا ان لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم
حقا فاما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون (3) ولا ياذن في بيوتكم
لمن تكرهون الا وحقهن عليكم ان تحسنوا اليهن في كسوتهن وطعامهن” (4) . وقال
: “كل شئ ليس فيه ذكر الله فهو (لغو) وسهو لعب ، الا اربع (خصال)
: ملاعبة الرجل امراته ، وتاديب الرجل فرسه ، ومشيه بين الغرضين (5) ، وتعليم
الرجل السباحة” (6) .
ومن صور حسن المعاشرة اسوق اليك ايها الزوج الحبيب هذا الحديث الطيب الكثير الفوائد واداب
حسن المعاشرة لمن تدبره وتامله ، وفيه بعض ما تبغضه النساء فى الرجال ، وبعض
ما تحبه النساء فى الرجال فتامله وزن نفسك مع اى فريق انت ، والحديث رواه
البخارى ومسلم (1) عن ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت (2) : جلس احدى
عشرة امراة فتعاهدن وتعاقدن ان لا يكتمن من اخبار ازواجهن شيئا .
قالت الاولى : زوجي لحم جمل غث على راس جبل لا سهل فيرتقى ولا سمين
فينتقل .
تصف زوجها بانه كلحم الجمل ، وهو من انواع اللحم غير المحببة الى الناس ،
وهو مع كونه لحما مزهود فيه ، فهو على راس جبل عال ! وهذا الجبل
لا سهل فيرتقى الى اللحم المزهود ، ولا هو باللحم السمين فاتحمل مشقة صعود وتسلق
الجبل .
قالت الثانية : زوجي لا ابث خبره اني اخاف ان لا اذره ان اذكره اذكر
عجره وبجره.
تقول : زوجى لا انشر خبره ، انى اخاف ان انا تحدتث عنه الا افيكم
بيان معايب زوجى ومساوءه ، ولكن … ان كنت احدثكم عنه فيكفى ان اذكر عجره
، والعجر : العقد التى تكون فى البطن واللسان ، والبجر: العيوب ، فتحدثت عن
عيوبه الظاهرة والباطنة .
قال الخطابى : ارادت عيوبه الظاهرة واسراره الكامنة ، قال : ولعله كان مستور الظاهر
رديء الباطن .
قالت الثالثة :زوجي العشنق ان انطق اطلق وان اسكت اعلق .
تصفه بانه طويل مذموم الطول ، ارادت انه ليس عنده اكثر من طوله بغير نفع
، وقد قال ابن حبيب : هو المقدم على ما يريد ، الشرس فى اموره
، وقيل : السيئ الخلق .
تقول : انها ان ذكرت عيوبه فيبلغه طلقها ، وان سكتت عنده فانها عنده معلقة
لا زوج ولا ايم ، فاشارت الى سوء خلقه وعدم احتماله لكلامها ان شكت له
حالها ، وانها تعلم انها متى ذكرت له شيئا من ذلك بادر الى طلاقها ،
وانها ان سكتت صابرة على تلك الحال كانت عنده كالمعلقة التى لا ذات زوج ولا
ايم .
قالت الرابعة : زوجي كليل تهامة لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سامة .
تصف زوجها بانه لين الجانب ، خفيف الوطاة على الصاحب ، ويحتمل ان يكون ذلك
من بقية صفة الليل ، ثم وصفته بالجود ووصفته بحسن العشرة واعتدال الحال وسلامة الباطن
، فكانها قالت : لا اذى عنده ولا مكروه ، وانا امنة منه فلا اخاف
من شره ، ولا ملل عنده فيسام من عشرته ، فانا لذيذة العيش عنده كلذة
اهل تهامة بليلهم المعتدل .
قالت الخامسة : زوجي ان دخل فهد وان خرج اسد ولا يسال عما عهد .
تصفه بالغفلة عند دخول البيت على وجه المدح له (1) ، وشبهته فى لينه وغفلته
بالفهد ، لانه يوصف بالحياء وقلة الشر وكثرة النوم ، او تصفه انه اذا دخل
البيت وثب على وثوب الفهد (2) ، وان خرج كان فى الاقدام مثل الاسد ،
وانه يصير بين الناس مثل الاسد ، او تصفه بالنشاط فى الغزو ، وقولها :
ولا يسال عما عهد : تمدحه بانه شديد الكرم كثير التغاضى لا يتفقد ما ذهب
من ماله (1) .
قالت السادسة : زوجي ان اكل لف(2) وان شرب اشتف(3) وان اضطجع التف(4) ولا يولج
الكف ليعلم البث(5) .
تصفه بانه اكول شروب نؤوم ، ان اكل لا يبقى شيئا من الطعام ، والاشتفاف
فى الشرب استقصاءه فان شرب لا يبقى شيئا من الشراب ، وان نام رقد ناحية
وتلفف بكسائه وحده وانقبض عن اهله اعراضا ، ولا يمد يده ليعلم ما هى عليه
من الحزن فيزيله .
قالت السابعة : زوجي غياياء(1) او عياياء(2) طباقاء(3) كل داء له داء شجك او فلك
او جمع كلا لك .
تصفه بالحماقة ، كانه فى ظلمة من امره ، وانه عيي اللسان (4) لا يهتدى
الى مسلك ، ووصفته بثقل الروح وانه كالظل المتكاثف الظلمة الذى لا اشراق فيه ،
وتقول ان كل شئ تفرق فى الناس من المعايب موجود فيه ، وتصفه بسوء المعاملة
لاهله ، ان ضربها فاما ان يشجها او يكسرها او يجمع لها الاثنين .
قالت الثامنة : زوجي المس مس ارنب والريح ريح زرنب .
تمدح زوجها بانه لين الخلق ، وحسن العشرة ، فهو فى ريح ثيابه ، كالزرنب
، وهو نبات طيب الريح ، وفى لين كلامه ولطف حديثه وحلاوة طباعه كالارنب فى
لين الملمس .
قالت التاسعة : زوجي رفيع العماد طويل النجاد عظيم الرماد قريب البيت من الناد.
وصفته بطول البيت وعلوه وكرمه ، او بنسبه الرفيع ، طويل السيف مما يدل على
شجاعته واقدامه ، وهو مع ذلك سخى كريم الاضياف ، فرماد البيت كثير من كثرة
الاضياف ، وهو مع هذه كله زعيم قومه فى ناديهم القريب من البيت .
قالت العاشرة : زوجي مالك وما مالك مالك خير من ذلك له ابل كثيرات المبارك
قليلات المسارح واذا سمعن صوت المزهر ايقن انهن هوالك .
تصفه بالكرم والثروة وكثرة القرى والاستعداد له ، والمبالغة فى صفاته ، والتقديم له بالسؤال
للتنبيه على عظم شانه ، فقولها : وما مالك ؟ تعظيم لامره وشانه ، وانه
خير مما اشير اليه من الثناء والمديح كله على الازواج السابق ذكرهم ، فمالك هذا
له ابل كثيرة ، دائمة البروك بالحظيرة انتظارا لقدوم الضيف ، ولهذا الرجل علامة واشارة
بينه وبين اهله او خدمه ، فاذا نزل بهم الضيف ، اعطى الرجل الاشارة بالمزهر
، دلالة لاعداد الطعام فلا يسمع الضيف ندائه باعداد الطعام فيتحرج وقد اعتادت الابل عند
سماع الملاهى ان توقن بالهلاك وهو النحر ، ليقدم لحمها طعاما لضيوفه ، وهذا غاية
الكرم .
قالت الحادية عشرة : زوجي ابو زرع ، وما ابو زرع ؟ اناس من حلي
اذني ، وملا من شحم عضدي ، وبجحني فبجحت الي نفسي ، وجدني في اهل
غنيمة بشق ، فجعلني في اهل صهيل واطيط ودائس ومنق ، فعنده اقول فلا اقبح
، وارقد فاتصبح ، واشرب فاتقنح .
ام ابي زرع ، فما ام ابي زرع ؟ عكومها رداح ، وبيتها فساح .
ابن ابي زرع ، فما ابن ابي زرع ؟ مضجعه كمسل شطبة ويشبعه ذراع الجفرة
.
بنت ابي زرع ، فما بنت ابي زرع ؟ طوع ابيها ، وطوع امها ،
وملء كسائها ، وغيظ جارتها .
جارية ابي زرع ، فما جارية ابي زرع ؟ لا تبث حديثنا تبثيثا ، ولا
تنقث ميرتنا تنقيثا، ولا تملا بيتنا تعشيشا .
قالت : خرج ابو زرع والاوطاب تمخض ، فلقي امراة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان
من تحت خصرها برمانتين ، فطلقني ونكحها ، فنكحت بعده رجلا سريا ، ركب شريا،
واخذ خطيا ، واراح علي نعما ثريا ، واعطاني من كل رائحة زوجا ، وقال
: كلي ام زرع وميري اهلك ، قالت : فلو جمعت كل شيء اعطانيه ما
بلغ اصغر انية ابي زرع “.
قولها “اناس من حلى اذنى” اى حلانى بانواع الزينة التى تعلقن باذنى .
قولها “وبجحنى فبجحت الى نفسى” اى : سرنى وفرحنى بحسن معاملته فعظمت نفسى فى عينى
، او عظمنى ورفع من شانى فعظمت نفسى فى عينى ، حتى شعرت بانى اميرة
الاميرات ، رغم انه :
وجدنى فى اهل غنيمة بشق … اى : وجدنى فى اهل فقراء ، ليس لهم
من الغنم الا قليل ، فانتشلنى من هذا الحال فجعلنى فى اهل الثراء مع الخيل
والابل والزرع والخدم والدجاج وسائر الانعام .
فعنده اقول فلا اقبح وارقد فاتصبح واشرب فاتقنح : اى اتكلم فلا يقبح قولى او
يسفهه ، وعنده انام فلا يوقظنى احد حتى استيقظ من نفسى ، واذا شربت ارتويت
من الشراب .
ثم هى بعد ان وصفت زوجها انتقلت بالثناء الى امه وابنه وابنته بل حتى الى
جاريته ، وهذا انما يدلك على مدى تعلق هذا المراة بزوجها ، فهى لم تكتفى
بمدح الزوج حتى اتبعت هذا بالثناء على امه (حماتها) ! تصفها بان سمينة الجسم واسعة
البيت ، وابنه : هادئ الطباع قليل الطعام ، وابنته : سمينة كامها ، وهى
طوع امر ابيها وامها ، وهى غيظ جارتها : اى جيران ابيها وامها ، او
غيظ جارتها : اى ان زوج البنت كان متزوجا عليها فكانت هى افضل ازواجه –
جارتها – اليه ، ثم اليكم ايضا وصف جارية وخادمة ابى زرع : فهى كتومة
لا تنشر خبر بيتنا والحديث عنه هذه الجارية او الخادمة وليست الزوجة ! ولا هى
تهمل امر طعامنا فهى ليست بالمبذرة ، او ليست بالتى تسرق من ثمن طعامنا عند
شرائه ، وهى مع هذا كله نظيفة ، تحافظ على نظافة بيتنا !!! .
ثم اخذت بالعود مرة اخرى فى بيان حال ابى زرع ، تقول : خرج زوجها
ذات يوما لعله كان غاضبا ، فراى امراة جميلة معها ولدان يشبهان البدر فى الجمال
، والفهد فى الحيوية والنشاط ، يلعبان بثديى امهما ، اللذين يشبهان الرمانتين ، تقول
: فطلقنى ونكحها ، تقول : فتزوجت بعده رجلا سريا شريفا ، اعطانى كل ما
اريد من انواع النعم ، ولم يبخل على بشئ ، وقال لى : تمتعى واعطى
اهلك ما تشائين من انواع الخيرات ، تقول : فلو جمعت كل شئ اعطانيه هذا
الزوج الثانى ما بلغ اصغر انية ابى زرع ، وذلك لشدة حبها وعظم الخير الذى
كان عند زوجها الاول (1) .
قالت عائشة : قال رسول الله كنت لك كابي زرع لام زرع” هذه رواية
البخارى ومسلم ، وفى رواية للطبرانى” كنت لك كابى زرع لام زرع ، لكن لا
اطلق النساء” .
ومن صور حسن المعاشرة ايضا : اشاعة المرح والسرور والبهجة والتلطف مع الزوجة ، روى
البخارى (2) عن عروة عن عائشة قالت : “رايت النبي يسترني بردائه وانا انظر
الى الحبشة يلعبون في المسجد حتى اكون انا التي اسام فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن
الحريصة على اللهو” .
وعن الصديقة بنت الصديق عائشة رضى الله عنها ايضا قالت : “خرجت مع النبي
في بعض اسفاره وانا جارية لم احمل اللحم ولم ابدن فقال للناس تقدموا فتقدموا ،
ثم قال لي تعالي حتى اسابقك ، فسابقته فسبقته ، فسكت عني حتى اذا حملت
اللحم وبدنت ونسيت خرجت معه في بعض اسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالي
حتى اسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك ” (1) .
وعنها ايضا رضى الله عنها قالت : “كنت اشرب وانا حائض ثم اناوله النبي
فيضع فاه على موضع في فيشرب واتعرق العرق وانا حائض ثم اناوله النبي فيضع
فاه على موضع في” (2) .
ومن السلوكيات التى على الزوج التحلى بها ايضا :
الا يطرق اهله ليلا :
روى البخارى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال : “كان النبي يكره
ان ياتي الرجل اهله طروقا” (3) ، وعنه ايضا ان النبى قال : “اذا قدم
احدكم ليلا فلا ياتين اهله طروقا حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة ” (4) .
قال اهل اللغة : الطروق بالضم المجئ بالليل من سفر او من غيره على غفلة
ويقال لكل ات بالليل طارق ولا يقال بالنهار الا مجازا .
وقال بعض اهل اللغة : اصل الطروق الدفع والضر وبذلك سميت الطريق لان المارة تدقها
بارجلها وسمى الاتى بالليل طارقا لانه يحتاج غالبا الى دق الباب وقيل اصل الطروق السكون
ومنه اطرق راسه فلما كان الليل يسكن فيه سمى الاتى فيه طارقا .
وقول فى رواية اخرى صحيحة عن جابر : “اذا اطال احدكم الغيبة فلا
يطرق اهله ليلا” وفيه التقييد فيه بطول الغيبة ، اى يشير الى ان علة النهى
انما توجد حينئذ فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما ، بخلاف من يخرج نهارا الى
عمله ثم يعود ليلا ، وانما المراد من طالت غيبته فلا يطرق اهله ليلا بدون
تنبيه خشية ان تقع عينه على ما يكره من عدم النظافة ونحوها مما قد يسبب
له النفرة ، والشرع الحكيم انما يحرض على الستر ، وقد وقع فى بعض الروايات
: “ان يخونهم او يلتمس عثراتهم ” .
فعلى الزوج عند عودته من العمل مثلا الا يهم على اهله ليلا فيفتح عليها الباب
“بالمفتاح” دون الاستئذان والتوطئة بدق “الجرس” مثلا لئلا يرى منها ما يكون سببا فى نفرته
منها ، او يطلع على عورة منها لا تريد منه ان يراها .
وفى حديث الاسراء والمعراج هذا الادب اللطيف فى الاستئذان ويظهر جليا فى دق جبريل
باب السماء الاولى طلبا للصعود والدخول ، ثم تكرر هذا الامر فى كل سماء ،
وسؤال الملائكة الطارق فيرد باسمه ثم سؤالهم عمن معه وهكذا… وفى هذا من الحكم والادب
ما على المسلم من تامله وتدبره (1)
ومن السلوكيات التى على الرجل التحلى بها ايضا : مراعاة غيرة النساء .
روى انس قال : “كان النبي عند بعض نسائه فارسلت احدى امهات المؤمنين بصحفة
فيها طعام فضربت التي النبي في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة(2) فانفلقت فجمع النبي
فلق الصحفة(3) ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت امكم
ثم حبس الخادم حتى اتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة
الى التي كسرت(4) صحفتها وامسك المكسورة في بيت التي كسرت ” (5) . ففى هذا
الحديث التنبيه الى عدم مؤاخذة الغيراء لانها فى تلك الحالة يكون عقلها محجوبا بشدة الغضب
الذى اثارته الغيرة .
واصل الغيرة غير مكتسب للنساء لكن اذا افرطت فى ذلك بقدر زائد عليه تلام وضابط
ذلك ما ورد فى الحديث الاخر عن جابر بن عتيك الانصارى رفعه : “ان من
الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله ومن الخيلاء ما يحب الله
ومنها ما يبغض الله فاما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة
واما الغيرة التي يبغض الله عز وجل فالغيرة في غير ريبة ، والاختيال الذي يحب
الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة والاختيال الذي يبغض الله الخيلاء
في الباطل” (1) .
وهنا ننبه “الرجال” الذين تهاونوا فى اجساد نسائهم فاصبحت مرتعا لاعين الذئاب فى كل مكان
، فى الطريق ، فى العمل ، فى وسائل الاعلام ، حتى دخل العرى والتهاون
“بالعرض” بيوت المسلمين الا من رحم الله حتى يرى “الرجل” زوجته تجلس امام “شقتها” مع
جارتها وقد ارتدت ما يكشف كتفيها وبعض صدرها ، وساقيها ، او تجالس اصدقاء الزوج
فى الزيارات ! وقد تعرى صدرها او ظهرها بعد ان تعرت هى من اوامر ربها
، حتى صارت “الدياثة” هى العرف السائد فى بيوت وشوارع المسلمين ، حتى اصبحت صاحبة
النقاب هى “العفريت” الذى تهدد به بعض الامهات ابنائها الصغار! وغدا “الرجل” يرى ابنته تخرج
الى “الدراسة” او العمل وهى ترتدى “الجينز او الاستريتش” وقد بدت عورتها ومفاتن جسدها لكل
لذى عينين، تخرج الفتاة بهذا الزى ويراها الاب وهو يحتسى كوب “الشاى” ولا يتحرك فيه
ساكنا ! بل وصل الامر ببعض الاباء بضرب ابنته اذا شعر الاب بتحول فى حياة
ابنته من التبرج الى الالتزام بشرع ربها وستر عورتها ! وقد نسى الاب قول النبى
:” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته” الحديث ، وغاب عن الاب فى دنيا الناس
انه سيقف يوما بين يدى رب السموات والارض ليساله عن تلك الذنوب التى تحملها هو
وابنته بخروجها متبرجة وهو يجلس يحتسى شاى الصباح ! فكل نظرة على المتبرجة بذنب تتحمله
هى ومن تركها تخرج بهذا التبرج والسفور وغاب عن الاب والزوج قوله : “لا
يدخل الجنة ديوث” (1) وهو الذى يقر السوء فى اهله ! .
لهذا وجب على الزوج التنبيه واستنفار الغيرة فيه على اهل بيته ، روى البخارى عن
سعد بن عبادة انه قال : “لو رايت رجلا مع امراتي لضربته بالسيف غير مصفح
فقال النبي اتعجبون من غيرة سعد لانا اغير منه والله اغير مني” (2) .
وعن عبد الله عن النبى قال : “ما من احد اغير من الله من
اجل ذلك حرم الفواحش وما احد احب اليه المدح من الله” (3) .
و عن عائشة رضى الله عنها ان رسول الله قال : “يا امة محمد
والله ما من احد اغير من الله ان يزني عبده او تزني امته يا امة
محمد والله لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا” (4) .
وعن عروة بن الزبير عن امه اسماء انها سمعت رسول الله يقول : “ليس شيء
اغير من الله ” (5) .
ومن ابواب حسن العشرة ايضا : النهى عن الضرب المبرح : قال تعالى : (واللاتي
تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله
كان عليا كبيرا) (النساء : 34) وقال : “فان فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا
غير مبرح فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا” (1) .
يقع كثير من الازواج فى خطا عظيم وهو تعد حدود الله فى مراتب تاديب النساء
، فيبدا احدهم اول ما يبدا بالضرب ، وقد ارشد تعالى عباده المؤمنين الى كيفية
تاديب المراة التى تخاف نشوزها ، فبدا تعالى بموعظة الزوجة وتخويفها عذاب الله ان
هى عصت زوجها ، وانه جنة المراة او نارها ، وانه لو كان لاحد ان
يسجد لاحد لسجدت المراة لزوجها من فرط طاعته عليها ، واصحب هذه الموعظة ببيان مدى
حبك لها ، وليكن امامك قوله تعالى : (ادفع بالتي هي احسن) (المؤمنون : 96)
، وقوله : “لا تكسر القوارير” (2) ، والمراد بالقوارير : جمع قارورة وهى
الزجاجة ، والمراد : النساء ، وانما شبههم بالقوارير : اى الزجاج : لرقتهن
وضعفهن ولطفهن .
فان هى لم تتعظ وتثب الى رشدها انتقل الزوج الى المرحلة الثانية فى التاديب وهى
“الهجر فى الفراش” فيهجر الرجل زوجته فى فراشها ويوليها قفاه ، او يهجر حديثها اظهارا
لغضبه .
فان عادت الى حظيرة الطاعة فبها ونعمت ، والا انتقل الى المرتبة الثالثة وهى الضرب
لقوله تعالى : (واضربوهن) ، وقوله فى حديث عمرو بن الاحوص انه شهد حجة الوداع
مع رسول الله فذكر حديثا طويلا وفيه : “فان فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن
ضربا غير مبرح” (1) الحديث ، وفى حديث جابر الطويل عند مسلم “فان فعلن فاضربوهن
ضربا غير مبرح” (2) اى غير مؤلم (3) ، وروى البخارى عن عبد الله بن
زمعة عن النبى : “لا يجلد احدكم امراته جلد العبد ثم يجامعها في اخر
اليوم” (4) .
فضرب النساء لا يباح مطلقا بل فيه ما يكره كراهة تنزيه او تحريم ، فهو
ضرب تاديب وليس ضرب العبد او الامة او ضرب التعذيب ، وليحذر الوجه .
وقد جاء النهى عن ضرب النساء مطلقا فعند احمد وابى داود والنسائى وصححه بن حبان
والحاكم من حديث اياس بن عبد الله بن ابى ذباب : “لا تضربن اماء الله
فجاء عمر الى النبي فقال : يا رسول الله قد ذئر النساء على ازواجهن
فامر بضربهن فضربن ، فطاف بال محمد طائف نساء كثير فلما اصبح قال لقد
طاف الليلة بال محمد سبعون امراة كل امراة تشتكي زوجها فلا تجدون اولئك خياركم” (5)
وله شاهد من حديث ابن عباس فى صحيح ابن حبان واخر مرسل من حديث ام
كلثوم بنت ابى بكر عند البيهقى .
وقوله : “ذئر” بفتح المعجمة وكسر الهمزة بعدها راء اى نشز بنون ومعجمة وزاى ،
وقيل معناه غضب واستب ، قال الشافعى : يحتمل ان يكون النهى على الاختيار والاذن
فيه على الاباحة ويحتمل ان يكون قبل نزول الاية بضربهن ، ثم اذن بعد نزولها
فيه .
وفى قوله : “ان يضرب خياركم : دلالة على ان ضربهن مباح فى الجملة ومحل
ذلك ان يضربها تاديبا اذا راى منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعته فان
اكتفى بالتهديد ونحوه كان افضل ومهما امكن الوصول الى الغرض بالايهام لا يعدل الى الفعل
لما فى وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة فى الزوجية الا اذا كان
فى امر يتعلق بمعصية الله وقد اخرج النسائي فى الباب حديث عائشة : “ما ضرب
رسول الله امراة له ولا خادما قط ولا ضرب بيده شيئا قط الا فى
سبيل الله او تنتهك حرمات الله فينتقم لله” (1) .
فالزوج لا يلجا الى الضرب الا بعد ان يستنفذ السبل والمراتب التى بينها تعالى فى
كتابه ، وكلما ابتعد الزوج عن الضرب كان له افضل ، وقال : “علقوا السوط
حيث يراه اهل البيت ، فانه ادب لهم” (2) .
قال ابن الانبارى : لم يرد الضرب به لانه لم يامر بذلك احدا ، وانما
اراد الا ترفع ادبك عنهم (3) .
ومن السلوكيات ايضا : ان يتادب الرجل بادب خلع الحذاء عند ولوجه بيته فى المكان
المخصص له .
ان يتادب بادب وضع ملابسه عند خلعها فى مكانها المخصص لها ، كى لا يرهق
زوجه بكثرة الاعمال فى البيت .
كما على الزوج ايضا ان يعرف حقوق وواجبات اهل عروسه ، فيكون فى استقبالهما بالابتسامة
والترحيب ومجالستهم…
ومن السلوكيات ايضا التى على الزوج ان يتحلى بها فى بيته :
الحذر مما يقع فيه كثير من الازواج حيث ترى بعضهم وقد ظن انه بزواجه فهو
صاحب البيت ومالكه وكانه يعيش فيه وحده ، فلا تراه زوجه الا وهو رث الثياب
ما دام داخل البيت !!! ولا تشم منه الا اقذر ريح ! سواء كان جالسا
ام قائما ! (1) .
ترخيم اسم الزوجة : عن ابى سلمة ان عائشة رضى الله عنها قالت : “قال
رسول الله يوما : يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام ، فقلت وعليه السلام
ورحمة الله وبركاته ، ترى ما لا ارى ، تريد رسول الله ” (2) .
ومن السلوكيات ايضا : ان يذكر الرجل زوجه بانها اجمل هدية قدمتها له فلانة حين
عرضتها عليه ، وانها اجمل من دخل حياته ، وانه سعيد بهذا الزواج ونحو هذا
.
ان يطعمها : بان يضع اللقمة فى فيها وله فيها اجر اثناء الاكل ، وان
يكثر من المزاح (3) والابتسام خفيف الظل ، اثناء الطعام ، “ولكن يا حنظلة ساعة
وساعة” ، اخرجه مسلم .
ومن السلوكيات ايضا : ما يفعله بعض الازواج بمحادثة زوجته من عمله ليطمئن عليها ،
وما اجمل ان يحدثها فى الهاتف بعد خروجه من البيت او فى عمله او قبل
عودته فيقول لها : احبك … ، وما اروع هذه الكلمة واوقعها عند الزوجة ،
وما اجمل هذا الفعل ايضا من الزوجة لزوجها.
ومنهم من يعود الى بيته ومعه هديته : زهرة ، شيكولاته ، مصاصة ! نعم
مصاصة ، فقط تشعر الزوجة انك تتذكرها دوما ، علبة حلوى ، شئ تحبه الزوجة
ويعرف الزوج هذا منها ، الى غير ذلك ، فسبل التعبير عن حبك لزوجتك وانها
معك دائما وتفكر فيها دوما كثيرة ، فقط اطرق الباب ، وستجد اضعاف هذا من
زوجتك .
ومن السلوكيات ايضا : تزين الرجل لزوجته : فعلى الرجل ان يتزين لاهله كما يحب
ان تتزين هى له (1) ، وقد كان يتزين لاهله ، وكان من خير
زينته السواك ، كما سئلت ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها عما كان يبدا به
عند دخوله بيته ؟ قالت : بالسواك(2) .
وقد قال تعالى : (ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف) (البقرة : 228) ، وقال :
“ان الله جميل يحب الجمال” (1) فكما ان للمراة ان تتزين لزوجها ، على الرجل
ايضا ان يتزين لزوجه ، وكما يحب منها ان تستحم وتمشط شعرها وتتطيب ونحو هذا
قبل الجماع ، فعليه ايضا مثل هذا ، فكما يريد ان لا يشم منها الا
اطيب ريح ، فلها ايضا مثل ذلك ، فعليه ان لا تشم منه الا اطيب
ريح ، وكما يريد منها الا يراها فى ثياب رثة ، فلها ايضا وعليه ان
لا تراه فى ثياب رثة ، وقد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه
قال : انى لاتزين لامراتى كما تتزين لى .
تحفة العروسين
مجدى بن منصور بن سيد الشورى
فهرس
الموضوع الصفحة
مقدمة ————————————- 3
كلمة شكر ——————————— 6
الترغيب فى الزواج —————————— 7
التحذير من الزنا ——————————– 12
محبة الزوجة ———————————- 14
ازواج النبى ——————————— 16
سرارى النبى —————————– 20
الزواج فى الجاهلية —————————– 20
اسس اختيار الزوجة —————————– 21
مواصفات الزوجة الصالحة ————————– 21
اسس اختيار الزوج —————————– 28
الكفاءة فى النكاح —————————— 31
صلاة الاستخارة ——————————– 34
اباحة النظر الى وجه المخطوبة ————————- 36
النهى عن المغالاة فى المهور ————————– 43
دبلة الخطوبة ———————————- 45
ما يباح للخاطب بعد الخطبة ————————- 49
النفقة على الزوجة —————————— 50
العروس ليلة الزفاف —————————– 50
حكم الذهاب الى الكوافير ————————– 51
نتف الحواجب ——————————— 52
المانيكير ————————————- 52
الغناء فى العرس ——————————– 52
لا نكاح الا بولى ——————————- 56
الفاظ التزويج ——————————— 56
الفرق بين النكاح والزواج ———————— 58
الدعاء للعروسين ——————————- 60
ليلة الزفاف ———————————– 61
وضع على راس الزوجة ————————– 62
قصة من الواقع ——————————– 62
ما يقول الرجل حين يجامع اهله ———————— 65
فض غشاء البكارة ——————————- 66
كيف ياتى الرجل اهله ————————– 67
الوليمة ————————————- 69
القسم الثانى
الشروط فى النكاح —————————— 71
حكم الاسلام فى من تزوج بامراة فوجدها حبلى ————– 72
المحرمات من النساء —————————- 72
فصل ————————————– 77
فصل ————————————– 78
فصل ————————————– 79
فصل ————————————– 80
نكاح التفويض ——————————— 83
نكاح الشغار ———————————- 84
نكاح المحلل ———————————– 85
نكاح المتعة ———————————– 85
نكاح المحرم ———————————– 86
نكاح الزانية ———————————- 86
انكحة فاسدة ——————————— 86
الخلع ————————————– 87
زواج المسيار ———————————- 96
زوج الهبة ———————————— 96
الزواج العرفى ———————————- 96
الادلة على فساد النكاح بدون ولى ——————— 99
الرد على الامام ابى حنيفة ————————— 101
الدليل الذى اعتمده الامام والرد عليه ——————- 102
اسباب اللجوء الى الزواج العرفى ———————- 105
تعدد الزوجات ——————————— 106
صبغ المراة لشعرها —————————– 110
تفسير : الحمو ——————————— 110
الخلاف بين الزوجين —————————- 111
حق الزوج ———————————- 112
من حقوق الزوج ايضا ————————— 115
النهى عن وضع المراة ثيابها فى غير بيتها ——————- 118
النهى عن صيام المراة وزوجها شاهد ——————– 118
النهى عن انفاق المراة الا باذن زوجها ——————- 119
النهى طلب الطلاق —————————— 120
الصبر على فقر الزوج ————————— 120
النهى عن هجر الفرش ————————— 121
حق الزوجة ———————————- 123
النهى عن الهجر الا فى البيت ———————— 125
مساعدة الرجل زوجته فى شئون البيت ——————– 126
صبر الرجل وحلمه —————————— 126
التحذير عن التلويح بالطلاق ————————- 127
النهى عن اطالة فترة الغياب ————————- 127
وصايا الزوجين ——————————— 128
سلوكيات ———————————– 130
حسن العشرة حديث ام زرع ————————- 130
من صور حسن العشرة ايضا ————————- 139
النهى عن الطرق ليلا —————————- 139
مراعاة غيرة النساء —————————— 140
النهى عن الضرب المبرح ———————— 143
سلوكيات ———————————– 146
ترخيم اسم الزوجة —————————— 146
سلوكيات الزوجة ——————————- 148
تحريم افشاء سر الافضاء ———————— 148
التحذير من كفران العشير ———————— 150
اظهار المراة غضبها —————————- 151
الزوجة لا تحمد زوجها ————————- 152
كيف يستديم محبة زوجته ————————– 153
النهى عن طاعة الزوج فيما يخالف الشرع —————– 156
النساء ناقصات عقل ودين ————————– 157
الزواج فى بيت الاهل ————————— 159
كذب الرجل على زوجته ————————- 160
كذب المراة على زوجها ————————- 160
فتى الاحلام ———————————- 160
الفرق بين الزوج والمراة ————————- 162
الفرق بين البعل والزوج ————————– 167
ابواب الجماع ——————————— 168
احكام الجماع ——————————— 168
فنون الجماع واشكالها ————————– 173
شبه وردود ———————————– 181
احكام الوطء فى الدبر ————————– 212
احكام الوطء فى الحيض ———————— 121
حكم العزل ———————————– 131
اضرار العادة السرية —————————– 134
كيفية العلاج ———————————- 136
كيفية علاج المربوط —————————- 264
- Swrbnatbalmaew
- خطبة تحفة العروس
- طلاقاتلاتةطرب
- 3202سندا
- تحغة العروس/ عثمان المغربي
- زوجالنساء منالحیوانات
- طرب طلاقاتلاتة
- طلاقاتلاتة طرب