ايات التوبة

 

صورة-1

 



ولكل اخت عزيزه تريد اللاحق بركاب لصالحين

ثبتنا الله و اياكن علي الطريق الصحيح

فى القران الكريم نقرا فمقال التوبه ايات عدة، من هذا قولة تعالى:

{ انما التوبه علي الله للذين يعملون السوء بجهاله بعدها يتوبون من قريب }

(النساء:17)

ومنها قولة سبحانه:

{ قل يا عبادى الذين اسرفوا علي انفسهم لا تقنطوا من رحمه الله ان الله يغفر الذنوب جميعا }

(الزمر:53)

ومنها قولة عز من قائل:

{ و هو الذي يقبل التوبه عن عبادة و يعفوا عن السيئات }

(الشورى:25)

وقولة جل علاه:

{ الم يعلموا ان الله هو يقبل التوبه عن عبادة }

(التوبة:104) .

قال اهل العلم: و اتفقت الامه علي ان التوبه فرض علي المؤمنين، لقولة تعالى:

{ و توبوا الي الله جميعا اية المؤمنون لعلكم تفلحون }

(النور:31) .

وامر التوبه فالاسلام امر عظيم، فهى نعمه جليله انعم الله فيها علي عباده، اذ منحهم فرصه لمراجعه الحساب، و تدارك ما فات، و الاوبه الي ما فية نجاتهم من المهلكات .

ففى قولة تعالي :

{ انما التوبه علي الله }

تاكيد و وعد من الله تعالي بقبول التوبه من عباده، الذين اسرفوا علي انفسهم بالذنوب و المعاصي، كبيرها و صغيرها، حتي جعلت كالحق علي الله سبحانه، و لا شيء علية و اجب الا ما اوجبة جل و علا علي نفسة .

ثم ان الجهاله الوارده فالاية

{ يعملون السوء بجهاله }

تطلق علي سوء المعاملة، و علي الاقدام علي العمل دون روية؛ يقال: اتاة بجهالة، بمعني انه فعل فعل الجهال به، لا انه كان جاهلا؛ بدليل انه لو عمل احد معصيه و هو غير عالم بانها معصيه لم يكن اثما، و لا يجب علية الا ان يتعلم هذا و يتجنبة .

وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال:

{ انما التوبه علي الله للذين يعملون السوء بجهاله }

قال: من عمل السوء فهو جاهل، من جهالتة عمل السوء .

ومعني قولة تعالى:

{ من قريب }

ان يبادر المذنب و العاصى الي التوبه بعد فعل المعصية، من غير ان يتمادي فغية و معصيته؛ و هو بمعني قولة صلي الله علية و سلم:

( و اتبع السيئه الحسنه تمحها )

رواة الترمذى .

اما قولة عز شانة فالايه الاتية:

{ و ليست التوبه للذين يعملون السيئات }

(النساء:18)

فهو تنبية منة سبحانة علي نفى قبول نوع من التوبة، و هى التي تكون عند حضور الموت و الياس من الحياة

{ حتي اذا حضر احدهم الموت قال انى تبت الان }

(النساء:18)

اذ المطلوب من العبد حال توبتة ان يقرن العمل بالقول، و لا يكفية فذلك ان يقول ما لا يفعل، او يفعل ما لا يقول؛ فاعلان التوبه ليس مجرد عبارات تقال، و الفاظ تردد فحسب، بل لا بد ان يصدق هذا عمل و فعل، و الا لم تكن توبه نصوحا، فاذا و قع الياس من الحياة ذهبت فوائد التوبة، اذ لم يبق معها مجال للعمل .

وقد و ردت احاديث عده تؤكد ذلك المعني و توضحه، من هذا ما جاء عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما: ان رسول الله صلي الله علية و سلم، قال:

( ان الله تبارك و تعالي يقبل توبه العبد ما لم يغرغر )

رواة احمد و الترمذى .

واذا كانت التوبه فايه النساء الاولى

{ انما التوبه علي الله }

عامه لكل من عمل ذنبا، فان الايه الثانية

{ حتي اذا حضر احدهم الموت قال انى تبت الان }

قد خصصت ذلك العموم حال حضور الموت و عند النزاع، اذ لا تجدى التوبه حينئذ .

علي ان ما ربما يشكل فهذا السياق ما جاء فسوره النساء نفسها، و هو قولة تعالى:

{ ان الله لا يغفر ان يشرك بة و يغفر ما دون هذا لمن يشاء }

(النساء:48)

فظاهر الايه ان الله سبحانة يغفر الذنوب جميعا الا الشرك فانة لا يغفره، و ذلك الاطلاق فالايه مقيد فحال ما ت العبد و هو مشرك بالله، فان مغفره الله لا تنالة من قريب و لا من بعيد، لكن ان تاب العبد من اشراكة قبل موته، فان الله يقبل التوبه من عبادة و يعفو عن السيئات .

قال ابن كثير رحمة الله: اخبر تعالي انه لا يغفر ان يشرك به؛ اي لا يغفر لعبد لقية و هو مشرك به، و يغفر ما دون ذلك، اي من الذنوب لمن يشاء، اي من عباده. و ربما و ردت احاديث متعلقه بهذة الايه الكريمة، من هذا ما رواة الامام احمد عن رسول الله صلي الله علية و سلم، قال:

( ان الله يقول: يا عبدى ما عبدتنى و رجوتني، فانى غافر لك علي ما كان منك، يا عبدى انك ان لقيتنى بقراب الارض خطيئه ما لم تشرك بي، لقيتك بقرابها مغفره )

ولهذا كان الايمان اشرف نوعيات التوبه .

وبعد: فقد اجمع المسلمون كلهم، علي ان التوبه من الكفر، و الاقرار بالايمان، تستوجب المغفره من الله؛ و ان الموت علي الكفر مطلقا لا يغفر بلا شك، و اجمعوا ايضا علي ان المذنب اذا تاب يغفر ذنبه، اذا استجمع شروط التوبه المقبولة؛ اما اذا ما ت المذنب علي ذنبة – غير الشرك بالله – من غير ان يتب، فايه النساء و غيرها من الادلة، تدل علي ان امرة متروك لمشيئه الله سبحانه، ان شاء عفي عنة برحمتة و عفوه، و ان شاء عذبة بعدلة و قسطه، و الله اعلم .

وهذة ايات عظيمه بها بشاره للتائب

اقرايها بتمعن

(الذين يحملون العرش و من حولة يسبحون بحمد ربهم و يؤمنون بة و يستغفرون للذين امنوا ربنا و سعت جميع شيء رحمه و علما فاغفر للذين تابوا و اتبعوا سبيلك و قهم عذاب الجحيم (٧) ربنا و ادخلهم جنات عدن التي و عدتهم و من صلح من ابائهم و ازواجهم و ذرياتهم انك انت العزيز الحكيم (٨) و قهم السيئات و من تق السيئات يومئذ فقد رحمتة و هذا هو الفوز العظيم (٩))

سوره غافر من الايه 7-9

وهذا تفسير الايات

يخبر تعالي عن كمال لطفة تعالي بعبادة المؤمنين، و ما قيض لاسباب سعادتهم من الاسباب الخارجه عن قدرهم، من استغفار الملائكه المقربين لهم، و دعائهم لهم بما فية صلاح دينهم و اخرتهم، و فضمن هذا الاخبار عن شرف حمله العرش و من حوله، و قربهم من ربهم، و كثره عبادتهم و نصحهم لعباد الله، لعلمهم ان الله يحب هذا منهم فقال:

{ الذين يحملون العرش } اي: عرش الرحمن، الذي هو سقف المخلوقات و اعظمها و اوسعها و احسنها، و اقربها من الله تعالى، الذي و سع الارض و السماوات و الكرسي، و هؤلاء الملائكة، ربما و كلهم الله تعالي بحمل عرشة العظيم، فلا شك انهم من اكبر الملائكه و اعظمهم و اقواهم، و اختيار الله لهم لحمل عرشه، و تقديمهم فالذكر، و قربهم منه، يدل علي انهم اروع اجناس الملائكه عليهم السلام

قال تعالى: { و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانيه }

{ و من حولة } من الملائكه المقربين فالمنزله و الفضيلة

{ يسبحون بحمد ربهم } ذلك مدح لهم بكثره عبادتهم للة تعالى، و خصوصا التسبيح و التحميد، و سائر العبادات تدخل فتسبيح الله و تحميده، لانها تنزية له عن كون العبد يصرفها لغيره، و حمد له تعالى، بل الحمد هو العباده للة تعالى، و اما قول العبد: “سبحان الله و بحمده” فهو داخل فذلك و هو من جمله العبادات.

{ و يستغفرون للذين امنوا } و ذلك من جمله فائدة الايمان و فضائلة الكثيره جدا، ان الملائكه الذين لا ذنوب عليهم يستغفرون لاهل الايمان، فالمؤمن بايمانة تسبب لهذا الفضل العظيم.

ثم و لما كانت المغفره لها لوازم لا تتم الا فيها -غير ما يتبادر الي كثير من الاذهان، ان سؤالها و طلبها غايتة مجرد مغفره الذنوب- ذكر تعالي صفه دعائهم لهم بالمغفرة، بذكر ما لا تتم الا به، فقال:

{ ربنا و سعت جميع شيء رحمه و علما } فعلمك ربما احاط بكل شيء، لا يخفي عليك خافية، و لا يعزب عن علمك مثقال ذره فالارض و لا فالسماء، و لا اصغر من هذا و لا اكبر، و رحمتك و سعت جميع شيء، فالكون علوية و سفلية ربما امتلا برحمه الله تعالي و وسعتهم، و وصل الي ما و صل الية خلقه.

{ فاغفر للذين تابوا } من الشرك و المعاصي

{ و اتبعوا سبيلك } باتباع رسلك، بتوحيدك و طاعتك.

{ و قهم عذاب الجحيم } اي: قهم العذاب نفسه، و قهم سبب العذاب.

{ ربنا و ادخلهم جنات عدن التي و عدتهم } علي السنه رسلك { و من صلح } اي: صلح بالايمان و العمل الصالح

{ من ابائهم و ازواجهم } زوجاتهم و ازواجهن و اصحابهم و رفقائهم

{ و ذرياتهم } { انك انت العزيز } القاهر لكل شيء، فبعزتك تغفر ذنوبهم، و تكشف عنهم المحذور، و توصلهم فيها الي جميع خير

{ الحكيم } الذي يضع الحاجات مواضعها، فلا نسالك يا ربنا امرا تقتضى حكمتك خلافه، بل من حكمتك التي اخبرت فيها علي السنه رسلك، و اقتضاها فضلك، المغفره للمؤمنين.

{ و قهم السيئات } اي: الاعمال السيئه و جزاءها، لانها تسوء صاحبها. { و من تق السيئات يومئذ } اي: يوم القيامة

{ فقد رحمتة } لان رحمتك لم تزل مستمره علي العباد، لا يمنعها الا ذنوب العباد و سيئاتهم، فمن و قيتة السيئات و فقتة للحسنات و جزائها الحسن.

{ و هذا } اي: زوال المحذور بوقايه السيئات، و حصول المحبوب بحصول الرحمة

{ هو الفوز العظيم } الذي لا فوز مثله، و لا يتنافس المتنافسون باقوى منه.

وقد تضمن ذلك الدعاء من الملائكه كمال معرفتهم بربهم، و التوسل الي الله باسمائة الحسنى، التي يحب من عبادة التوسل فيها اليه، و الدعاء بما يناسب ما دعوا الله فيه، فلما كان دعاؤهم بحصول الرحمة، و ازاله اثر ما اقتضتة النفوس البشريه التي علم الله نقصها و اقتضاءها لما اقتضتة من المعاصي، و نحو هذا من المبادئ و الاسباب التي ربما احاط الله فيها علما توسلوا بالرحيم العليم.

وتضمن كمال ادبهم مع الله تعالي باقرارهم بربوبيتة لهم الربوبيه العامه و الخاصة، و انه ليس لهم من الامر شيء و انما دعاؤهم لربهم صدر من فقير بالذات من كل الوجوه، لا يدلى علي ربة بحاله من الاحوال، ان هو الا فضل الله و كرمة و احسانه.

وتضمن موافقتهم لربهم تمام الموافقة، بمحبه ما يحبة من الاعمال التي هى العبادات التي قاموا بها، و اجتهدوا اجتهاد المحبين، و من العمال الذين هم المؤمنون الذين يحبهم الله تعالي من بين خلقه، فسائر الخلق المكلفين يبغضهم الله الا المؤمنين منهم، فمن محبه الملائكه لهم دعوا الله، و اجتهدوا فصلاح احوالهم، لان الدعاء للشخص من ادل الدلائل علي محبته، لانة لا يدعو الا لمن يحبه.

وتضمن ما شرحة الله و فصلة من دعائهم بعد قوله:

{ و يستغفرون للذين امنوا } التنبية اللطيف علي طريقة تدبر كتابه، و ان لا يصبح المتدبر مقتصرا علي مجرد معني اللفظ بمفرده، بل ينبغى له ان يتدبر معني اللفظ، فاذا فهمة فهما صحيحا علي و جهه، نظر بعقلة الي هذا الامر و الطرق الموصله الية و ما لا يتم الا بة و ما يتوقف عليه، و جزم بان الله اراده، كما يجزم انه اراد المعني الخاص، الدال علية اللفظ.

والذى يوجب له الجزم بان الله ارادة امران:

احدهما: معرفتة و جزمة بانة من توابع المعني و المتوقف عليه.

والثاني: علمة بان الله بكل شيء عليم، و ان الله امر عبادة بالتدبر و التفكر فكتابه.

وقد علم تعالي ما يلزم من تلك المعاني. و هو المخبر بان كتابة هدي و نور و تبيان لكل شيء، و انه افصح الكلام و اجلة ايضاحا، فبذلك يحصل للعبد من العلم العظيم و الخير الكثير، بحسب ما و فقة الله له و ربما كان فتفسيرنا هذا، كثير من ذلك من بة الله علينا.

وقد يخفي فبعض الايات ما خذة علي غير المتامل صحيح الفكرة، و نسالة تعالي ان يفتح علينا من خزائن رحمتة ما يصبح سببا لصلاح احوالنا و احوال المسلمين، فليس لنا الا التعلق بكرمه، و التوسل باحسانه، الذي لا نزال نتقلب فية فكل الانات، و فجميع اللحظات، و نسالة من فضله، ان يقينا شر انفسنا المانع و المعوق لوصول رحمته، انه الكريم الوهاب، الذي تفضل بالاسباب و مسبباتها.

وتضمن ذلك، ان المقارن من زوج و ولد و صاحب، يسعد بقرينه، و يصبح اتصالة بة سببا لخير يحصل له، خارج عن عملة و اسباب عملة كما كانت الملائكه تدعو للمؤمنين و لمن صلح من ابائهم و ازواجهم و ذرياتهم، و ربما يقال: انه لا بد من و جود صلاحهم لقوله:

{ و من صلح } فحينئذ يصبح هذا من نتيجه عملهم و الله اعلم.

 

  • صور التوبة لله
  • صور قرآنيه تدل علي توبه العبد


ايات التوبة