ان في الجسد مضغة

 

صورة-1

 



” الا ان فالجسد مضغه اذا صلحت صلح الجسد كلة و اذا فسدت فسد الجسد كله, الا و هى القلب ” (البخاري).


رواة البخارى فصحيحة كتاب الايمان حديث رقم 50 :


حدثنا ابو نعيم حدثنا زكرياء عن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلي الله علية و سلم يقول: ” الحلال بين، و الحرام بين، و بينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس . فمن اتقي المشبهات استبرا لدينة و عرضه، و من و قع فالشبهات كراع يرعي حول الحمي يوشك ان يواقعه. الا و ان لكل ملك حمى، الا ان حمي الله فارضة محارمه. الا و ان فالجسد مضغه اذا صلحت صلح الجسد كله، و اذا فسدت فسد الجسد كله، الا و هي القلب “.


رواة الدارمى فسننة فكتاب البيوع حديث رقم 2419:


اخبرنا ابو نعيم حدثنا زكريا عن الشعبى قال سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلي الله علية و سلم يقول: ” الحلال بين و الحرام بين، و بينهما متشابهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقي الشبهات استبرا لعرضة و دينه، و من و قع فالشبهات و قع فالحرام كالراعى يرعي حول الحمي فيوشك ان يواقعه، و ان لكل ملك حمي الا و ان حمي الله محارمه، الا و ان فالجسد مضغه اذا صلحت صلح الجسد كله، و اذا فسدت فسد الجسد كلة الا و هى القلب “.


فهذا الحديث الشريف لمحه من لمحات الاعجاز العلمي؛ اذ ان اي مرض يصيب القلب فيفسدة يؤثر علي سائر الجسد فيفسد؛ و هذا لان القلب يقوم بضخ الدم غير النقى غير المؤكسد من البطين الايمن الي الرئتين حيث ينقي باكسدته, و يعود الدم المؤكسد النقى من الرئتين الي البطين الايسر الذي يضخة الي جميع اجزاء الجسم, فيمد تريليونات الخلايا المكونه لجسم الانسان بغاز الاوكسجين و الغذاء, و اذا اضطربت هذة الوظيفه او اختلت و فسدت و صل ذلك الفساد الي سائر خلايا الجسد.


و يعجب القارئ لحديث رسول الله الذي يصف هذة الحقيقه بدقه فائقه فيقول صلي الله علية و سلم : ” الا ان فالجسد مضغة, اذا صلحت صلح الجسد كله, و اذا فسدت فسد الجسد كله, الا و هى القلب “. و هى حقيقه طبيه لم يدركها علم الانسان المكتسب حتي قام ابن النفيس باكتشاف الدوره الدمويه الصغري فالقرن الهجرى السابع (الثالث عشر الميلادي), و ظلت فكرتة مطموره منسيه لاكثر من ثلاثه قرون حين حاول بعض الغربيين نسبتها لانفسهم فاحيوها, و طوروها, و اضافوا اليها, و اصبح من الثابت علميا ان القلب اذا صلح استقامت الدوره الدمويه و صلح الجسد كله, و اذا فسد القلب فسد الجسد كله, يفيد بكل ذلك الحديث الشريف.


و هنا نتساءل: من علم ذلك النبى الامى هذا غير الله الخالق ؟، و من كان يستطيع فالجزيره العربيه ان يلم بالدوره الدمويه فجسم الانسان و دور القلب بها قبل اربعه عشر قرنا من الزمان لو لم يكن مصدر هذا و حى السماء؟، و ما الذي كان يضطر سيدنا محمدا صلي الله علية و سلم الي الخوض فمثل هذة الامور الغيبيه فزمانة لو لم يكن و اثقا من صحه المعلومه الموحي فيها اليه, و واثقا من مصدرها؟.


ذلك بالنسبه للقلب العضوي, تلك العضله الكمثريه الشكل الموجوده فالقفص الصدرى و التي لا يزيد حجمها عن حجم قبضه اليد, و لا يزيد و زنها فالفرد البالغ عن ثلث كيلو جرام, و تقوم بحوالى سبعين نبضه فالدقيقه اي حوالى ما ئه الف نبضه فاليوم الواحد لتضخ خمسه لترات من الدم فكل دقيقه 7200 لترا فاليوم الواحد عبر شبكه معقده من الشرايين و الاورده و الشعيرات الدمويه يبلغ طولها الاف الكيلو مترات لتوصل الدم المؤكسد الي جميع خليه حيه فالجسم, و تنزع منها الدم غير المؤكسد.


و معروف لنا اليوم انه طالما كان القلب صالحا استقامت الدوره الدموية, و نالت جميع خليه حيه فالجسم حظها من الدم الذي يحمل لها الغذاء و الاوكسجين, و بة يتم احتراق المواد الغذائيه و انطلاق الطاقة, و اذا فسد القلب اختلت الدوره الدموية, و اختل و صول الغذاء و الاوكسجين الي خلايا الجسم فيفسد.


و لكن للقلب فكتاب الله و فسنه رسولة صلي الله علية و سلم و فمفاهيم كثير من الناس مدلول غير تلك الكتله من اللحم الرابضه فالقفص الصدرى تضخ الدم الي كافه خلايا الجسم, و هو مدلول يتعلق بالعواطف و المفاهيم, و الافكار و العقائد و الفهم، و ركائز الاخلاق و ضوابط السلوك, و هى قضايا ليس مقرها القلب العضلى و ان ارتبطت بة بصوره لم يدركها الانسان بعد, و يراة المفكرون من امثال الامام الغزالى فكيان معنوي, او لطيفه ربانيه روحانيه لها بهذا القلب العضوى تعلق لا تدرك كنهه, و يري الغزالى ان ذلك القلب المعنوى هو حقيقه الانسان, و هو الكيان المدرك العالم العارف من الانسان,وهو المخاطب و المعاقب, و المعاتب, و المطالب …, و القلب المعنوى او اللطيفه الربانيه مرتبطه بمعني الروح و هو سر مغلق.


و بهذا المعني كذلك نري لمحه اعجازيه فحديث رسول الله صلي الله علية و سلم الذي نحن بصدده, فاذا صلح مركز العواطف و المفاهيم و الافكار و العقائد و ركائز الاخلاق و ضوابط السلوك, اذا صلحت حقيقه الانسان المدرك العالم العارف, صلح امرة كله, و اذا فسدت فسد امرة كله.


و هنا تتضح لمحه من لمحات الاعجاز فهذا الحديث النبوى الشريف اذا اخذ علي جانبة المادى العضوى الملموس و اذا اخذ علي جانبة المعنوى الروحانى الغيبى فاننا نجدة صحيحا دقيقا شاملا؛ فالقلب بمدلولة المادى هو قوام حياة الجسد، اذا صلح صلح الجسد كله, و اذا فسد فسد الجسد كله, و القلب بمدلولة المعنوى قوام العواطف و العقائد, و المفاهيم و الافكار, و ركائز الاخلاق و ضوابط السلوك، فاذا صلح صلحت جميع هذة الزوايا, و بصلاحها ينصلح الجسد كله.

  • ان في الجسد مضغة


ان في الجسد مضغة