يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (ان من امارات الساعة ان يظهر موت الفجاة)،
[رواه الطبراني]. في هذا الحديث تتجلى معجزة علمية سوف نثبتها بحقائق طبية لا تقبل الجدل،
وهذه المعجزة تشهد للنبي الاعظم عليه الصلاة والسلام انه رسول من عند الله لا ينطق
عن الهوى، بل كل كلمة نطق بها هي وحي من الله تعالى.
تطالعنا هيئة الامم المتحدة كل عام باحصائية جديدة عن عدد الذين يموتون بنتيجة السكتات الدماغية
والقلبية، وهذه الاعداد في تزايد مستمر، وتقول لنا هذه الاحصائيات: ان امراض القلب هي السبب
الاول لحالات الوفاة في العالم هذه الايام.
وسوف نرى من خلال هذه البحث انه لا يمكن لاحد زمن النبي الكريم عليه الصلاة
والسلام ان يتصور بانه سياتي زمن يظهر ويكثر فيه الموت المفاجئ، الا اذا كان متصلا
بوحي الهي يعلمه هذه العلوم.
اول من درس هذه الظاهرة علميا
ان ظاهرة الموت المفاجئ هي ظاهرة حديثة الظهور نسبيا، وتعتبر اول دراسة للموت المفاجئ هي
دراسة فرامنغهام Framingham Heart Studyوالتي بدات عام 1948 ، ان نصف الذين شاركوا في هذه
الدراسة قد ماتوا الان، وقد تم دراسة حالات موتهم بدقة كبيرة، ويعرف فرامنغهام الموت المفاجئ
انه الموت الذي يتم في مدة اقصاها ساعة بعد بدء الاعراض. وقد تبين بان معظم
حالات الموت المفاجئ هي نتيجة امراض الشريان التاجي للقلب، ويسمى هذا النوع من انواع الموت
Sudden Cardiac Death واختصارا SCD. وبينت دراسته ان الرجال في عمر 45-75 عاما والذين ماتوا
بسبب امراض القلب قد مات 60 بالمئة منهم موتا مفاجئا دون سابق انذار!! .
كما بينت الدراسة ان سبب الموت القلبي المفاجئ هو الاضطراب المفاجئ والذي قد يتولد بنتيجة
عدم الاستقرار النفسي. وانه مهما كانت العناية مشددة ولو تم اسعاف المريض بكل الوسائل، الا
ان هذا النوع من الموت يتمكن من النجاح في مهمته! .
ما هو الموت المفاجئ؟
لقد قال القدماء: تعددت الاسباب والموت واحد، ونستطيع ان نفهم من هذه المقولة الاعتقاد السائد
في الماضي حول الموت، وهو ان الموت له سبب، مثل المرض او الحادث او الانتحار
وغير ذلك. ولكن ان نتحدث عن موت بلا سبب فهذا هو الموت المفاجئ والذي لم
يكن معروفا من قبل.
ومع تطور وسائل الطب الحديث واجهزته استطاع الانسان اكتشاف اسباب الموت، ومنها السرطان مثلا او
الامراض الوبائية او المعدية وهذه الامراض تحدث وتكون مؤشرا لاقتراب الموت، ولكن السبب الاهم للموت
في هذا العصر هو الجلطة القلبية المفاجئة والتي تاتي من دون انذار.
يعرف العلماء الموت المفاجئ على انه موت غير متوقع يحدث خلال فترة قصيرة لا تتجاوز
الساعة من الزمن، وقد تبين ان نصف المصابين بامراض في القلب سوف يموتون موتا مفاجئا!
ان معظم حالات الموت المفاجئ تكون بسبب اضطرابات في الشريان التاجي للقلب.
ان الموت المفاجئ يهاجم الانسان المريض حتى وهو في المشفى، فقد دلت الدراسات ان 10
بالمئة يموتون بشكل مفاجئ داخل المشفى، و90 بالمئة خارج المشفى.
احصائياتان السبب الاول للوفاة في الولايات المتحدة الامريكية هو امراض القلب اي الجلطة القلبية، وتبلغ
النسبة 28 بالمئة من حالات الوفاة. وتؤكد التقارير الاحصائية الدقيقة انه قد مات في عام
2001 بحدود 700 الف انسان بسبب امراض القلب وذلك في امريكا فقط!.
ولكن ما هي اعداد الذين يموتون كل عام بسبب هذا النوع من انواع الموت المفاجئ؟
في الولايات المتحدة يموت كل عام اكثر من 300 الف انسان موتا مفاجئا بسبب امراض
في القلب. وتؤكد الاحصائيات ان نسبة الموت القلبي المفاجئ تزداد بشكل عام على مستوى العالم.
وان الرجال من الممكن ان يتعرضوا للموت المفاجئ اكثر من النساء بثلاثة اضعاف.
يحدث الموت المفاجئ دون سابق انذار وحتى احيانا دون اية علامات عن مرض في القلب.
وعلى الرغم من ملايين الدولارات التي تصرف على ابحاث امراض القلب في الولايات المتحدة الامريكية،
وعلى الرغم من انهم استطاعوا تخفيض الوفيات الناتجة عن امراض القلب التي تسبب الموت غير
المفاجئ، الا ان نسبة الموت المفاجئ بقيت ثابتة! .
التدخين والضغوط النفسية
ان التدخين يرفع احتمال الموت المفاجئ ثلاثة اضعاف! حيث ان التدخين هو المسؤول عن ربع
امراض القلب التاجية CADفي العالم، وهذه الامراض معظمها ينتهي بالموت المفاجئ.
الضغوط النفسية تؤثر في زيادة احتمال الموت القلبي المفاجئ، وكذلك المرحلة العمرية، فقد بينت الدراسات
ان المرحلة الاكثر تعرضا للموت المفاجئ هي الاربعينات والخمسينات من عمر الانسان. وهذه الفترة هي
التي يكون الانسان فيها في اشده اي يكتمل عقله. كما ان المصابين بمرض السكر لديهم
احتمال كبير للموت القلبي المفاجئ .
هل يوجد علاج طبي لهذه الظاهرة؟
ان معظم الاطباء يتحدثون عن العلاج بعد وقوع السكتة، لانه ليس لديهم علاج حتى الان
لمثل هذه السكتات الخطيرة، وعلى الرغم من ذلك فان احتمالات النجاة من هذا الموت هي
ضئيلة جدا. ويؤكد الاطباء بان الطريقة المثالية لاتقاء هذا النوع من الموت المفاجئ هو ضمان
اكبر درجة من الاستقرار لعمل القلب .
ان العلاج المتوفر حاليا هو ان يكون المريض تحت العناية التامة ومن ثم اجراء جراحة
سريعة له، وحتى هذه الطرق لا تعطي نتائج الا في حالات قليلة. وينصح الاطباء بتقليل
كمية السكر والكولسترول في طعام هؤلاء المرضى، وحتى هذه لا تفيد في مثل هذه الحالة.
ولكن ما هو العلاج بالنسبة لاولئك الذين لا يعلمون بحالتهم ولا يتوقع احد ان الموت
المفاجئ سياتيهم في اي وقت دون سابق انذار؟ ان هؤلاء قد فشل الطب حتى الان
في التنبؤ بحالتهم، ولكن هل تركهم النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم ام وصف لهم
العلاج؟؟
ما هو العلاج النبوي والقراني
لقد ذكر الله القلب في الكثير من ايات القران الكريم. فالقلوب تمرض وتقسو، والقلوب تعمى
وتخاف وتطمئن، والقلوب تزيغ وتتنجس، والقلوب تفقه وتعقل. اذن القلب ليس مجرد مضخة بل هو
جهاز متكامل يتحكم في الاستقرار النفسي عند الانسان.
ان ذكر الله تعالى هو افضل وسيلة لاطمئنان القلوب، لان الله تعالى يقول: (الذين امنوا
وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب)[الرعد: 28]. فعندما يذكر المؤمن ربه فان
قلبه يستقر ولا يعاني من اي اضطراب، ويمكنك عزيزي القارئ ان تغمض عينيك وتجعل قلبك
يخشع ويستحضر عظمة الله تعالى وتقول مثلا(لا اله الا الله) وانظر ما هو الاحساس الذي
تحس به، الا تشعر بانك من اكثر الناس استقرارا وامنا وطمانينة!
لقد راينا بان سبب الموت المفاجئ هو اضطراب مفاجئ في نظام عمل القلب، ولذلك فقد
فشل الاطباء حتى الان بايجاد علاج لهذه الظاهرة، ولكن القران عالجها بهذه الاية الكريمة، فتخيل
نفسك عزيزي القارئ وانت قد حفظت كتاب الله في قلبك، الا تتوقع انك ستكون من
اكثر الناس استقرارا!
لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء عظيما كان يدعو به كل يوم،
ونحن نتاسى بهذا النبي الرحيم ونتعلم هذا الدعاء لندعو به ايضا. يقول عليه الصلاة والسلام:
(ما من عبد يقول صبح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر
مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يصبه فجاة بلاء)
[رواه ابو داوود].
وقد كان النبي الكريم يدعو بهذا الدعاء ايضا: (اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي
وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، واعوذ بك ان اغتال من تحتي) [رواه الترمذي].
الاعجاز النبوي الشريفيمكن ان نلخص وجه الاعجاز في هذا الحديث الشريف بالنقاط الاتية:
1- لا يمكن لاحد ان يتنبا بان الموت المفاجئ سيكثر لانه لم يتمكن احد من
معرفة هذا الامر الا منذ سنوات قليلة عندما تمكن العلماء من اجراء احصائيات دقيقة وكانت
المفاجاة ان الارقام التي حصلوا عليها لم تكن متوقعة، فقد كانت نسبة الذين يموتون موتا
مفاجئا مرتفعة جدا.
2- يقول العلماء اليوم: ان ظاهرة الموت المفاجئ لم يتم تمييزها ودراستها الا منذ خمسين
سنة فقط! ولم يتم دراستها طبيا الا منذ عشرين سنة، ويعكف العلماء اليوم على ايجاد
وسائل لمنع هذا الموت المفاجئ [4]وذلك بسبب ادراكهم لحجم المشكلة، ولكن دون فوائد تذكر. وهذا
يعني ان هذه الظاهرة في تزايد مستمر، وان العلماء بداوا يتبينون اسباب هذا الموت ويدرسونه
وهذا تصديق لقول النبي الكريم (ان من امارات الساعة ان يظهر موت الفجاة)، فمن معاني
كلمة (يظهر) اي (يتبين) كما في القاموس المحيط. وكما راينا فقد بدا يتبين هذا الموت
منذ عشرين عاما.
3- قد يدعي بعض المشككين بان الموت المفاجئ معروف منذ زمن بعيد، ولذلك نقول: ان
الموت المفاجئ لم يكن معروفا زمن النبي عليه الصلاة والسلام، لاننا لا نجد في اقوال
الشعراء والادباء وقتها ما يشير الى هذا النوع من انواع الموت، والدليل على ذلك ان
النبي الكريم عد الموت المفاجئ من علامات الساعة، ولو كان هذا الموت معروفا زمن النبي
لاعترض المشركون على هذا الحديث!
فكما نعلم فان الكفار لم يتركوا شيئا الا وانتقدوه، ولو كانت ظاهرة الموت المفاجئ منتشرة
وقتها، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم واعتبر ان هذا الموت سيظهر في اخر الزمان
عند اقتراب يوم القيامة، لو حدث هذا لاستغرب الناس من هذا الحديث، اذ كيف يحدثهم
عن شيء موجود!! ولذلك يمكن اعتبار هذا الحديث معجزة طبية للرسول الاعظم عليه الصلاة والسلام،
تحدث من خلاله عن ظاهرة لم يكتشفها علماء الغرب الا منذ عقود قليلة.
واخيراونختم هذا البحث بدعاء نبوي كريم ينبغي على كل واحد منا ان يتعلمه ولا ينساه
ابدا: (اللهم انت ربي لا اله الا انت، خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك
ما استطعت، اعوذ بك من شر ما صنعت، ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر
لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت). فمن قال هذا الدعاء حين يمسي ثم مات
دخل الجنة، ومن قاله حين يصبح ثم مات دخل الجنة [رواه البخاري]. اخي القارئ: هل
تقتنع معي بالعلاج النبوي وتحفظ هذا الدعاء ولا تنساه ابدا؟
- اللهم اعوذ بك من موت الغفله
- اللهم اني اعوذ بك من موت الغفله
- موت الغفلة