الاسلام شانه مثل معظم الاديان، يحرم الكذب. يقول القران فى سورة غافر 28:40 “ان الله
لا يهدى من هو مسرف كذاب”. ويقول نبى الاسلام فى الحديث “كن صادقا فالصدق يؤدى
الى الصلاح والصلاح يؤدى الى الجنة. احذر الكذب فالكذب يؤدى الى الضلال والضلال يؤدى الى
النار”.
ولكن اختلافا عن معظم الاديان، هناك حالات خاصة، لا يبيح الاسلام فيها الكذب فقط بل
ايضا يشجعه. جاء فى كتاب “روح الاسلام” الذى كتبه الداعية الاسلامى “عفيف طبارة” ليدعو الناس
فيه الى الاسلام، صفحة 247 ما يلى: “ليس الكذب دائما سيئا. فمن المؤكد ان هناك
حالات يكون فيها الكذب اكثر فائدة من الصدق للصالح العام ولفض النزاع بين الناس. وفى
هذا الصدد يقول النبى: لا يضل من يصلح بين الناس (بالكذب)، ومن يؤيد الصلاح ويقول
ما هو صالح”.
وقبل ان نسترسل فى بحثنا عن هذه الازدواجية فى الاسلام، سنتعرض اولا لبعض الامثلة من
التاريخ الاسلامى الحديث والقديم. هذه الامثلة توضح لنا ان الكذب هو سياسة شائعة بين شيوخ
الاسلام وقادته السياسيين.
فى يونيه سنة 1967 هزمت اسرائيل مصر فيما اطلق عليه “النكسة” او “حرب الايام الستة”،
ومعها فقدت مصر شبه جزيرة سيناء. منذ ذلك الوقت اصبح هدف مصر الاول هو استعادة
هذه الارض. وقد تبنى الرئيس عبدالناصر ومن بعده الرئيس السادات الشعار “لا صوت يعلو فوق
صوت المعركة”. ونتيجة لمتطلبات الاعداد للمعركة فان المجندين الذين استدعوا فى سنة 1967 قد ظلوا
فى الخدمة عدة سنوات انتظارا للمعركة التى كان من المتوقع ان تبدا فى اى يوم.
ومع ذلك مرت عدة سنوات واصبح المصريون غير متقبلين لحالة “اللاحرب واللاسلام” التى طال مداها.
وفى سنة 1972 اعلن الرئيس السادات انه قد قرر اخيرا ان يقوم بمعركته المرتقبة. وخلال
العام كان يقول “اقسم بشرفى انه لن يمر هذا العام (1972) الا ونقوم بالمعركة”. وقد
صدقه الناس لانه اقسم بشرفه. ولكن مر عام 1972 دون ان يطلق السادات طلقة واحدة.
ونتيجة لذلك بدا الناس يعتقدون ان كلام السادات كان هو مجرد “تهويش” . وزاد من
اعتقاد الناس هذا انه فى العام التالى (1973) لم يعد السادات يذكر شيئا عن المعركة
، بل قام بتسريح الكثير من المجندين واعطى تصريحات اجازة لكثير من الضباط. ثم بعد
ذلك، وبدون انذار، فى اكتوبر سنة 1973، بدا السادات هجومه، فيما اطلق عليه “حرب العبور”
او “حرب يوم كيبور”.
من الطييعى ان السادات كقائد حربى يستخدم كل وسيلة فى جعبته ليفاجئ العدو. ولكن السادات
كمسلم متمسك بدينه لابد انه كان يعلم ان الحنث فى اليمين فى تلك الظروف مباح
شرعا طبقا للتاريخ الاسلامى وتعاليم الاسلام.
هذا الامر يؤيده الكثير من القصص فى حياة محمد. فهو كثيرا ما كذب وما حث
اتباعه على الكذب. وكان دائما ينادى انه فى سبيل الاسلام يباح للمسلم عدم مراعاة الصدق.
من هذه الامثلة قصة قتل كعب ابن الاشرف من قبيلة بنى النضير اليهودية. وصلت التقارير
الى محمد ان كعب كان يؤيد القرشيين فى معركتهم ضد محمد. بالاضافة الى ذلك نما
الى علم محمد ان كعب كان يتلو شعرا يغازل فيه نساء المسلمين. وفى راى محمد
كان كعب قد “اذى الله والرسول”. فطلب محمد متطوعين ليخلصوه من ابن الاشرف. وكان كعب
وقبيلته اقوياء فى ذلك الوقت ولم يكن من السهل لغريب ان يتسلل وينفذ هذه العملية.
ولكن رجلا يدعى محمد ابن مسلمة تطوع بان يقوم بهذه المهمة على شرط ان يسمح
له محمد بالكذب. وبناء عليه ذهب ابن مسلمة الى كعب وجعل يذكر له قصصا يذم
فيها محمد. وبعد ان كسب ثقة كعب استدرجه بعيدا عن بيته ليلا الى مكان ناء
حيث قتله فى جنح الظلام.
وهناك مثال اخر مشابه فى قصة مقتل شعبان بن خالد الهذلى. وكانت قد وصلت الاخبار
الى محمد ان شعبان يعد جيشا لمحاربة المسلمين. فامر محمد رجلا اسمه عبدالله بن انيس
بقتله. ومرة اخرى طلب القاتل من النبى ان يسمح له بالكذب. فسمح له، ثم قال
له ان يقول انه من خزاعة (وهذه كذبة اخرى). وعندما راى شعبان عبدالله قادما ساله:
“ممن الرجل؟” فرد عبدالله “من خزاعة”. واستمر عبدالله يقول له “سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لاكون
معك” واستمر عبدالله فى السير مع شعبان يقول له ذما فى محمد “عجبا لما احدث
محمد من هذا الدين (الاسلامى) المحدث، سب الاباء، وسفه احلامهم”. واستمر فى الحديث والمشى الى
ان وصلا الى خيمة شعبان. ومضى رفاق شعبان الى خيامهم، وبعد ذلك دعى شعبان عبدالله
الى داخل الخيمة ليستريح. وجلس عبدالله فى الخيمة الى ان احس ان الجميع قد هداوا
وناموا فانقض على شعبان وقتله واخذ راسه الى محمد. فلما وصل عبدالله الى المدينة وراه
محمد من بعيد، صاح محمد فرحا “افلح الوجه”. فرد عبدالله التحية بقوله “افلح وجهك يا
رسول الله
- الكذب في الإسلام