القرامطة نسبة للدولة القرمطية التي انشقت عن الدولة الفاطمية وقامت اثر ثورة اجتماعية واخذت طابعا
دينيا، يعدها بعض الباحثين من اوائل الثورات الاشتراكية في العالم.
القرامطة من الناحية التاريخية
بعد وفاة الامام جعفر الصادق الامام السادس للشيعة حدث انشقاق في الصف الشيعي فهناك من
اعتبر اسماعيل بن جعفر هو الامام وعرفوا فيما بعد بالاسماعيلية وهناك من اعتبر موسى بن
جعفر الامام السابع وهم يمثلون الاغلبية الساحقة للشيعة اليوم ويسمون بالاثنا عشرية لتمييزهم عن الاسماعيلية.
بايع الاسماعيليون محمد بن اسماعيل اماما لهم ونتيجة لملاحقة الدولة العباسية له اضطر للخروج من
الحجاز واختفى لتبدا حملة سرية وواسعة لنشر العقيدة الاسماعيلية وكانت الدعوة تجري باسم محمد بن
اسماعيل الغائب والذي قيل انه هو المهدي المنتظر وعند عودته سوف تملا الارض عدلا.
في عام 873 م وحين كانت الدولة العباسية قد بدات بالتفكك والضعف ظهرت اعداد كبيرة
من الدعاة في اليمن والعراق وشرقي شبه الجزيرة العربية ، واجزاء من بلاد فارس ينشرون
المذهب الاسماعيلي مما اثار غضب الدولة العباسية وحسد الشيعة الاثنا العشرية لهذا الانتشار المفاجئ[1].
وكانت الدعوة الاسماعيلة في العراق تقاد من قبل حمدان قرمط الذي تمكن من تحقيق نجاح
كبير واجتذاب الكثير للدعوة الاسماعيلية في العراق.وقد بعث حمدان بابي سعيد الجنابي الى البحرين لنشر
الدعوة هناك لتنتشر هناك بشكل كبير.كما نتشرت الدعوة في اليمن والمغرب ووسط وشمال فارس. لقد
مثلت الاسماعيلية في الفترة من منتصف القرن التاسع حتى عام 899 م حركة موحده تدعو
الى محمد بن اسماعيل على انه امام غائب سيعود وكانت القيادة المركزية للدعوة تقيم في
سلمية /سورية وكانت هوية القادة المركزيين سرية.
في عام 899م اعلن عبيد الله المهدي -الخليفة الفاطمي فيما بعد- بانه امام وانه يتناسل
من سلاله محمد بن اسماعيل والذي لم يكن المهدي المنتظر وانما اشاع الاسماعيليين ذلك خشية
النيل من ابناءه وسلالته التي استمرت وهم (الوافي احمد بن محمد بن اسماعيل ثم التقي
محمد بن احمد المستور ثم الزكي عبد الله بن محمد) والذي لم يعلنوا انفسهم كائمة
بشكل علني خشية بطش الدولة العباسية. وبالتالي اعلن عبيد الله المهدي انه الامام الحادي عشر
للمسلمين وامر جميع الدعاة في مختلف الامصار باعلان ذلك ونشر الدعوة باسمه الخاص بدلا من
مهدية محمد بن اسماعيل[2].
الا ان الاسماعيلية في العراق والبحرين وخرسان رفضوا الاعتراف بامامة عبيد الله وكان على راسهم
حمدان قرمط وواصلوا تمسكهم بايمانهم الاصلي بشان مهدية محمد بن اسماعيل ليقيموا سنة 899 م
دولة في البحرين ويعلنوا عن قطع علاقتهم بعبيد الله فعرفوا فيما بعد بالقرامطة[3].
علاقة القرامطة بالخلافة الفاطمية في مصر
بدات العلاقة بين القرامطة والفاطميين بهجرة بعض القبائل العربية التي اتبعت دعوة القرامطة الى مصر،
بدا الفاطميون بمحاربة القرامطة وذلك مذكور في رسائل الحكمة عند الموحدين الدروز، التي تتضمن الرسالة
التي بعثها الحاكم بامر الله الفاطمي للقرامطة. بعد ان انتزع القرامطة الحجر الاسود من الكعبة.
وارسل الخليفة الفاطمي المهدي العلوي رسالة تهديد الى ابو طاهر القرمطى يامره برد الحجر الاسود
الى الكعبة وكتب عبيدالله المهدي في رسالته الى ابوطاهر القرمطي يحذره انه ان لم يرد
اموال اهل مكة التي سرقها وارجاع الحجر الاسود الى مكانه ووضع ستار الكعبة عليها مجددا
فانه سياتيه بجيش لاقبل له بهم.اذعن القرامطة للتهديد، واعاد موسم الحج، بعد تعطيله لمدة تقارب
الاثنين وعشرين سنة.
تعريف كلمة القرامطة
الجدير بالذكر انه قد ورد في رسائل الحكمة شرح لمعنى كلمة القرامطة، وقيل ان ادم
الصفا عندما دعا الى التوحيد، اتبعه القرامطة الذين سموا بهذا الاسم لانهم كانوا يقرمطون (اي
يعبسون).ذكر البغدادي في كتابه “الفرق بين الفرق” ان القرامطة تنسب الى حمدان قرمط لقب بذلك
لقرمطة في خطه او في خطوه، وكان في ابتداء امره اكارا من اكرة سواد الكوفة
واليه تنسب القرامطة.
القرامطة في اليمن
اسس القرامطة دولة لهم في اليمن على يد علي بن الفضل، لم تعمر تلك الدولة
كثيرا، وانتهت بموت علي بن الفضل، ولم تترك اثارا هامة باليمن.
القرامطة والقبائل العربية
اتبعت قبائل الجزيرة العربية دعوة القرامطة، مثل بني هلال وبنو سليم وبنو معقل، وبنو كلب
وفزارة واشجع وغيرهم، وكانوا هم عماد جيش القرامطة الذي غزو به انحاء الجزيرة العربية والعراق
والشام ومصر، الى ان بدا الفاطميين في استقدام بني هلال وسليم وفزارة واشجع وبنو معقل
للاستقرار بمصر، فنزلت تلك القبائل في بحري وقبلي مصر واستقرت بصعيد مصر خصوصا لمدة تربو
على القرن، ثم شجعها الخليفة الفاطمي المستنصر بمشورة وزيره اليازوري للاستقرار بشمال افريقيا للقضاء على
الحركة الاستقلالية التي قادها عامل الفاطميين في افريقية (تونس اليوم)، فنزحت بنو هلال وبني سليم
وفزارة واشجع وبنو معقل من صعيد مصر الى شمال افريقيا فيما عرف بتغريبة بني هلال،
على اسم اكبر قبائل التغريبة، على انه بقيت بقية لتلك القبائل في مصر.
القرامطة وهجومهم على مكة
هاجم قرامطة البحرين مكة المكرمة في موسم الحج، وقتلوا زهاء ثلاثين الفا من اهل مكة
ومن الحجاج وسبوا النساء والذراري، وخلعوا باب الكعبة، وسلبوا كسوتها، واقتلعوا الحجر الاسود من مكانه،
واحتملوه الى بلادهم، واعملوا السلب والنهب في مكة، وعادوا الى البحرين يحملون الحجر الاسود حيث
ابقوه عندهم نحو اثنتين وعشرين سنة، ثم اعادوه الى مكة.[4]
القرامطة اقتصاديا
من الذين عرفوا خطورة تهريب المال والذهب خارج حدود الدولة فقاموا بصك نقود من الرصاص.
ذكر الباحث السوري محمد امين جوهر ان الدولة القرمطية كانت تقدم العون المادي لمن يستطيع
ان يبني عملا او حرفة او زراعة، وانهم قامو بشق الاقنية وزراعة النخيل، وكان يمنع
ذبح الحيوانات بين الناس. اما تمويل الدولة فكان من خلال الضرائب التي تاخذها نتيجة مشاركتها
في معظم الاعمال، وكان يدخل كذلك خزينة الدولة الضرائب، التي فرضها القرامطة على الدولة العباسية
ويذكر ان جيش المقتدر بالله الذي ارسله للقضاء على الدولة القرمطية كان يزيد على الثمانين
الف محارب وجيش القرامطة الذي تصدى له حسب ما اتفق عليه الباحثيين لم يتجاوز الفان
وسبعمائة رجل وجاء ذكر ذلك في رسالة ابي طاهر للخليفة المقتدر ويدل ذلك على مدى
تمسك الناس بدولة قامت بتامين العدالة الاجتماعية للناس وقضت على الفقر ودولة القرامطة وصلت الى
السلمية في سوريا على الحدود المصرية حيث قام العديد من الحروب بين القرامطة والفاطميين.
تالفت موارد بيت مال الامارة القرمطية من رسوم موانئ اوال وعقاراتها، ومن الاتاوات المفروضة على
الاقطار المجاورة مثل الكوفة والبصرة وعمان والشام[5]. وكانت ايرادات هذه الموارد تتجاوز المليون دينار سنويا.
ويضاف الى ذلك موارد اخرى تجبى من قوافل الحج السنوية ومن السفن المارة في ساحل
الاحساء ومن غنائم الغزوات، فضلا عن حصة الخزينة العامة من اللؤلؤ المستخرج من مياه الخليج[5].
نهاية القرامطة
في عام 931 م سلم ابو طاهر الجنابي -وهو قائد القرامطة في البحرين- زمام الدولة
في البحرين الى شاب فارسي كان قد راى فيه المهدي المنتظر.لكن ثبت ان ذلك القرار
كان مدمرا بالنسبة للحركة القرمطية فقد اقدم ذلك الشاب على اعدام بعض اعيان دولة البحرين
حتى وصل الامر الى سب محمد والانبياء الاخرين الامر الذي هز القرامطة والمجتمع الاسلامي ككل
مما اضطر ابو طاهر بالاعتراف انه قد خدع وان هذا الشخص دجال وامر بقتله[6].
لم تدم زعامه الشاب الفارسي الا 80 يوم الا انها اضعفت نفوذ القرامطة وكانت ايذانا
في بداية نهاية دولتهم.
تحولت الاعمال العدائية بين قرامطة البحرين والفاطميين الى حرب معلنة ابان عهد الامام المعز وذلك
في اعقاب الفتح الفاطمي لمصر سنة 969 م.وبحلول نهاية القرن العاشر كان قرامطة البحرين قد
تقلصوا الى قوة محلية وبحلول منتصف القرن الحادي عشر كانت الجماعات القرمطية في العراق وفارس
وماوراء النهر قد انحازت الى جانب الدعوة الفاطمية.[7].
بدا الضعف يسري في بنيان دولة القرامطة منذ نهاية القرن الرابع هجري، فاستغلت قبائل اقليم
البحرين هذه الفرصة واخذوا ينازعونهم السيادة[8]. وذكر ابن خلدون في تاريخه: ان الاصغر ابا الحسن
الثعلبي زعيم بني ثعلب في الاحساء قد تحالف مع بني مكرم رؤساء عمان لطرد القرامطة،
فاستولى بنو مكرم على عمان والاصغر على الاحساء وخطب فيها للخليفة العباسي[9].
وادى ضعف القرامطة الى ظهور ثلاث تكتلات في اقليم البحرين وهي:
بنو الزجاج في جزيرة اوال: ويقودها ابو بهلول الزجاجي من عبد القيس. كان ضامنا للمكوس
في جزيرة اوال.
امارة ال عياش في القطيف: من بني عبد القيس، قضوا على حكم البهلول في جزيرة
اوال، مما مكنهم من توحيدها مع القطيف.
العيونيون: بزعامة عبد الله بن علي العيوني. وهي اقوى واخطر تلك التكتلات[8].
عندما هزم القرامطة امام نفوذ ال البهلول المتنامي في جزيرة اوال بالبحرين وفقد العديد من
جنود وسفن القرامطة غرقا. ادى ذلك الى تدهورهم، وتخلت عنهم العديد من القبائل، فتعاهدت بعض
بطون ربيعة بن نزار على التخلص من نفوذ القرامطة، فامروا عليهم عبد الله بن علي
العيوني زعيم ال ابراهيم ومؤسس دولة العيونيون
الحرب مع العيونيون
صارت هناك بعض المناوشات العسكرية بين عبد الله بن علي العيوني والقرامطة، ولكنه لم يتمكن
من ازالتهم لكثرتهم مقارنة لما معه، وخاصة ان بعض القبائل بقيت متفرجة لتعرف من تكون
له الغلبة. فارسل سنة 465 ه / 1072 م[10] وقيل سنة 466 ه / 1073
م [11] وفدا الى الخليفة العباسي القائم بامر الله والسلطان السلجوقي ملك شاه ووزيره نظام
الملك يطلب منهم المدد لمواجهة القرامطة. فرحب به السلطان ملك شاه اشد الترحيب، فقد كانت
فرصته لكي يفرض سيادته على الاحساء ومنها على باقي اقليم البحرين، ولكي ينتقم من يحيى
بن عايش جراء مافعله بقائده كجكينا وبجيشه من قبل[10][12].
اشهر الشخصيات
حمدان بن الاشعث، المعروف ايضا باسم “قرمط”
ابو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي في اقليم البحرين
عبدان الداعية
ابو طاهر سليمان بن الحسن الهجري
ابو يعقوب يوسف بن الحسن الجنابي
يحيى بن زكرويه
ابو هارون الخطي
نظرة اهل السنة والجماعة للقرامطة
يعتقد اهل السنة والجماعة ان القرامطة هي حركة باطنية هدامة، تنتسب الى شخص اسمه حمدان
بن الاشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه وهو من عربستان في الاحواز ثم رحل الى
الكوفة، وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري، وكان ظاهرها التشيع لال البيت والانتساب الى
محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق.
عقائد القرامطة
القبائل العربية التي ساندت القرامطة
قبائل بني قيس
بنو كلاب
بنو ضبة
بنو الخريس
بنو عقيل
بنو اسد
بنو هلال
بنو سليم
بنو خفاجه
بنو نبهان
من اثار القرامطة الباقية لليوم
عين الكعيبة وهي عين عظيمة كانت تسقي غابات النخيل القريبة والبعيدة وهي جافة الان تقع
غرب مدينة القطيف بالمملكة العربية السعودية وميزة هذه العين بان القرامطة وضعوا الحجر الاسود بها
بعد ماسرقوه من مكة المكرمة.
يوجد اليوم في مصر قرية تعرف باسم “القرامطة شرق” بمركز ساقلتة،و”القرامطة غرب” بمركز سوهاج بمحافظة
سوهاج، وهي احد الاثار التي تخلفت عن استقرار تلك القبائل بصعيد مصر. ورد اسم تلك
القرية في القاموس الجغرافي لرمزي.
- دولة القرامطة وهدم الكعبة