مواضيع للرجال للنساء

الصدقة اليومية

الصدقة اليومية 20160818 29 1

الصدقة اليومية 20160818 29

الصدقة اليومية

من هدايات السنة النبوية 

الحمد لله الغني الجواد، الكريم الوهاب؛ يرزق من يشاء بغير حساب، يرفع ويخفض، ويعز ويذل،
ويعطي ويمنع، وكل شيء عنده بمقدار، نحمده على ما هدى وكفى، ونشكره على ما اعطى
واولى، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له؛ يرزق العباد من فضله،
ويفيض عليهم من رزقه، ويفتح لهم خزائنه، ويامرهم بالانفاق مما اعطاهم؛ ليكفر عنهم، ويضاعف اجرهم،
ويرفع درجاتهم، وهو الولي الحميد.

 

واشهد ان محمدا عبده ورسوله؛ كان اكرم الناس عطاء، واسخاهم نفسا، وانداهم يدا، واعظمهم برا،
لا يدخر شيئا لنفسه، ولا يرد من ساله، فما سئل شيئا قط فقال: لا، صلى
الله وسلم وبارك عليه وعلى اله واصحابه واتباعه الى يوم الدين.

 

اما بعد:

فاتقوا الله تعالى واطيعوه، واعملوا في دنياكم لاخرتكم، وخذوا من حياتكم لموتكم، ومن صحتكم لسقمكم،
واطفئوا بالصدقة غضب ربكم؛ فان الله تعالى يستقرضكم ما اعطاكم؛ ليضاعفه لكم، فتجدوه امامكم، في
يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، ﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا
فيضاعفه له اضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط واليه ترجعون ﴾ [البقرة: 245].

 

ايها الناس:

لا شيء الذ في الدنيا بعد الايمان ولوازمه من اسداء الخير للناس، وعون المحتاجين، واطعام
الجائعين، والتنفيس عن المكروبين، يجد لذة ذلك المؤمن والكافر، والبر والفاجر، وكان هذه اللذة التي
يجدها فاعل الخير؛ جزاء معجل للمؤمن على احسانه، مع ما ادخر له من عظيم الجزاء
في الاخرة، وهي من حسنات الدنيا المعجلة للكافر؛ حتى لا يكون له عند الله تعالى
حسنة يوم القيامة.

 

وفي حديث عظيم يطرق الاسماع كثيرا، نتعرف على جانب من جوانب فضل الانفاق والصدقة، ونستفيد
منه احكاما كنا عنها غافلين، وعلما كنا به جاهلين؛ فان العلم بالسنة علم بالوحي، والعلم
بالوحي هو اشرف العلوم؛ لانه علم بالله تعالى وبما يرضيه.

 

يروي هذا الحديث العظيم ابو هريرة رضي الله عنه، ان النبي صلى الله عليه وسلم
قال: “ما من يوم يصبح العباد فيه، الا ملكان ينزلان، فيقول احدهما: اللهم اعط منفقا
خلفا، ويقول الاخر: اللهم اعط ممسكا تلفا” متفق عليه.

 

وجاء بلفظ اخر عند احمد بسند صحيح: “ان ملكا بباب من ابواب السماء يقول: من
يقرض اليوم، يجزى غدا، وملكا بباب اخر يقول: اللهم اعط لمنفق خلفا، وعجل لممسك تلفا”.

 

وجاء هذا الحديث عن ابي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: “ما طلعت شمس قط الا وبجنبتيها ملكان يناديان: اللهم من انفق فاعقبه خلفا،
ومن امسك فاعقبه تلفا”؛ رواه احمد وصححه ابن حبان.

 

فهذا الحديث وما في معناه، اصل في الصدقة اليومية، وان من السنة ان يتصدق المؤمن
كل يوم بشيء، كما يدل على فضل الصدقة عند الله تعالى؛ اذ سخر ملكين ينزلان
من السماء كل يوم لاجل الدعاء للمنفقين، والدعاء على الممسكين، وهذا ظاهر في لفظ الحديث:
“ما من يوم يصبح العباد فيه، الا ملكان ينزلان”، وفي الحديث الاخر: “ما طلعت شمس
قط الا وبجنبتيها ملكان يناديان”، فاذا كان كذلك كانت الصدقة اليومية سببا في الحصول على
دعوة الملك بالخلف، كما ان فيها اتقاء لدعوة الملك بالتلف.

 

وفي دعاء الملكين للمنفق بالخلف، وعلى الممسك بالتلف: ان الملائكة يحبون الاعمال الصالحة، ويحبون من
ياتيها من البشر، ويدعون لهم، وانهم عليهم السلام يكرهون الاعمال السيئة، ويكرهون من يعمل بها
من البشر، ويدعون عليهم.

 

ودعاء الملائكة حري بالاجابة؛ لانهم ﴿ لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ﴾
{التحريم:6}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تدعوا على انفسكم الا بخير، فان الملائكة
يؤمنون على ما تقولون»؛ رواه مسلم.

 

والدعاء بالخلف على المنفق موافق لقول الله تعالى: ﴿ وما انفقتم من شيء فهو يخلفه
وهو خير الرازقين ﴾ {سبا:39}، فهو وعد من الله تعالى والله لا يخلف الميعاد.

 

والله تعالى يخلف على العبد ما انفق في الخير في الدنيا والاخرة بوعده سبحانه، وبدعاء
الملك للمنفق:

اما في الدنيا، فيدل عليه قول الله تعالى في الحديث القدسي: “يا ابن ادم انفق،
انفق عليك”؛ رواه الشيخان.

 

واما في الاخرة، فيدل عليه قوله تعالى: ﴿ ان تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم
ويغفر لكم ﴾ [التغابن: 17]، وقوله سبحانه: ﴿ واقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم
من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا ﴾ [المزمل: 20].

 

والنفقة التي يستحق صاحبها الخلف في الدنيا والاخرة، ويتناولها وعد الله تعالى، كما يتناولها دعاء
الملك عليه السلام هي النفقة الواجبة والمستحبة، فالنفقة الواجبة هي النفقة على الزوجة والاولاد، وبر
الوالدين بالعطاء، وصلة الارحام بالمال والهدايا؛ صلة ان كانوا اغنياء، وصدقة وصلة ان كانوا فقراء.

 

والنفقة المستحبة كالصدقة على الفقراء، وكفالة الايتام، والسعي على الارامل، والاهداء للجيران، وسائر الانفاق في
وجوه الخير.

 

وظاهر الحديث ان المنفق يتناوله دعاء الملك بالخلف؛ سواء انفق مالا، او اطعم طعاما، او
سقى ماء، او كسا كساء، او اعطى متاعا، او بذل اي شيء ينتفع به لمحتاج
اليه، وهذا يوسع دائرة الانفاق للمنفقين، لا من جهة النفقة ذاتها، ولا من جهة من
ينفق عليهم؛ مما يعين المؤمن على الالتزام بالصدقة اليومية، وعدم الاخلال بها؛ للدخول في دعوة
الملك بالخلف.

 

وكلما عظم الانفاق وتعدد، كان الخلف على المنفق عظيما ومتعددا.

 

وهذا الحديث العظيم ينبهنا الى لزوم استحضار النية الصالحة في النفقات الواجبة؛ لان الناس كلهم
ينفقون على اهلهم واولادهم، حتى الكفار والفساق، لكن صاحب النية الصالحة يحول هذا الانفاق الى
طاعة يؤجر عليها، وتدخله في دعاء الملك له بالخلف.

 

واذا استحضر المنفق النية الطيبة في نفقاته الواجبة، فانه يؤديها ببشاشة ورحابة صدر، وفرح بالانفاق؛
لانه مخلوف عليه في الدنيا والاخرة، وهذا يقضي على كثير من المشاكل الاسرية التي تنتج
عن التافف والضجر من كثرة الانفاق على الاسرة؛ فان كثيرا من الرجال لا يحضرون حاجات
اسرهم الا وهم يتمتمون بالسخط على ازواجهم واولادهم لكثرة طلباتهم، وايضا يحاسبون انفسهم على السرف،
والانفاق على محرم؛ لعلمهم ان ذلك غير مخلوف، ولا يتناوله دعاء الملك عليه السلام.

 

واما الممسك عن الانفاق، فمدعو عليه بالتلف: “اللهم اعط ممسكا تلفا”، وفي الرواية الاخرى: “وعجل
لممسك تلفا”، وفي الحديث الاخر: “ومن امسك، فاعقبه تلفا”، والمراد به الممسك عن النفقة الواجبة؛
كمانع الزكاة، والمقصر في الانفاق على من تجب عليه نفقتهم، ونحو ذلك، ومن تقاعس عن
النفقة المستحبة، خشي عليه من التقصير في النفقة الواجبة؛ لان النفس تروض على السخاء والبذل
كما تروض على الامساك والشح.

 

وهي دعوة تعامل الممسك بنقيض قصده؛ فانه انما امسك عن الانفاق الواجب عليه؛ شحا بالمال،
وخوفا عليه، فعوقب بدعوة تتلف ماله الذي امسكه.

 

والتلف المدعو عليه به؛ اما ان يتناول اصل ماله بخسارة، او جائحة تتلفه، واما ان
تنزع بركة ماله، فلا يكاد ينتفع به.

 

وبهذا نعلم اهمية هذا الحديث، وما فيه من العلم والفقه؛ لصلاح احوالنا، وضبط انفاقنا، والاحتساب
في واجباتنا، وكل منفق يحتاج الى هذا الحديث العظيم، وما فيه من دقائق الفقه، ولو
طبق الناس هذا الحديث حق التطبيق في الصدقة اليومية؛ لما بقي فيهم جائع ولا فقير،
ولا محتاج، ولو فقهه ارباب الاسر، لما نشات فيهم مشكلة سببها الانفاق، الذي هو غالب
اسباب المشاكل الاسرية، وارتفاع نسب الطلاق؛ ﴿ قل ان ربي يبسط الرزق لمن يشاء من
عباده ويقدر له وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ﴾ [سبا: 39].

 

بارك الله لي ولكم في القران.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/67285/#ixzz3a9KNUksR

السابق
مواضيع جميله جدا
التالي
افضل تمارين لازالة الكرش بالصور