من العلاج الشرعي ان يعالج السحر بالقراءة، فالمسحور يقرا عليه اعظم سورة في القران وهي
الفاتحة، تكرر عليه، فاذا قراها القارئ الصالح المؤمن الذي يعرف ان كل شيء بقضاء الله
وقدره، وانه سبحانه وتعالى مصرف الامور، وانه متى قال للشيء كن فانه يكون، فاذا صدرت
القراءة عن ايمان، وعن تقوى، وعن اخلاص، وكرر ذلك القارئ فقد يزول السحر ويشفى صاحبه
باذن الله.
وقد مر بعض الصحابة رضي الله عنهم على بادية قد لدغ شيخهم – يعني اميرهم
– وقد فعلوا كل شيء ولم ينفعه، فقالوا لبعض الصحابة: هل فيكم من راق؟ قالوا:
نعم. فقرا عليه احدهم سورة الفاتحة، فقام كانما نشط من عقال في الحال، وعافاه الله
من شر لدغة الحية، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ((لا باس بالرقى ما لم تكن
شركا))، وقد رقى ورقي عليه الصلاة والسلام، فالرقية فيها خير كثير، وفيها نفع عظيم، فاذا
قرئ على المسحور بالفاتحة، وباية الكرسي، وبقل هو الله احد، والمعوذتين، او بغيرها من الايات،
مع الدعوات الطيبة الواردة في الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل قوله صلى
الله عليه وسلم لما رقى بعض المرضى: ((اللهم رب الناس اذهب الباس واشف انت الشافي
لا شفاء الا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما)) يكرر ذلك ثلاث مرات او اكثر، ومثل
ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ان جبريل عليه السلام رقاه صلى الله عليه
وسلم بقوله: ((بسم الله ارقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس او عين
حاسد الله يشفيك، بسم الله ارقيك)) ثلاث مرات، فهذه رقية عظيمة وثابتة عن النبي صلى
الله عليه وسلم، يشرع ان يرقى بها اللديغ والمسحور والمريض، ولا باس ان يرقى المريض
والمسحور واللديغ بالدعوات الطيبة، وان لم تكن منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم اذا
لم يكن فيها محذور شرعا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا باس بالرقى ما
لم تكن شركا))، وقد يعافي الله المريض والمسحور وغيرهما بغير الرقية وبغير اسباب من الانسان؛
لانه سبحانه هو القادر على كل شيء، وله الحكمة البالغة في كل شيء، وقد قال
سبحانه في كتابه الكريم: انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون[16]، فله
سبحانه الحمد والشكر على كل ما يقضيه ويقدره، وله الحكمة البالغة في كل شيء عز
وجل وقد لا يشفى المريض؛ لانه قد تم اجله وقدر موته بهذا المرض.
ومما يستعمل في الرقية ايات السحر تقرا في الماء، وهي ايات السحر في الاعراف، وهي
قوله تعالى: واوحينا الى موسى ان الق عصاك فاذا هي تلقف ما يافكون * فوقع
الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين[17]، وفي يونس وهي قوله تعالى:
وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم[18]، الى قوله جل وعلا: ويحق الله الحق بكلماته ولو
كره المجرمون[19]، وكذلك ايات طه: قالوا يا موسى اما ان تلقي واما ان نكون اول
من القى[20]… الى قوله سبحانه: ولا يفلح الساحر حيث اتى[21]، وهذه الايات مما ينفع الله
بها في رقية السحر، وان قرا القارئ هذه الايات في الماء وقرا معها سورة الفاتحة،
واية الكرسي، وبقل هو الله احد، والمعوذتين في ماء ثم صبه على من يظن انه
مسحور، او محبوس عن زوجته فانه يشفى باذن الله، وان وضع في الماء سبع ورقات
من السدر الاخضر بعد دقها كان مناسبا، كما ذكر ذلك الشيخ عبد الرحمن بن حسن
رحمه الله في “فتح المجيد” عن بعض اهل العلم في باب “ما جاء في النشرة”
ويستحب ان يكرر قراءة السور الثلاث وهي: قل هو الله احد[22]، وقل اعوذ برب الفلق[23]،
وقل اعوذ برب الناس[24] ثلاث مرات.
والمقصود ان هذه الادوية وما اشبهها هي مما يعالج به هذا البلاء وهو السحر، ويعالج
به ايضا من حبس عن زوجته، وقد جرب ذلك كثيرا فنفع الله به، وقد يعالج
بالفاتحة وحدها فيشفى، وقد يعالج بقل هو الله احد والمعوذتين وحدها ويشفى.
ومن المهم جدا ان يكون المعالج والمعالج عندهما ايمان صادق، وعندهما ثقة بالله، وعلم بانه
سبحانه مصرف الامور، وانه متى شاء شيئا كان، واذا لم يشا لم يكن سبحانه وتعالى،
فالامر بيده جل وعلا، ما شاء الله كان وما لم يشا لم يكن، فعند الايمان
وعند الصدق مع الله من القارئ والمقروء عليه يزول المرض باذن الله وبسرعة، وتنفع الادوية
الحسية والمعنوية، نسال الله ان يوفقنا جميعا لما يرضيه، انه سميع قريب.
الواجب على كل من لديه علم من الكتاب والسنة ان يبلغ في بلاده، وفي مجتمعه،
وفي اهله، حتى يكون الناس على علم بهذه الامور، وحتى ينتشر العلم. ولهذا كان عليه
الصلاة والسلام اذا خطب الناس وذكرهم يقول: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ اوعى من سامع))،
ويقول: ((بلغوا عني ولو اية)).
فالواجب على من سمع من اهل العلم ان يبلغ الفائدة التي عقلها وفهمها، وليحذر ان
يبلغ ما لم يعقل وما لم يفهم؛ لان بعض الناس قد يبلغ اشياء يغلط فيها
فيكون كاذبا ومضرا بمن بلغ عنه وبالمبلغين، فلا يجوز له التبليغ الا عن علم، وعن
تحقق وبصيرة مما سمع حتى يبلغ كما سمع، وكما علم، من دون زيادة ومن دون
نقص، والا فليمسك حتى لا يكذب على من بلغ عنه، وحتى لا يضر غيره، وصلى
الله وسلم على نبينا محمد، وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين.