التنشئة الاجتماعية
التعريف
تعددت التعاريف التي اعطيت لهذه القطعة المفاهيمية حتى انه يصعب جمعها كلها. لكن ورد في
معجم المصطلحات العلوم الاجتماعية ان التنشئة الاجتماعية هي:
“العملية “التي يتم بها انتقال الثقافة من جيل الى جيل, والطريقة التي يتم بها تشكيل
الافراد منذ طفولتهم حتى يمكنهم المعيشة في مجتمع ذي ثقافة معينة.
ويدخل في ذلك ما يلقنه الاباء والمدرسة والمجتمع للافراد من لغة ودين وتقاليد وقيم ومعلومات
ومهارات…”.
وورد في معجم غرافيتس بانها” العملية التي من خلالها يتم ادماج الافراد في مجتمع معين
فيستوعبون القيم والمعايير والقواعد الرمزية ويعملون على تعلم الثقافة بشكل عام بفضل العائلة والمدرسة وكذلك
اللغة والبيئة..
فهي تمثل التعلم والتوافق فقد استخدمت لمعنى تحويل الملكية الفردية الى ملكية اجتماعية (وسائل انتاج)
في النظام الاشتراكي.
عرفها
تشيل بانها العملية الكلية التي من خلالها يتم توجيه الفرد نحو تنمية سلوكه الفعلي الى
ما هو معتاد وقبول اجتماعيا وفق ما يسير الجماعة التي
ينتمي اليها.
العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية :
العائلة هي اول عالم اجتماعي يواجهه الطفل ، وافراد الاسرة هم مراة لكل طفل لكي
يرى نفسه والاسرة بالتاكيد لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية ، ولكنها ليست الوحيدة في
لعب هذا الدور ولكن هناك الحضانة والمدرسة ووسائل الاعلام والمؤسسات المختلفة التي اخذت هذه الوظيفة
من الاسرة ، لذلك قد تعددت العوامل التي كان لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية
سواء كانت عوامل داخلية ام خارجية ، وسوف نعرض هذه العوامل من واقع مجتمعنا الفلسطيني
الذي نعيشه:
اولا : العوامل الداخلية :
1- الدين :
يؤثر الدين بصورة كبيرة في عملية التنشئة الاجتماعية وذلك بسبب اختلاف الاديان والطباع التي تنبع
من كل دين ، لذلك يحرص كل دين على تنشئة افراده حسب المبادئ والافكار التي
يؤمن بها .
2- الاسرة :
هي الوحدة الاجتماعية التي تهدف الى المحافظة على النوع الانساني فهي اول ما يقابل الانسان
، وهي التي تساهم بشكل اساسي في تكوين شخصية الطفل من خلال التفاعل والعلاقات بين
الافراد ، لذلك فهي اولى العوامل المؤثرة في التنشئة الاجتماعية ، ويؤثر حجم الاسرة في
عملية التنشئة الاجتماعية وخاصة في اساليب ممارستها حيث ان تناقص حجم الاسرة يعتبر عاملا من
عوامل زيادة الرعاية المبذولة للطفل .
3- نوع العلاقات الاسرية :
تؤثر العلاقات الاسرية في عملية التنشئة الاجتماعية حيث ان السعادة الزوجية تؤدي الى تماسك الاسرة
مما يخلق جوا يساعد على نمو الطفل بطريقة متكاملة .
4- الطبقة الاجتماعية التي تنتمي اليها الاسرة :
تعد الطبقة التي تنتمي اليها الاسرة عاملا مهما في نمو الفرد ، حيث تصبغ وتشكل
وتضبط النظم التي تساهم في تشكيل شخصية الطفل ، فالاسرة تعتبر اهم محور في نقل
الثقافة والقيم للطفل التي تصبح جزءا جوهريا فيما بعد .
5- الوضع الاقتصادي والاجتماعي للاسرة :
لقد اكدت العديد من الدراسات ان هناك ارتباط ايجابي بين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للطفل وبين
الفرص التي تقدم لنمو الطفل ، والوضع الاقتصادي من احد العوامل المسئولة عن شخصية الطفل
ونموه الاجتماعي .
6- المستوى التعليمي والثقافي للاسرة :
يؤثر ذلك من حيث مدى ادراك الاسرة لحاجات الطفل وكيفية اشباعها والاساليب التربوية المناسبة للتعامل
مع الطفل .
7- نوع الطفل (ذكر او انثى) وترتيبه في الاسرة :
حيث ان ادوار الذكر تختلف عن ادوار الانثى فالطفل الذكر ينمى في داخله المسئولية والقيادة
والاعتماد على النفس ، في حين ان الانثى في المجتمعات الشرقية خاصة لا تنمى فيها
هذه الادوار ، كما ان ترتيب الطفل في الاسرة كاول الاطفال او الاخير او الوسط
له علاقة بعملية التنشئة الاجتماعية سواء بالتدليل او عدم خبرة الاسرة بالتنشئة وغير ذلك من
العوامل . ( عبد الخالق عفيفي ،1987 : ص27 )
ثانيا : العوامل الخارجية :
1- المؤسسات التعليمية :
وتتمثل في دور الحضانة والمدارس والجامعات ومراكز التاهيل المختلفة .
2- جماعة الرفاق :
حيث الاصدقاء من المدرسة او الجامعة او النادي او الجيران وقاطني نفس المكان وجماعات الفكر
والعقيدة والتنظيمات المختلفة .
3- دور العبادة :
مثل المساجد والكنائس واماكن العبادة المختلفة .
4- ثقافة المجتمع :
لكل مجتمع ثقافته الخاصة المميزة له والتي تكون لها صلة وثيقة بشخصيات من يحتضنه من
الافراد ، لذلك فثقافة المجتمع تؤثر بشكل اساسي في التنشئة وفي صنع الشخصية القومية .
5- الوضع السياسي والاقتصادي للمجتمع :
حيث انه كلما كان المجتمع اكثر هدوءا واستقرارا ولديه الكفاية الاقتصادية كلما ساهم ذلك بشكل
ايجابي في التنشئة الاجتماعية ، وكلما اكتنفته الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي كان العكس هو
الصحيح .
6- وسائل الاعلام :
لعل اخطر ما يهدد التنشئة الاجتماعية الان هو الغزو الثقافي الذي يتعرض له الاطفال من
خلال وسائل الاعلام المختلفة وخاصة التليفزيون ، حيث يقوم بتشويه العديد من القيم التي اكتسبها
الاطفال اضافة الى تعليمهم العديد من القيم الاخرى الدخيلة على الثقافة الفلسطينية وانتهاء عصر جدات
زمان وحكاياتهن الى عصر الحكاوي عن طريق الرسوم المتحركة .
عناصر التنشئة الاجتماعية
ا- الفرد:
الفرد : هو موضوع التشكيل الاجتماعي، ومن اجله كانت التنشئة الاجتماعية. ويدخل في مكون الفرد
البنية البيولوجية التي يتمتع بها، والتي تتفاعل مع المنبهات الاجتماعية الخارجية التي بموجبها تحدث عملية
التنشئة. يضاف الى ذلك العناصر الوراثية في الانسان، والتي تتدخل في استجابات الفرد نحو محيطه،
وتصنيف سلوكه الاجتماعي. كما يدخل في هذا المكون، البنية المعرفية الفكرية التي يتمتع بها الفرد.
باعتبار انها تتدخل في تحديد ادراكات الفرد الاجتماعية، ومن خلالها يتحدد سلوكه الاجتماعي.
يضاف الى ما سبق، اتجاهات الفرد الاجتماعية نحو الاشياء المحيطة به، التي تتدخل بشكل كبير
في تحديد سلوكه الاجتماعي. ومن جهة اخرى، فالتنشئة الاجتماعية عملية بناء للاتجاهات الاجتماعية الايجابية، واضمار
للاتجاهات السلبية.
وتدخل عناصر اخرى في بناء هذه الاتجاهات، كالمزاج، والحب، والكره، والميول
ب- مضمون التنشئة الاجتماعية:
التنشئة الاجتماعية هي عملية تمرير لرسالة تربوية للافراد محل التشكيل الاجتماعي.
هذه الرسالة تتضمن مواضيع مختلفة يراد ترسيخها وتاسيسها في نفوس الافراد.
فعملية التنشئة الاجتماعية تحمل انماطا سلوكية معينة، كالشجاعة والصبر وغير ذلك. وتعمل الاسرة او اي
مؤسسة اجتماعية اخرى، على تعليمها للطفل، عن طريق السلوك النموذجي للابوين. والطفل يقلد هذا السلوك
عن طريق الملاحظة، او عن طريق التلقين المستمر، او عن طريق عرض الاحداث.
والتنشئة الاجتماعية تحمل في طياتها اللغة التي هي اداة اتصال بين الافراد، فهي اول شيء
يبدا الطفل في تعلمه من ابويه. والتي تسمح له بالاتصال والتفاهم مع افراد محيطه، وتلبية
حاجاته النفسية الاجتماعية (عشوي مصطفى 1994).
والتنشئة الاجتماعية هي عملية تمرير للقيم الدينية والخلقية والثقافية من جيل الى جيل. وبذلك تكون
عملية التنشئة الاجتماعية عملية حضارية تحمل في طياتها قيم علاقات التعامل الاجتماعي بين الافراد، كالتعاون
والتكافل الاجتماعي والعدالة الاجتماعية (النعمي عبد الله 1988).
والتنشئة الاجتماعية تتضمن عملية ضبط اجتماعي للفرد. فعن طريقها تتعلم الاجيال الجديدة المعايير الاجتماعية، والحقوق
والواجبات داخل المجتمع. وتحقق التنشئة الاجتماعية هذا الضبط الاجتماعي عن طريق تحليل التراث الاجتماعي والظروف
البيئية، واختيار العناصر الصالحة فيها، والتي تؤدي الى نمو صالح للفرد والمجتمع. ويعضد هذا الامر،
تنمية الاتجاهات الايجابية لدى الفرد نحو العناصر المشتركة والجيدة في البناء الاجتماعي (عفيفي محمد الهادي،
جلال عبد الفتاح 1972).
ج- المؤسسة الاجتماعية: وتنقسم الى:
المؤسسات التقليدية:
كالاسرة، وهي اول محيط يتعامل معه الطفل عند ولادته، والذي يتمحور اساسا حول الاب والام.
والاسرة كانت المؤسسة التي تهيمن على عملية التنشئة الاجتماعية لافرادها، ثم تقلص دورها بظهور مؤسسات
اجتماعية جديدة اخذت دور الاسرة وهناك المدرسة، والمسجد وهي ايضا تعتبر مؤسسات تقليدية بالنظر الى
المؤسسات الحديثة, التي نشات نتيجة للتطور التكنولوجي والتقدم المدني.
المؤسسات الحديثة:
مثل وسائل الاعلام التي تعتبر مؤسسة ذات فعالية فائقة في التنشئة الاجتماعية والتاثير على الاشخاص
وبناء الاتجاهات وتوجيه الراي العام ومن المؤسسات الحديثة في التنشئة النوادي الرياضية والثقافية التي تستقطب
الكثير من الافراد التي انشات خصيصا لشغل وقت فراغ الفرد وتزويده بالخبرات الاجتماعية .