نسمع في الايام الاخيرة موضة من الاسماء الجديدة للمواليد والتي قد يستغرب من بعضها ك(
شيفان ، روسيل ، تالين ) وغيرها من الاسماء التي قد يفهم معناها او لا
يفهم ، او لا تكون هي اصلا ذات معنى . منها ما هو مستورد ومنها
المبتدع كما يقول بعضهم ( تصنيفة ) . لذا يقولون ” الاسم عنوان المسمى ”
، فهو بيان لهوية الشخص وارتباطه بنسب ابيه ، فكان لزاما على الاب خصوصا ان
يختار الاسم المناسب لولده و لا يقلد شرقيا ولا غربيا ولا يتبع موضة ولا هوى
، فان كانت فرنسا قد اصدرت القوانين لضبط اختيار اسماء مواليدهم حتى لا يخرج عن
هويتهم التاريخية ، وان كانت بلغاريا قد الزمت مسلميها بتغيير اسمائهم الاسلامية ، فنحن احق
واولى بان نحتفظ ونتشبث بهويتنا وتاريخنا .
الناظر في سنة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يرى انه قد اهتم بقضية اختيار
اسم المولود ايما اهتمام ، ففي حديث ابي الدرداء رضي الله عنه قال ؛ قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ( انكم تدعون يوم القيامة باسمائكم واسماء ابائكم فاحسنوا
اسماءكم ) ، ولان للمولود حق في ان يكون اسمه جميلا فسيصبح المنادى به بين
الناس ، وفي يوم القيامة حين يذكر بين الخلائق بفلان ابن فلان ، فان لم
يكن حسنا سبب له ذلك من الضيق والحرج ما يجعله يكره اباه وامه لسوء اختيارهم
.
وقد صنف بعض العلماء الاسماء حسب افضليتها الى خمس مراتب
• الاولى : اسمي عبد الله وعبد الرحمن ، وذلك لما صح عن النبي صلى
الله عليه وسلم انه قال : ( احب الاسماء الى الله عبد الله وعبد الرحمن
) رواه مسلم في صحيحه 1398 .
• الثانية : سائر الاسماء المعبدة لله عز وجل : مثل عبد الرؤوف وعبد العظيم
وعبد الجليل وعبد الواحد وغيرها .
• الثالثة : اسماء الانبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، ولاشك ان خيرهم وافضلهم وسيدهم
هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن اسمائه كذلك احمد ، ثم اولوا
العزم من الرسل وهم ابراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ثم سائر الانبياء
والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه .
• الرابعة : اسماء عباد الله الصالحين ، وعلى راسهم صحابة نبينا الكريم ، وبناته
وازواجه الطاهرات امهات المؤمنين ، فيستحب التسمي باسمائهم الحسنة اقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة .
• الخامسة : كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل وذو فال وخير ، مثل
حسام ومهند و ندى وهدى وغيرها.
ولهذا ينبغي ان يحرص الاب او الام عندما يختاران اسم مولودهما على استحضار نية الاسم
للمسمى لينال سر من سمي بهذا الاسم من قبله كنبي او رجل صالح او امراة
صالحة فيكون اثره ظاهرا على ولدهما ، والعكس بالعكس ، فمن احب رجلا فاسقا او
كافرا كلاعب كرة او ممثل فسمى ابنه باسمه ظهر اثره عليه ، ويدل على ذلك
فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كان الصحابة من اسمه صعب فسماه
النبي صلى الله عليه وسلم سهلا ، ومنهم من اسمه حزن فقال له صلى الله
عليه وسلم ” انت سهل ” قال: لا اغير اسما سمانيه ابي, قال ابن المسيب
– وهو حفيد حزن رضي الله عنهم- :فما زالت الحزونة فينا بعد .
وذكر الرواة لذلك قصة طريفة، فقد سال عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا عن
اسمه, فقال :جمرة, فقال : واسم ابيك ؟ قال: شهاب ,قال: ممن؟ قال: من الحرقة,
قال :فمنزلك ؟ قال: بحرة النار, قال: فاين مسكنك؟ قال :بذات لظى, قال: اذهب فقد
احترق مسكنك فذهب فوجد الامر كذلك . فعبر عمر من الالفاظ الى ارواحها ومعانيها, كما
عبر النبي صلى الله عليه وسلم من اسم سهيل الى سهولة امرهم يوم الحديبية, فكان
الامر كذلك .
ومن الاسماء التي يكره التسمي بها اسماء الملائكة والاشرار والعصاة والهالكين وكل اسم قبيح ،
وكل ما فيه سخرية ، وكل ما يحمل معنى رخو او يدل على معصية ،
وبعضها يحرم كعبد النبي وعبد الامير وغيرها .
وتسن تسمية المولود في اليوم الاول
كما ورد عن انس بن مالك انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ” ولد لي الليلة غلام فسميته باسم ابي ابراهيم .. ” . رواه
مسلم 3126 .وتسن كذلك في اليوم السابع ، ذكرت ذلك عائشة فقالت : عق رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع وسماهما . رواه ابن حبان
( 12 / 127 ) والحاكم ( 4 / 264 ). وللعلماء بحث في ايهما
افضل ، اليوم السابع ام الاول ؟.
ويستحب للاب والام طلب المشورة في اختيار الاسم من عالم او صالح ، فقد كان
ذلك من داب الصحابة رضوان الله عليهم ، فمن رزق منهم بمولود اخذه وعرضه على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسميه .
وهنا اذكر دقيقة ، وهي لفظة ( ابن ) التي نكاد لا نسمعها الا نادرا
حينما يذكر اسم الرجل فيقال (فلان فلان ) ولا يقال ( فلان ابن فلان )
، فهذا دخيل على امتنا ولم يكن معروفا قبل القرن الرابع عشر ، ولا في
الامم غيرنا ، وانما ظهر هذا الاسقاط في اوروبا عندما كثر التبني للاولاد ، فكان
الابن من صلبه ينادى ب( فلان ابن فلان ) ومن كان من غير صلبه يقال
له ( فلان فلان ) ، ثم عم الاسقاط حتى سرى على البلاد الاسلامية ،
وقد كانت العرب لا تعرف ذلك ولا تقره لسانها .