أحكام النكاح : الزواج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على رسول الله وسلم وعلى ءاله وأصحابه الطيبين وبعد.
فإن معرفة أحكام النكاح وتعلمها من المهمات الضرورية الواجبة على من يريد الزواج، كمعرفة شروط
صحة عقد النكاح، وما يفسخه كالطلاق، ومعرفة ما يجب للزوجة على زوجها، وما يجب له
عليها؛ وذلك أن جهل هذه الأمور والإخلال بها يؤدي إلى مفاسد منها المعاشرة بالحرام، فكان
عقد النكاح يحتاج إلى مزيد احتياط وتثبت، ويكون ذلك بتعلم أحكامه بالتلقي من معلم عارف
بها وتطبيقها.
النكاح شرعا : عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح، أو تزويج، أو بترجمته.
والأصل فيه قبل الإجماع ءايات كقوله تعالى: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث
وربع [3]﴾ [سورة النساء]، وأخبار كخبر : “تناكحوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة” رواه
البيهقي والترمذي.
والنكاح يسن لمن به حاجة إليه مع القدرة على الأهب، وهو أن يجد الشخص :
المهر، وكسوة فصل، ونفقة يوم النكاح، تحصينا للدين ؛ وأما غير المحتاج إليه فإن فقد
أهبته كره له، فإن احتاج إلى شخص يخدمه يستأجر استئجارا.
ويسن في الزوجة :
– أن تكون دينة، لخبر الصحيحين : “تنكح المرأة لأربع : لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها،
فاظفر بذات الدين تربت يداك” رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
– وأن تكون بكرا، فنكاح البكر أفضل من نكاح الثيب.
– وأن تكون ذات نسب، وأما نكاح بنت الزنى فمكروه إلا إذا نوى أن يعفها،
فعندئذ يكون سنة فيه ثواب.
– وأن تكون ولودا، ودودا غير عبوسة بوجه زوجها، غير ذات قرابة قريبة كبنت العم،
ولا يدخل في ذلك بنت ابن العم.
ويجوز للحر أن يجمع بين أربع من الحرائر في ءان واحد لقوله تعالى : ﴿فانكحوا
ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث وربع [3]﴾ [سورة النساء].
ونظر الرجل إلى المرأة على أضرب منها :
1. نظره إلى المرأة الأجنبية غير حليلته: فغير جائز مطلقا إذا كان إلى غير وجهها
وكفيها، أو كان إلى الوجه والكفين مع الشهوة، فإن كان بلا شهوة وخوف فتنة حل
النظر إليهما، وهذا ما عليه الجمهور. وأما عورتها أمام الأجانب فجميع بدنها سوى وجهها وكفيها،
وقد نقل الإجماع على ذلك القاضي عياض المالكي وابن حجر الهيتمي الشافعي وقال (أي ابن
حجر): إنه لا يلزم من منع ولاة الأمور للنساء الخروج سافرات أي كاشفات الوجه للمصلحة
العامة وجوب تغطية الوجه والكفين عليهن أمام الأجانب. اه.
2. ونظره إلى زوجته : فيجوز له أن يلمس وينظر إلى أي موضع منها.
3. ونظره إلى ذوات محارمه : فيجوز إلى ما عدا ما بين السرة والركبة، والمحرم
من حرم نكاحها على التأبيد بسبب نسب، أو رضاع، أو مصاهرة، كالبنت، والأخت من الرضاع،
وأم الزوجة.
4. ونظره إلى المرأة إذا أراد الزواج بها : فيجوز له أن ينظر إلى وجهها
وكفيها ظاهرهما وباطنهما، إذ يستدل بالوجه على الجمال وبالكفين على خصوبة البدن.
ونظره إلى المرأة عند مداواتها : فيجوز إلى المواضع التي يحتاج إليها، وإن كان يكتفي
بمجرد الجس بدون نظر اقتصر على ذلك، وهذا إذا لم يكن طبيبة أنثى وإلا فلا
تذهب المرأة إلى الطبيب الذكر إلا للضرورة.
عقد النكاح
وعقد النكاح يحتاج إلى مزيد احتياط وتثبت على غيره من العقود، نظرا لما يترتب على
الإخلال بشرط من شروطه.
شروط النكاح: لا يصح عقد النكاح إلا بولي وشاهدين، وزوجين خاليين من موانع النكاح، وإيجاب
: كقول الولي زوجتك، أو أنكحتك ابنتي، وقبول : كقول الزوج قبلت نكاحها، أو تزويجها،
أو هذا النكاح أو التزويج.
ويجوز للمسلم أن يتزوج من المسلمة، واليهودية، والنصرانية ؛ ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج بغير
المسلم.
ويصح العقد بأي لغة من اللغات، لكن يشترط أن يعرف الشاهدان اللغة التي يجري بها
الولي العقد.
ويشترط في الولي والشاهدين :
– أن يكونوا مسلمين، وهذا في غير ولي الذمية أي اليهودية أو النصرانية، وأما اليهودية
أو النصرانية فإذا زوجها أبوها الذي هو على دينها لمسلم صح العقد.
– وأن يكونوا مكلفين، أي بالغين عاقلين، فلا ولاية لصبي أو مجنون.
– وأن يكونوا عدولا أي بحسب الظاهر فينعقد بالمستور العدالة من كل من الولي والشاهدين
وهو المعروف بها ظاهرا لا باطنا.
والعدل هو المسلم المجتنب للكبائر، غير المصر على الصغائر، المحافظ على مروءة أمثاله، السليم السريرة،
المأمون الغضب.
– ويشترط في الشاهدين : سمع، وبصر، وضبط، ونطق، وفقد للحرف الدنيئة، فلا تصح شهادة
الأعمى، والأصم، والأخرس، ومن لا يضبط الكلام، ومن يحترف حرفة دنيئة.
– وأولى الولاة الأب، ثم الجد أبو الأب، ثم الأخ للأب والأم، ثم الأخ للأب،
ثم ابن الأخ للأب والأم، ثم ابن الأخ للأب، ثم العم للأب والأم، ثم العم
للأب، ثم ابن العم للأب والأم، ثم ابن العم للأب، فإذا لم يوجد أحد من
العصبات فولي النكاح المولى المعتق أي الذي كان سيدها ثم أعتقها إن كان سبق لها
أن كانت أمة ؛ فإذا لم يوجد فولي النكاح الحاكم وهو السلطان أو الخليفة أو
من ينوب منابه من ولاة كالقاضي. ويشترط مراعاة هذا الترتيب في الأولياء فإذا زوج واحد
من هؤلاء وهناك من هو أقرب منه ممن اكتملت فيه الشروط لم يصح العقد.
ولا يجوز للرجل أن يصرح بخطبة المعتدة الرجعية أو البائن سواء كان سبب العدة طلاقا،
أو موتا، أو فسخا ؛ ويحرم عليها التصريح بالقبول كذلك، كأن يقول لها : أريد
أن أتزوجك، فتقول : أنا موافقة، وهذا لغير صاحب العدة، أما صاحب العدة فيجوز له
إذا صرح بخطبتها، كأن كان طلقها طلقة أو اثنتين أو خالعها على مال، وهي لا
يحرم عليها أن تجيب بالموافقة.
وأما التعريض وهو ما يحتمل الرغبة في النكاح وغيرها فجائز للبائن، كالمرأة المعتدة التي في
عدة الوفاة أو الطلاق الثلاث، وذلك كأن يقول لها : رب راغب فيك، ثم يتزوجها
عند انقضاء عدتها.
وتحرم الخطبة على الخطبة بعد التصريح بالإجابة ما لم يأخذ من الرجل الذي خطب أولا
إذنا بذلك، أو يعرض أهل المرأة عن الأول.
وأما المنكوحة فخطبتها حرام فلا يجوز أن يقول رجل لإمرأة متزوجة : أريد أن أتزوجك.
ويجوز للأب والجد إن لم يكن الأب أن يجبرا البكر على الزواج ممن هو كفء
لها، ويجد مهرها حالا ؛ وأما الثيب وهي التي زالت بكارتها بجماع فلا يجوز إجبارها
على النكاح، بل لا بد من إذنها الصريح بعد بلوغها.
خطبة عقد النكاح
يستحب أن يخطب بين يدي العقد خطبة، وأفضلها ما رواه أبو داود وغيره عن عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
خطبة الحاجة : “الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهد الله
فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ان لا إله إلا الله وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله، ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق
منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله
كان عليكم رقيبا [1] ﴾[سورة النساء] ﴿يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا
تموتن إلا وأنتم مسلمون [102] ﴾ [سورة ءال عمران] ﴿يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم
ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما [71] ﴾ [سورة الأحزاب]“. واعلم أن هذه
الخطبة سنة، ولو لم يأت بشىء منها صح النكاح باتفاق العلماء، ولا عبرة بمن خالف
ذلك ممن لا ينخرق الإجماع بمخالفته.
ما يقال للزوج بعد عقد النكاح
السنة أن يقال له : بارك الله لك، وبارك الله عليك، وجمع بينكما في خير.
ويستحب أن يقال لكل واحد من الزوجين : بارك الله لكل واحد منكما في صاحبه،
وجمع بينكما في خير. روى أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن أبي هريرة رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفا الإنسان _ أي إذا
تزوج _ قال : “بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير“، قال الترمذي
: حديث حسن صحيح.
ما يقال عند الجماع
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : “لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان،
وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره“، وفي رواية للبخاري : “لم يضره
شيطان أبدا“.
ما يقال عند الولادة
روى أبو داود والترمذي عن أبي رافع رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسين
بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة“. ويستحب أن يؤذن في أذنه اليمنى، ويقيم في أذنه
اليسرى.
بيان من يحرم على الرجل نكاحها
– وأما فيمن يحرم على الرجل من نساء قرابته، فقد ذكر بعض العلماء ضابطا في
ذلك وهو : تحرم نساء القرابة إلا من دخلت باسم ولد العمومة أو ولد الخؤولة،
فلا تحرم بنت الخال وبنت الخالة، وبنت العم وبنت العمة وإن قربت ؛ قال تعالى
: ﴿حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت [23]﴾ [سورة النساء].
– ويحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “يحرم
من الرضاع ما يحرم من النسب“، رواه الشيخان.
– ويحرم بطريق المصاهرة زوجات الأب وإن علا كالجد، وزوجات الإبن وإن سفل كابن الابن،
سواء كن من نسب أو رضاع، لقوله تعالى : ﴿وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم [23]﴾
[سورة النساء]، فلا يجوز للرجل أن يتزوج زوجة أبيه، ولا زوجة جده، ولا زوجة ابنه،
ولا زوجة ابن ابنه، ويجوز لها أن تكشف أمامه ما تكشفه أمام محارمها كرأسها وساقيها،
وأن تختلي به.
– ويحرم بالمصاهرة أيضا أمهات الزوجة، فإنهن يحرمن بمجرد العقد لقول الله تعالى : ﴿وأمهات
نسآئكم [23] ﴾ [سورة النساء] ؛ وكذلك تحرم بنات الزوجة بعد العقد والدخول لقوله تعالى
: ﴿وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسآئكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن
فلا جناح عليكم [23] ﴾ [سورة النساء].
– ويحرم من جهة الجمع أخت الزوجة سواء كانت الأختان شقيقتين أو من الأب أو
الأم، من نسب أو من رضاع لقوله تعالى : ﴿وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما
قد سلف{23}﴾ [سورة النساء].
– يحرم أيضا الجمع بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها.
الصداق، المهر
الصداق هو المهر، والأصل فيه قول الله تعالى : ﴿وءاتوا النساء صدقاتهن نحلة [4]﴾ [سورة
النساء]، وقوله : ﴿وءاتوهن أجورهن [25]﴾ [سورة النساء] أي مهورهن، وقول النبي صلى الله عليه
وسلم : “التمس ولو خاتما من حديد“، رواه البخاري.
وإنما سمى الله تعالى المهر نحلة أي عطية لأنه ليس في مقابله غرم على المرأة،
وذلك لأنه في مقابل أن الرجل يملك حق الاستمتاع بها قال تعالى : ﴿فما استمتعتم
به منهن فآتوهن أجورهن [24]﴾ [سورة النساء] أي لأنكم تملكون حق الاستمتاع بهن أعطوهن مهورهن.
وتسمية المهر في العقد سنة ولو كان قليلا، فإن لم يسم المهر صح العقد.
ويثبت المهر بالفرض منهما بأن يتفقا على قدر قليل أو كثير، أو بفرض الحاكم، كأن
يختلفا على قدره فينظر الحاكم إلى ما يليق بها من المهر بحسب العادة، فما يقدره
الحاكم يثبت سواء في ذلك رضاهما وعدمه أو رضي أحدهما دون الآخر ؛ فإن لم
يتراضيا على شىء ولم يعين الحاكم ووطئها ثبت لها مهر مثلها، ومعنى مهر مثلها :
ما يرغب به في مثل نساء عصباتها، كأخواتها الشقيقات، وأخواتها من الأب، وبنات أخيها مع
اعتبار السن، والعقل، واليسار، والبكارة، والثيوبة، والجمال، والعفة، والعلم، والفصاحة.
ويشترط أن يكون الصداق معلوما فلا يصح أن يصدقها شيئا مجهولا، كأن قال : زوجتك
بنتي ببيت من بيوتك.
ويسن أن لا ينقص عن عشرة دراهم خالصة، وأن لا يزاد على خمسمائة درهم خالص.
وإذا طلق الزوج زوجته قبل أن يطأها سقط عنه نصف المهر إن كان دينا، وإن
كان عينا يعود له النصف لقول الله تعالى : ﴿وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن
وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم [237] ﴾ [سورة البقرة].
ويجوز للمرأة أن تحبس نفسها عن زوجها حتى تقبض مهرها، أي الحال منه وليس المؤخر،
أما المؤخر فتطالبه به بعد الوطء إلا إذا أجل إلى أجل معين فلا تطالب به
حتى تمضي المدة.
وليمة العرس
وأما الوليمة على العرس فهي مستحبة، وتحصل سنة الوليمة بإطعام اللحم للمتمكن وغيره، وبغير اللحم،
ووقتها موسع من حين العقد فيدخل وقتها به، والأفضل فعلها بعد الدخول.
والإجابة إليها واجبة إلا لعذر منها : أن يكون هناك منكر لا يزول بحضوره كشرب
الخمر، والضرب بآلات الملاهي، فإن كان لا يزول إلا بحضوره وجب حضوره للدعوة وإزالة المنكر.
فإن كان المدعو صائما صيام نفل وشق على الداعي استمراره على الصوم فالفطر له أفضل.
- أحكام الزواج pdf
- احكام الزواج في الاسلام pdf
- وليمة العرس pdf
- الزواج في الاسلام
- الزواج
- الحديث ألشريف عن ألر سول
- الاسلام وأحكامه
- الإسلامpdf
- احكام الزواج والنكاح في الااسلام بدف
- أحكام الزواج في سورة النساء pdf